عربي ودولي

الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يعتذر للبشرية عن ابتكار هذه التكنولوجيا

جيفري هينتون

“المدارنت”..
عبر كثيرون في الآونة الأخيرة عن مخاوفهم من خطورة تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على البشر، وكانت المخاوف تتمحور في البداية حول الاستخدام غير المسؤول لهذه التكنولوجيا في الجرائم الإلكترونية ونشر المعلومات المضللة، والإضرار بالعديد من الأشخاص من خلال إنتاج صور وفيديوهات ومحتوى مزيف لهم.
ثم تطورت المخاوف إلى قلق كبير من إحلال الذكاء الاصطناعي محل مئات الوظائف التي يقوم بها البشر مما سيكون له تأثير كبير على فرص العمل. وانتهت المخاوف إلى تعزيز نظريات سيطرة التكنولوجيا على البشر وتهديد مستقبل البشرية.

مخاوف المتخصصين
ومهما كان حجم المخاوف التي يعبر عنها البعض فإنها تظل مجرد مخاوف قد تكون غير حقيقية، لكن عندما تصدر هذه المخاوف عن شخصيات بارزة مثل رجل الأعمال إيلون ماسك، والمفكر اليساري نعوم تشومسكي، والسياسي الكبير هنري كيسنجر، البالغ من العمر 99 عامًا فإنها ترتقي إلى مصاف المخاوف الحقيقية.
ومؤخرًا تحولت هذه المخاوف إلى قلق فعلي وواقعي بعد إطلاق روبوتات محادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل “بارد شات بوت، من شركة جوجل، و”شات جي بي تيمن شركة “أوبن إيه آي..
ودق هذا التطور جرس الإنذار حول المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي على المجتمع والإنسانية، حتى أن إيلون ماسك، ومجموعة من المديرين التنفيذيين والخبراء الذين يعملون في مجال الذكاء الاصطناعي، أطلقوا دعوة إلى وقف تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لمدة 6 أشهر، لحين تطوير وتنفيذ بروتوكولات السلامة لمثل هذه الأنظمة وتدقيقها من قبل خبراء مستقلين.

استقالة الأب الروحي
لكن التطور اللافت في الأمر هو ما صدر عن جيفري هينتون، الملقب بـ”الأب الروحي للذكاء الاصطناعي”، والذي استقال مؤخرًا من منصبه في Google، بعد مسيرة مهنية استمرت عقدا من الزمن.
حيث قال هينتون لصحيفة،  ،”نيويورك تايمز” نه يشعر بالأسف حيال الدور الكبير الذي لعبه في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
وساعدت إسهامات هينتون في مجال الذكاء الاصطناعي منذ عقود في تمهيد الطريق لكثير من تقنيات الذكاء الاصطناعي التي نراها اليوم وإنشاء روبوتات المحادثة التي ظهرت مؤخرًا.
وعبّر هينتون عن قلقه من سباق الذكاء الاصطناعي الجاري حاليًا بين عمالقة التكنولوجيا، مؤكدًا أن التكنولوجيا يمكن أن تضر البشرية، وأن الوقت الحالي قد يكون مناسبًا للتوقف عن تطوير هذه المنتجات.
وكان هينتون قد قال في تغريدة على حسابه بموقع تويتر قائلًا إنه غادر جوجل حتى يتمكن من “التحدث بحرية أكبر عن مخاطر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي دون التفكير في كيفية تأثير ذلك على جوجل، مشيرًا إلى أن جوجل “تصرفت بمسؤولية كبيرة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي”.
وقال هينتون إنه قلق من أن تؤدي منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدية إلى نشر معلومات وصور ومقاطع فيديو مزيفة عبر الإنترنت، وألا يتمكن الجمهور من تمييز الصحيح من المزيف منها.
وتحدث أيضًا عن كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف القضاء على العمالة البشرية، بما في ذلك المساعدون القانونيون والمترجمون والمساعدون، وهو ما يشكل مصدر قلق للعديد من منتقدي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
كما عبّر هينتون عن مخاوفه من مخاطر روبوتات الدردشة الذكية التي قال إنها “مخيفة للغاية”. وأضاف: “في الوقت الحالي هم ليسوا أكثر ذكاء منا، لكنني أستطيع القول أنهم قد يكونون كذلك قريبًا”.
وأشار أيضًا إلى “جهات فاعلة سيئة” قد تستخدم الذكاء الاصطناعي بطرق قد يكون لها آثار ضارة على المجتمع، مثل التلاعب بالانتخابات أو التحريض على العنف، وفقًا لشبكة “إي بي سي نيوز”.
جدير بالذكر أن هينتون يعد واحدًا من ثلاثة رواد في مجال الذكاء الاصطناعي فازوا في عام 2019 بجائزة تورينج، وهي جائزة في مجال صناعة التكنولوجيا تعادل جائزة نوبل.
وسبق أن أعرب الفائزان الآخران، يوشوا بنجيو ويان ليكون، عن مخاوفهما بشأن مستقبل الذكاء الاصطناعي. وكان بنجيو، الأستاذ في جامعة مونتريال، أحد الذين وقعوا على العريضة التي أطلقها إيلون ماسك لمطالبة شركات التكنولوجيا بالتوقف لمدة 6 أشهر عن تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

جدل مستمر
ورغم أن هينتون لم يذكر جوجل في نقده الشامل لمشهد الذكاء الاصطناعي، فقد أفادت التقارير أن موظفين آخرين من جوجل أعربوا عن قلقهم بشأن برنامج الدردشة الآلي الخاص بالشركة. فبعد تكليف موظفي جوجل باختبار روبوت الدردشة “بارد شات بوت” قال عدد منهم إنهم يعتقدون أن التكنولوجيا قد تكون خطيرة، وفقا لما نقلته وكالة Bloomberg
وقال موظفو جوجل إنهم يعتقدون أن غوغل لا تعطي الأولوية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ويحاولون تطوير التكنولوجيا بسرعة لمواكبة برنامج “شات جي بي تي”.
وتأتي تصريحات هينتون لتزيد الجدل الدائر حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت هذه المخاطر موجودة في المستقبل أم في الحاضر، خاصة فيما يتعلق بإحلال أجهزة الكمبيوتر محل الذكاء البشري، والمخاوف بشأن التكنولوجيا الآلية التي يتم نشرها على نطاق واسع من قبل الشركات والحكومات والتي يمكن أن تسبب أضرارًا في العالم الحقيقي.
ولطالما أعرب عدد من باحثي الذكاء الاصطناعي عن مخاوفهم بشأن العرق والجنس وأشكال أخرى من التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك النماذج اللغوية الكبيرة المستندة إلى النصوص، والتي يتم تدريبها على مجموعات ضخمة من الكتابة البشرية، ويمكن أن تضخم التمييز الموجود في المجتمع.
وأصدرت مؤسسة “غولدمن ساكس” (Goldman Sachs) تقريرا يقدر أن 300 مليون وظيفة بدوام كامل يمكن أن تتأثر بأنظمة الذكاء الاصطناعي، وتشمل العاملين القانونيين والإداريين، رغم أن مستوى هذا التأثير قد يختلف. ويتزايد القلق أيضا بين مهندسي البرمجيات الذين يخشون أن يتم استبدال وظائفهم بالذكاء الاصطناعي.. المصدر: “راديو العرب”.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى