مقالات
“حركة عدم الإنحياز”,, القوة النائمة..

خاص “المدارنت”..
ظهرت “حركة عدم الإنحياز” الى الوجود كمحصلة لحركات النضال الوطني في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، كإمتداد طبيعي لدور هذه الحركات فى الإستقلال وفك أسر التبعية للدول المستعمرة، وحماية إستقلالها الحديث من تغول الدول الكبري.
ففي بداية الخمسينات من القرن الماضي كانت معظم دول العالم الثالث تخوض حربا ضروسا بمختلف السبل والوسائل العسكرية والسياسية فى ظل ظروف غاية في الصعوبة و ضد مستعمر يملك كل أدوات القمع و الحصار و التضليل حيث كانت حالة المخاض هذه تقدم من وقت لآخر مولودا جديدا لعالم الحرية والإنعتاق فبرزت للوجود مجموعة من الدول المستقلة حديثا والتى تشترك معا في الأهداف والطموحات و تراودها الآمال العراض فى أن تلعب دورا بارزا و مهما فى عالم يسوده السلام والعدل وترفرف عليه أعلام الحرية و الكرامة والرفاهية.
ولكن واقع الحال فى ذلك الوقت كان يجعل من من تحقيق هذه الآمال أمرا صعبا بل يجعل من من صمود هذه الدول فى وضع إستقلالي محفوفا بالمخاطر و المحاذير و لذلك رأت أن حماية إستقلالها و قرارها السياسي يأتى من تجمع الدول التي تلتقى فى نفس الميول الإستقلالية الرافضة لهيمنة الدول الكبري و الداعمة لحركات التحرر فى العالم و من هنا خرجت فكرة عدم الإنحياز لثبيت دعائم الإستقلال الوليد لإبراز دور هذه الدول القوى والمؤثر فى العالم.
رجوعا لتلك الحقبة نجد ان العالم كان يمر بذروة الحرب الباردة بين المعسكرين، والتى ظهرت بصورة واضحة بعد الحرب العالمية الثانية حيث كانت حركة الولايات المتحدة الأمريكية محمومة في جر أكبر عدد من دول العالم الثالث إلى جانبها من خلال عقد إتفاقيات أحلاف عسكرية وأمنية بالترغيب حينا والترهيب أحيانا، كانت سياستها تتجه إلى إنشاء سلسلة من القواعد العسكرية مما جعلها فى صراعات حادة مع كثير من دول العالم الثالث ولا سيما ذات الثقل السياسي والموقع الاستراتيجي.
وفى حركتها المحمومة تلك طرح وزير الخارجية الأمريكي دالاس مقولته المشهورة “من ليس معنا فهو ضدنا” ليجعل الأمر أكثر تحديدا.
وفى ظل هذا السياق فرضت شروطا تمسخ بها أى معنى للإستقلال بقانون أسمته “قانون الأمن المتبادل و قانون المساعدات العسكرية لعام 1951”.
فالقانون الأول يلزم الدول طالبة المساعدة أو السلاح توقيع إتفاق بقبول الإسهام الفعال فى الدفاع عن العالم الحر من خلال أحلاف جماعية أو ثنائية.
والقانون الثاني يلزم الدولة بتقييد تجارتها مع دول الكتلة الشرقية، وكان تبعا لهذا يتعاظم الإحساس لدى الولايات المتحدة الأمريكية، بأنها الوريث الشرعي للإستعمار الغربي فى العالم الثالث، إلى أن حدد هذا المعنى بوضوح، لا يقبل التأويل الرئيس الأمريكي أيزنهاور في يناير 1957 فى نظريته المسماة “نظرية الفراغ”، التى تتلخص في أن خروج المستعمر الأوروبي من دول العالم الثالث، يترك فراغا يشجع الشيوعية لملئه، مما يعرض التوازن الدولي للإختلال.
