استئناف «جهنم» في قطاع غزة.. لا عجيب ولا غريب!
“المدارنت”..
استأنفت دولة الاحتلال “الإسرائيلي” فصول حرب الإبادة، ضد المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة، فشنّت أكثر من 200 غارة جوية مترافقة مع قصف مدفعي عنيف، واستهدفت غزة المدينة في شمال القطاع، ودير البلح في الوسط، وخان يونس في الجنوب. حصيلة هذه الدورة الدموية بلغت حتى ظهر أمس نحو 424 شهيداً ومئات المصابين، في عدادهم حالات شديدة الخطورة.
وإلى جانب نحو 150 شهيداً سقطوا ضحايا عمليات قصف إسرائيلية متفرقة خلال 57 يوماً من وقف إطلاق للنار شاءت دولة الاحتلال أن يظل كاذباً، اقترن فصل الإبادة الدامي الأخير بسلسلة من إنذارات إخلاء المناطق في شمال القطاع، ضمن استئناف لسياسات ترحيل وتهجير وتطهير عرقي سابقة لم تتوقف أصلاً إلا من قبيل الخداع والمراوغة.
وعلى امتداد أسابيع من مماطلة رئيس حكومة الاحتلال في تطبيق المرحلة الثانية من صفقة التبادل، لم يتوقف بنيامين نتنياهو عن المضي أبعد وأكثر همجية في سياسة التجويع الممنهجة، وإغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وحرمان سكان القطاع حتى من قطرة الماء، ضمن إجراءات أخرى لا تقلّ عن جرائم حرب صريحة فاضحة.
ولم يكن عجيباً أن تصدر أوامر استئناف فصول حرب الإبادة عن نتنياهو أولاً، من منطلق مصالحه الشخصية في إدامة الحرب وإطالتها ما أمكنه ذلك، ضارباً عرض الحائط بتظاهرات الاحتجاج واستطلاعات رأي الشارع الإسرائيلي التي تطالب بتمديد وقف إطلاق النار والإفراج عن المزيد من الرهائن.
ليس غريباً كذلك، بل هو جزء لا يتجزأ من الطبيعة البنيوية لكيان صهيوني استيطاني عسكري وعنصري وفاشي، أن يشارك في إدارة الغارات الوحشية الأخيرة رونين بار رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رغم أنه لم يعد يتمتع بـ«ثقة كاملة» من جانب نتنياهو كما أعلن الأخير في تبرير عزمه على إقالة الأول من منصبه. وأما التعطش إلى دماء أطفال غزة ونسائها وشيوخها فإن الثقة حول الإيغال فيه تظل تامة متكاملة بين الآمرين الإسرائيليين على مستويات الأمن والأركان وسلاح الجو.
وغير بعيد عن طرائف هذه «الديمقراطية» التي يتباهى بها ساسة دولة الاحتلال ورعاتها وأنصارها، أن الإجماع على استئناف حرب الإبادة لم يعد يقتصر على ناخبي نتنياهو وأحزاب اليمين القومي والديني المتطرفة في ائتلافه الحكومي. الانقسام ممكن حول عشرات القضايا السياسية والقضائية والأمنية والاقتصادية، ولكن يندر أن يقع اختلاف حول تشخيص جرائم الحرب، وإن حدث فإنه قصير مؤقت بدليل عودة إيتمار بن غفير إلى الحكومة.
من جانبها فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تخيّب ظنّ نتنياهو، فتغاضت عن ملابسات الضغط المبكرة من أجل صفقة تبادل تسبق تنصيب سيد البيت الأبيض، وشجعت دورة دموية جديدة في القطاع على سبيل خطوة التوطئة لمشروع ترامب الجنوني حول «ريفييرا غزة». و«جهنم» التي توعد بها الرئيس الأمريكي أصلاً، تنفتح اليوم ضد الشعب اليمني، وهي وجهة متكاملة مع جهنم دولة الاحتلال ضد أبناء قطاع غزة.
المصدر: رأي “القدس العربي” اليوم