أورتاغوس في بيروت.. ديبلوماسية نجمة داوود!

“المدارنت”..
خلال زيارتها الثانية إلى لبنان، لاح أن مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الرئاسي الأمريكي إلى الشرق الأوسط، قد أشفقت على مستضيفيها اللبنانيين، فنقلت نجمة داوود من خاتم في أصابع يدها خلال زيارة شباط/ فبراير الأولى، إلى قلادة في جيدها.
أكثر من ذلك، عمدت إلى إزاحة الرمز الصارخ إلى الخلف أو أخفته تحت الثياب، الأمر الذي لم تتردد أبواق تعزف لصالح هذا المسؤول اللبناني أو ذاك في اعتباره تفصيلاً إيجابياً، يُضاف إلى صفات «جيدة وبناءة وإيجابية» التي أغدقها الرؤساء الثلاثة على اجتماعاتهم مع أورتاغوس.
إلى هذا كانت لافتة لائحة اجتماعات أورتاغوس الحافلة، التي ابتدأت من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي، حيث أشارت التقارير إلى ان «الخلوات» مع الثلاثة فرادى استغرقت من الوقت أكثر من اللقاءات الجماعية مع الوفود. كذلك اجتمعت مع وزراء الخارجية والمال والاقتصاد والطاقة والصناعة والأشغال والنقل والتنمية الإدارية، ثم حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش وكلاهما جديد في المنصب، ولم تخلُ من سمير وستريدا جعجع. تلك «قائمة شرف» لم يسبق أن حظي بها سلفها الموفد السابق آموس هوكشتاين، وحُرم منها جان ـ إيف لودريان المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون على ما تتمتع به فرنسا من مكانة خاصة لدى لبنان.
ومن الواضح أن اجتماعات أورتاغوس ذات الطابع السياسي مع الرؤساء الثلاثة، على غرار مباحثاتها التي اتخذت سمة تكنوقراطية مع وزارات اقتصادية ومالية وصناعية، تنتهي إلى نتيجة واحدة أو متماثلة في الجوهر، وأقرب إلى إنذار مبطن: ضمان سلامة الحدود مع دولة الاحتلال، بما ينطوي عليه من نشر الجيش اللبناني ونزع سلاح «حزب الله»، هو البوابة إلى اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي في واشنطن خلال الشهر الحالي.
وأما الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس المحتلة داخل الأراضي اللبنانية فهو أمر مؤجل، حتى إشعار يطول أكثر مما يقصر، والدليل عليه استئناف الاعتداءات الإسرائيلية حتى خلال اجتماعات أورتاغوس في بيروت.
وبين هوكشتاين وأورتاغوس قد لا يكون هناك جديد تحت شمس لبنان، ما خلا أن اهتداء الثانية إلى الصهيونية وخدمة الأول في جيش الاحتلال الإسرائيلي ليسا سوى مظهرين لسياسات في الانحياز إلى دولة الاحتلال تتبارى فيها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ديمقراطية كانت أم جمهورية. ولعل الفارق هو جرعة الصلف وانعدام الكياسة التي اعتادت أورتاغوس على إعلانها من خلال دبلوماسية نجمة داود، حتى حين تشفق على مستضيفيها فتنقل القلادة إلى الخلف، ولكنها تُبقي مدلولاتها الاستفزازية ماثلاً على اللسان وفي التصريحات.
وحين عيّنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنصب، استذكر أنها انتقدته في الماضي، وانضمت إلى فريق نيكي هيلي خلال المنافسة على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري، ولكنها «تعلمت درسها الآن» كما قال، ويتحمس لها رجاله أمثال ماركو روبيو ومايك ولتز وجاريد كوشنر، وبالتالي فهو عيّنها من أجلهم. عدا، بالطبع، عن أن دبلوماسية نجمة داود تقرّبها أكثر من رئيسها المباشر، ستيف وتكوف، لاعتبارات لا تخفى هنا أيضاً.