خوفا من هذا فإن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية شغل هذا الفراغ، ويتم هذا من خلال برنامج المساعدات الإقتصادية والعسكرية ولا تقدم هذه المساعدات إلا إذا إرتضت الدولة القبول بشرط الإرتباط بقانون الأمن الأمريكي المتبادل الأمر الذي قاد فى النهاية إلى إقامة قواعد عسكرية و عقد إتفاقيات دفاع مشترك مع أكثر من 45 دولة منها 30 فى العالم الثالث.
وكان فى المقابل الإتحاد السوفيتي يتجه نحو فك الحصار السياسي و الإقتصادي عنه ببسط نفوذه السياسي والإقتصادي و الثقافي على كثير من دول العالم الثالث ولكن بصورة أقل صخبا و أميل إلى الهدوء والتروي.
وكانت نتيجة هذا التنافس على حساب دول آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية إذ أضحت هى مناطق النفوذ التى يعمل الإستعمار الجديد جاهدا في الرجوع إليها بل أصبحت هذه الدول ساحة للصراع المكشوف بين القوتين العظميين مما وضع العالم على شفا الحرب النووية أكثر من مرة فكانت حاجة دول العالم الثالث ملحة فى مسألة الأمن وفى مسألة تحديد موقفها من ذاك الصراع الدائر وكذلك في وضع نظام إقتصادي عالمي يحمى بنيتها الهشة ويحقق طموحاتها فى التنمية والبناء على أسس تصون إستقلالها و قرارها السياسي.
وأمام هذه الحالة نادى قادة آسيا و أفريقيا إلى مؤتمر باندونق بإندونيسيا عام 1955. وفى الواقع أن المؤتمر لم يكن يمثل إتجاها محايدا أو غير منحاز، كما يتبادر إلى ذهن الكثيرين ولأنه كان يضم دولتين من الكتلة الشرقية، و9 دول لها إرتباطات تحالفية و أمنية مع الكتلة الغربية من مجموع 29 دولة إشتركت في المؤتمر و لكن تبقى النتيجة أن المؤتمر توصل فى النهاية إلى نتائج إيجابية حددت فى عشر مبادئ ضد سياسة الأحلاف وهيمنة الدول الكبري و خدمة مصالحها ودعت إلى سياسة غير منحازة تحترم حقوق الإنسان والعدالة وتعمل على تنمية المصالح المشتركة والتعاون المتبادل وعدم الإعتداء والتدخل في الشؤون الداخلية و تسوية جميع المنازعات الدولية بالوسائل السلمية.
وأعتبر مؤتمر باندونغ حجر الزاوية في سياسة عدم الإنحياز، وأصبح عدم الإنحياز تيارا خاصا تتبناه الدول المستقلة وتجاوز حدود آسيا وأفريقيا بإنضمام يوغسلافيا إليه، بعد تجميد حلف البلقان عام 1955، وبإنضمام كوبا من أمريكا اللاتينية بعد إنتصار الثورة، مما أعطاه بعدا جديدا وأثرا نافذا فأصبح تيارا عالميا.
في سبتمبر عام 1961، عقد في القاهرة مؤتمر تحضيري للدعوة للمؤتمر الأول لحركة عدم الإنحياز، ولتحديد المعايير التى بموجبها يتم توجيه الدعوة للدول المشاركة.
وفي الواقع أن المؤتمر كان بمثابة جرثومة الداء الذى أصاب الحركة و أقعدها عن دورها وأبعدها من غاياتها لأن هذا المؤتمر – بالرغم من خطورته و أهميته – عقد من دون أعداد كافي وبطريقة مرتجلة، وفى أيام قليلة لا تلبي مطالب تحديد مقاييس ومبادئ عدم الإنحياز، ودار نقاش جدلي عقيم بين 19 دولة حضرت المؤتمر، كانت معظمها غير جاهزة لمثل هذا النقاش وكان أشبه “بحوار الطرشان”.
توصل المؤتمر إلى خمسة مبادئ فضفاضة وعامة، لتشكل مقاييسا لعدم الإنحياز وهى:
1 – أن تكون الدولة قد إنتهجت سياسة مستقلة، مبنية على التعايش بين الدول ذات النظم السياسية والإجتماعية المختلفة، وعلى عدم الإنحياز، أو أن تكون قد أظهرت إتجاها نحو هذه السياسة.
