استقالة غانتس.. صفعة يتلقاها نتنياهو!
خاص موقعيّ “المدارنت”و”ملتقى العروبيّين”
لا شك أن العدوان على غزة، ومنذ عملية السابع من أكتوبر وحتى الآن، قد أنهك مفاصل دولة الكيان، وآلة الحرب العسكرية “الإسرائيلية” المجرمة الغارقة بالفشل المستمر نحو تحقيق نصر عسكري أو استعادة الرهائن لدى (حركة) “حماس”، وباتت بالفعل تؤثر سلبا على قرارات مجلس الحرب الصهيوني، ويبدو أن (رئيس حكومة العدو الإرهابي الصهيوني بنيامين) نتنياهو، والدائرة الضيقة له، والمؤيدة لقراراته في مواصلة الحرب بدأت تتململ وتعارض بشدة سياسات نتنياهو، الرامية الى خلق مزيد من التوتر بالمنطقة والمضي في العملية العسكرية، وتجاهل جميع المطالبات الدولية لإيقاف نزيف الدماء في غزة وارتكاب المجازر.
لا يخفى عن أحد اليوم ما يجري داخل جيش الاحتلال، وان حاولت ماكينة الإعلام العبري عدم الإفصاح عن حجم الخسائر البشرية والعسكرية التي مُنيت بها، لكن الحقيقة وبحسب تقارير وسائل اعلام دولية عديدة التي فندت خسائر كبيرة جدا، ما تزال “اسرائيل” تتكبدها داخل ساحة المعركة بغزة، اضافة لحالات الانتحار لجنود رفضوا خوض هذه المعركة، أو عادوا منها باضطرابات نفسية سببت لهم حالات تبوّل لا ارادي، نتيجة شراسة القتال مع المقاومة والرعب المتواصل، وسط خسائر اقتصادية مستمرة للاحتلال وخسارات بمليارات الدولارات.
ولعل استقالة غانتس وازكونت، أتت كصفعة قوية في وقت نشوة نتنياهو خلال عملية استعادة الرهائن الأربعة، بمشاركة استخباراتية وخطة أمريكية في مخيم النصيرات، كان يريد نتنياهو من خلالها إعادة الهيبة لجيشه المهزوم وشعبه المحتقن، الذي يطالب باستمرار بقبول الصفقة مع “حماس”، واستعادة ما يمكن استعادته من الرهائن، وإيقاف الحرب إلا أن عقلية نتنياهو المجرمة تأبى تماما إيقاف الحرب، ضمن سياسة صهيونية حاقدة تحاول الانتقام من الشعب الفلسطيني، ومن منفذي عملية 7 أكتوبر، تحقيقا لمصلحة الكيان في إفراغ المنطقة من سكانها الأصليين، وإعادة هيكلة السيطرة على قطاع غزة، والقضاء على سلاح المقاومة.
وهنا تجدر الاشارة الى أن تبعات استقالة غانتس، لم تكن مفاجئة لنتنياهو فحسب، خصوصا بعد مناشدات من داخل مجلس الحرب “الاسرائيلي” للرجوع عن هذا القرار، حيث إن غانتس وهو الذي كان من بين المؤيدين لقبول الصفقة وإيقاف الحرب.
لكن تصريحاته الأخيرة بعد الاستقالة، كشفت بان حكومة الحرب تمهد لعملية عسكرية طويلة الأمد، قد تمتد لسنوات، وهذا قد يفتح “سيناريوهات” كبيرة من الممكن أن يرتكب خلالها نتنياهو مجازر جديدة وعمليات متهورة في المنطقة، لا يحمد عقباها، بالإشارة إلى أن من كان يروج إلى الرضوخ للصفقة وانهاء الحرب قد خرج من ائتلاف الحكومة، وبالتالي من بقي في حكومة نتنياهو هم من المتطرفين، ومن الأغلبية المعارضة للصفقة، وهذا ما يفاقم المشهد أكثر والذي قد لا يؤدي بالضرورة إلى انهيار الحكومة بأكملها، خصوصا مع بقاء حزب سموترتش وبن غفير والأحزاب الدينية، الا إذا استمرت سلسلة الاستقالات واستجاب غالانت إلى دعوات المعارضة بالاستقالة، وهو العسكري الاخير والوحيد الذي بقي في حكومة نتنياهو، واستقالته حتما تعمّق أزمة نتنياهو أكثر، وسط احتمالات انضمام غانتس الى الشارع المعارض والمظاهرات، وبالتالي، يصبح حزب المعسكر الصهيوني في صف (لابيد) ليطالب في انتخابات مبكرة وهو الذي لا يريده نتنياهو.
تبقى الاحتمالات قائمة في حتمية انهيار حكومة نتنياهو، ولكن ربما باتت مسألة وقت، لأن الاحتلال الصهيوني في مأزق كبير، ونتنياهو بات يتألم بصمت ويتخبط بشدة، ولا يبدو أن مساعي الدول الغربية وبخاصة أميركا جادة في إنهاء الحرب، ولا حتى نوايا الاحتلال واضحة في التوقف عن ارتكاب المزيد من المجازر، وهذا ما يقودنا إلى مشهد غاية في الخطورة، قد لا ينتهي في المدى المنظور.