أكبر من «النكسة» التي اعترف بها نصر الله..!
“المدارنت”..
لا يماري أحد في أن ما يتعرض له «حزب الله»، وبالتبعية لبنان، كاملاً، أكبر من النكسة التي أقرّ بها أمينه العام، (السيّد) حسن نصر الله، عقب موجتيّ تفجير أجهزة «البيجر» واللاسلكي، وما أوقعتاه من قتلى ومصابين.
والنكسة هي تعبير يرى كثيرون، استناداً إلى تجربة يونيو/ حزيران 1967، أنه تعبير مخفف عن هزيمة فادحة والتفاف على تبعاتها، والسؤال الآن: لمن الهزيمة في هذه الجولة من المواجهة بين التيار الذي يمثله «حزب الله» وإسرائيل؟.
لا شك أن المهزوم الأول هو هذا التيار المحتكر لفكرة المقاومة والزاعم للانفراد براية الدفاع عن القضية الفلسطينية، والمخوّن لما سواه، وهو زعم صلح في فترات ومواجهات سابقة وأكسب هذا التيار شعبية في الشارع العربي والإسلامي قبل أن تسيطر على قراره قوة إقليمية، وإلى ذلك يعزى الخذلان الذي تعرضت له «حماس» بعد أن بدأت طوفانها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
أمام ما تعرض له الفلسطينيون في غزة منذ بدء طوفان «حماس» والرهانات تزداد على تدخل بقية أطراف ما يعرف بـ«محور المقاومة»، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، وبقي «حزب الله» وإيران محافظين على قواعد اشتباك حذر مع الجانب الإسرائيلي، رغم ما نسب إليه من أعمال تستدعي الاستنفار والرد القوي عليها، بما في ذلك اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، في قلب طهران، ومقتل عدد من أبرز قادة الحزب.
تعلل الحزب ولا يزال بأن دوره «الإسناد» لجبهة غزة، وليس الانخراط فيها بشكل مباشر، وأن تهديداته للشمال الإسرائيلي جهد عسكري مؤثر، وقال مدافعون عنه: إن تدخله «المحسوب» في المعركة غايته الحفاظ على لبنان المهدد بالاستهداف كاملاً.
ورغم ذلك، حصل الاستهداف فعلاً، ودخل لبنان دائرة التهديد من ثغرة «حزب الله» الذي بان أنه كان يخفي عجزه عن الاشتباك والرد على اغتيال قادته، وكشفت تفجيرات «البيجر» واللاسلكي أن قوة الحزب في الأذهان لم يعد يعبر عنها إلا خطابات أمينه العام الذي اعترف في النهاية بـ«نكسة»، ولولا آثار الهزيمة التي تتوالى ما أقدم على الإقرار بها.
ومن أسف أن هذه الهزيمة لا تطال الحزب وحده، بل تمتد تبعاتها إلى نفسية اللبناني، وهو يرى بلده الماضي بغير قيادة في قلب نار أشعلتها رهانات الحزب وتعجز عن إطفائها.
إن كانت الأخوة تقتضي إسعاف المصاب في التفجيرات والتعالي على التبعية السياسية، فإنها لن تمحو مخاوف اللبناني الذي، وإن اختلف مع «حزب الله»، كان يطمئن بعض الشيء إلى قوته المفترضة وقدرته على الصمود في وجه التهديد، لكنه الآن يرى الخطر قادماً من جبهته.
ليس اللبناني وحده من تطاله تبعات الهزيمة، فكل من راهن على الحزب واستعاد دوره في مواجهات سابقة، صامت متأمل بعد أن بعثرت موجات التفجير قناعاته وتركته نهباً للخشية مما هو آت.