2 – أن تكون الدولة المعنية مؤيدة بإستمرار لحركات التحرر الوطني.
3 – أن لا تكون الدولة عضوا فى حلف عسكري متعدد الأطراف، فى نطاق الصراع بين الدول الكبري.
4 – إذا كانت الدولة طرفا فى إتفاقية عسكرية ثنائية مع دولة كبري، أو إذا كانت فى حلف إقليمي، فإن الإتفاق أو الحلف يجب ان لا يكون قد عقد فى نطاق منازعات دول كبري.
5 – إذا كانت الدولة قد سمحت بقواعد عسكرية لدولة أجنبية كبري، فإن هذا يجب ان لا يكون قد تم فى نطاق منازعات دولة كبري.
كما هو واضح، أن هذه المبادئ الخجولة لا يمكن أن تكون بأى حال من الأحوال مبادئ لدول غير منحازة، حيث تشير المادة الأولى، الى أن مجرد إظهار الإتجاه نحو سياسة عدم الإنحياز، يعتبر أمرا كافيا لإعتبار الدولة غير منحازة.
كما أن المادة الخامسة، لا تمنع الدولة أن تكون عضوا فى حلف أو إتفاقية عسكرية، ولكن تشترط فقط أن لا تكون فى نطاق منازعات دولة كبري.
ولهذا نجد الدول التى إشتركت فى مؤتمر بلغراد الأول، وعددها 25 دولة بينها 4 دول ترتبط بإتفاقيات مع دول كبري، وأن الدول التى إشتركت فى مؤتمر القاهرة الثاني وعددها 47 دولة، بينها 15 دولة مرتبطة عسكريا مع دول كبري.
والتي إشتركت فى مؤتمر لوساكا الثالث، وعددها 54 دولة، بينها 17 دولة لها إرتباطات عسكرية مع الدول الكبري.
وأصبح هذا العدد يزداد من مؤتمر لآخر للأسباب السالفة يضاف إلى ذلك أن الدول التى كانت أصلا غير منحازة تغيرت سياستها بمرور الزمن إما بالإنقلابات العسكرية التى تدبرها و تديرها من وقت لآخر الدول الكبري أو بوفاة زعمائها التاريخيين رواد الإستقلال.
عبر رصدنا لمسار الحركة نجدها بداية ولدت قوية و فعالة و شكلت إضافة مهمة للسياسة العالمية و أضحت مركز ثقل التوازن العالمي و قدمت مساهمات قيمة فى تخفيف حدة الصراع العالمي و أصبح عدم الإنحياز رديفآ للإستقلال بل أمتزج المعنى و أصبح الإستقلال يعني عدم الإنحياز.
ولكن إذا نظرنا للحركة من خلال العقود الماضية نجدها في تدهور متطرد بل فقدت قوة دفعها و بريقها و تأثيرها العالمي و عجزت عن القيام بأي مهمة حاسمة ومؤثرة بل صارت جسما هلاميا لا إطار له وتضم أكثر من مائة وعشرين دولة سادت الحروب الحدودية بين أعضائها بالإضافة إلى الفساد الإقتصادي والسياسي والإداري الضارب فى أطنابها والذي بات يشكل العقبة الكؤودة في سبيل التنمية والتطور، الأمر الذي سهل مهمة دخول الإستعمار الجديد لهذه الدول مستغلا قدرته الإقتصادية الهائلة وأحتكاره لمصادر السلاح وأسرار التكنولوجيا فأستطاع أن يفرض سيطرته على بعض دول العالم الثالث و أن يؤثر في قرارتها السياسية الداخلية والإقليمية والخارجية و يفرض هيمنته الجديدة عليها.
فأنسحب هذا التأثير على مجموع الحركة فضعفت البنية التنظيمية والفكرية، وتعتمت الأهداف والرؤى، وأصبحت تعيش حالة مرضية أوصلتها لمرحلة الشيخوخة المبكرة، فنشطت المؤتمرات الرئاسية والوزارية فى محاولة لتشخيص المرض وإنقاذ الحالة، مدفوعة بقناعة أن عدم الإنحياز مبدأ لا يزال يعيش في وجدان فكر قوى العالم الثالث الوطنية، وشكل ركنا أساسيا في توجهاتها السياسية والإقتصادية، ولكن هذه المؤتمرات لم تصل إلى شيئ عملي وإيجابي، بل كانت مساجلات كلامية وساحات للمشاحنات بين الدول المتنازعة عسكريا وفكريا، وفى أحسن الأحوال قدمت من خلالها مبادرات نظرية بعيدة عن الواقع والتطبيق، فماتت في مهدها حبيسة الأوراق والملفات.
جاء سقوط حائط برلين وإتحاد ألمانيا الغربية والشرقية، وتفكك وإنهيار الإتحاد السوفيتي وتوابعه من دول المعسكر الشيوعي، ليضع حدا للحرب الباردة.
وبدأت معالم واقع جديد تفردت فيه أمريكا “بالسيادة العالمية” المطلقة حينا من الدهر، وما لبث أن تغير هذا الواقع جزئيا ببروز الإتحاد الأوروبي، بقيادة ألمانيا كقوة إقتصادية و سياسية وعسكرية معتبرة، تتوافق وتتقاطع مع السياسية الأمريكية على حسب ظرف كل حدث.
ومن ثم ظهرت قوى إقتصادية عظيمة ككوريا الجنوبية واليابان، واللتان لا تبعدان كثيرا من أمريكا بحسبانها تتبنى نفس المشروع الرأسمالي، وبعد فترة إضمحلال وركود لروسيا الإتحادية بعد زلزال تفكك الإتحاد السوفيتي، عادت بقوة الى الساحة السياسية العالمية لتملك زمام المبادرة العسكرية والإقتصادية والسياسية، مما قاد إلى نوع آخر من الحرب الباردة والساخنة.
وبين هذا وذاك ظهرت قوى إقتصادية واعدة، كانت أصلا محسوبة على دول عدم الإنحياز كالصين والهند و البرازيل.
وفي هذا الجو المتغير ضاع المعنى السياسي لعدم الإنحياز بل يعتقد مجموعة من السياسيين والمفكرين، ان أسباب وجود منظمة دول عدم الإنحياز، قد إنتفى، وبالتالى فقدت المبرر لبقائها وعليها أن تكتب بصورة جلية شهادة وفاتها.
وتفرض هذه الإشكالية على الحيادبين والمهتمين بأمر الحركة، أن يبادروا في إيجاد مخرج بوضع تصور مستقبلي لعملها، بعد أن أضحت بلا رابط أو تنسيق أو إلى مرامي واضحة تسعى إليها أو منطلقات فكرية تلتف حولها.
ومن هذا المنطلق أعتقد انه لا بد من وضع معالم جديدة، تتوافق مع المتغيرات العالمية المعاصرة والمتحركة، لخلق نظام عالمي جديد لم توضح معالمه النهائية بعد. كل المؤشرات تؤشر إلى أنه سيكون على حساب العالم الثالث بصورة سلبية.
لا بد من التفاعل والتأثير في حركة التغيير العالمية هذه، لمواجهة الخطر الحالي والأخطار القادمة، ولا بد من تأطير جديد لدور الحركة وتوجيه مسارها فى خطوط وفواصل محددة ومعلومة.
وبقراءة موضوعية لواقع الحال العالمي، لإستشراف ملامح المستقبل وبتحليل المعطيات الحالية، أرى أن الحركة يمكن أن تلعب دورا فاعلا ومؤثرا فى مجريات السياسة العالمية، وأن تضع بصماتها في المتغيرات الجديدة، إذا تحولت إلى منظمة إقتصادية فى المقام الأول، على أن تعتنى بالشأن السياسي بصورة ثانوية.
وأن تبرز كعنصر ضاغط فى توجيه مسار الإقتصاد العالمي بإستنباط الأفكار والخطط و الآليات لوضع نظام إقتصادي عالمي جديد، يحقق العدالة والتنمية ويعيد النظر في المديونية الهائلة لدول العالم الثالث، فى مواجهة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية للدول المتقدمة، ويعالج إنخفاض أسعار المواد الأولية ويصلح التجارة العالمية من صادرات وواردات، ويؤسس لعلاقة سوية وأخلاقية بينها وبين الشمال الغني حتى يجبر للإذعان لمطالبها المشروعة، في التطور والتنمية والعيش الكريم فى عالم يسوده الإخاء والتكافل و التكامل.
والتصور الجديد أراه من خلال ميثاق يحدد بنود إصلاح داخلي يتم بموجبه وضع سياسات متحررة، فى مجال الإستثمار والإصلاح والتصنيع الزراعي، ورفع الإنتاجية وتحسين الإدارة والإستخدام الأمثل لرأس المال والموارد الطبيعية والطاقة، والإهتمام بالتنمية البشرية وربطها بالإنتاج.
وأن يحدد الميثاق دعائم نظام إقتصاد عالمي جديد، يطالب فيه بزيادة حجم ونوعية المعونات، والقروض المقدمة من الدول الغنية، بحيث تتفق وإحتياجات دول العالم الثالث الأساسية، وضرورة خلق مناخ الثقة، وإلزام الشركات الأجنبية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول التى تعمل بها.
كما أن على دول العالم الثالث، الإلتزام بضمان وحماية الإستثمارات الأجنبية، بتهيئة ظروف التنمية. وكما يجب إسقاط الديون السابقة وفوائدها، التي أضحت تشكل عائقا وقيدا في مسار التطور والتنمية، والتى هى اصلا لم تذهب إلى إقامة مشاريع إنمائية أو تطوير مشاريع قائمة، وإنما ذهبت إلى جيوب أنظمة قهرية تحكمت في رقاب شعوبها ظلما وبطشا فى حقب زمنية مختلفة.
وكذلك ينبغي أن توضع أسس ومعايير الإعتماد على الذات، فى نطاق العمل الجماعي للحركة، ولا يعني هذا عدم التعاون بين هذه الدول والدول الصناعية الكبري، على أسس تبادل المصالح و المنافع. وينبغي أيضا التركيز على تحقيق الإكتفاء الغذائي لدول الحركة.
أما في الجانب السياسي ينبغي أن يكفل الميثاق الحريات الأساسية، ويثبت دعائم الديموقراطية التعددية النيابية كأساس للحكم، ويضمن حقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين – بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية والعرقية والسياسية – في الحقوق والواجبات. وخلق آلية فاعلة لحسم التحدي الكبير والمتمثل فى الخلافات الثنائية الإقليمية والتي تتجسد في حروب وخصومات وتوترات بين كثير من دول الحركة.
وختاما أقول أن النظام العالمي الجديد يتشكل يوما بعد يوم، وأحداثه تتسابق وهو متحرك ليبلغ مداه يوما ما، وسوق التحالفات مع القوي الكبري يعلو ويهبط على حسب المصالح المادية البحتة التى تحكم عالم اليوم.
ودول عدم الإنحياز غائبة ومغيبة، وأحسنها حالا تقف على السياج تراقب الأحداث لا حول لها ولا قوة. “كالعير في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول”.
وإذا سارت الأمور على هذا المنوال، فالنتيجة النهائية – بلا شك – ستكون وخيمة ومدمرة لهذه الدول. فلا بد أن تصحو من غفوتها، وتلحق الأحداث وتؤثر فيها وتحدد رأيها ورؤيتها، وأن تعرف أن قوتها في توحدها، وتجانسها مهما كان ضعفها الحالي.
“تأبى الرماح إذا إجتمعنا تكسرا وإذا إفترقنا تكسرت آحادا “.
* ناشط سياسي