كشف خطة اغتيال “الأمير الأحمر” والغداء الأخير مع زوجته ملكة جمال الكون جورجينا رزق

كشف الكيان الصهيوني، لأول مرّة، كيفية تنفيذ “الموساد” عملية اغتيال القائد الفلسطيني علي حسن سلامة، المعروف (أبو حسن سلامة) و”الأمير الاحمر”، الذي اتهمته المخابرات الصهيونية بالوقوف وراء عملية “ميونيخ” في ألمانيا عام 1972.
وقد بثت القناة الـ12 الصهيونية، برنامجاً وثائقياً يكشف للمرة الأولى كيفية اغتيال مسؤول الجهاز الأمني لحركة “فتح”، علي حسن سلامة، الذي تتهمه المخابرات الصهيونية “الموساد”، بانه المخطط الرئيسي لعملية ميونيخ في العام 1972.
اريكا تشامبر
اريكا ماري تشامبرز، هي من عائلة يهودية تشيكية، أصلها من مدينة براغ، هربت الى إنكلترا إثر صعود النازية، هناك تزوجت من المهندس ماركوس تشامبرز. في العام 1953، طلّق ماركوس زوجته، واختارت اريكا البقاء مع والدتها حيث عاشتا، مقابل كنيس في منطقة الوست اند في لندن، قبل أن تنتقل الى المانيا، بعد أن انضمت الى جهاز المخابرات الصهيوني “الموساد”، والتحقت بقسم “كيدون” المتخصص في عمليات الاغتيال.
بعد 5 محاولات اغتيال فاشلة لسلامة، قرّر الموساد تغيير طريقة الاغتيال، فأرسل تشامبرز المعروفة باسم العميلة بينيلوبي من قبل الموساد، وادعت انها تدعم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأن هوايتها الرسم وتحب القطط.

كيف وصلت الى بيروت؟
في تلك الأيام، كان يوجد عدد كبير من رجال المخابرات الصهيونية “الموساد”، الذين يتعقبون تحركات الأمير الأحمر، ووقعت مهمة تصفيته على عاتق اريكا، لكونها تتجول بحرية في المؤسسات الفلسطينية، من دون أن تثير الريبة.
والتقت اريكا علي حسن سلامة عدة مرات، وادعت فيما بعد، انها قضت معه “وقتاً ممتعاً” في فندق كورال بيتش. بل أرسلت برقية الى مسؤوليها، تؤكد فيها بأن سلامة يحب ممارسة الرياضة، خصوصاً السباحة والكاراتيه والتصويب بالمسدس، كما يحبّ قضاء بعض الوقت في حمامات الساونا.
وبدأ عملاء الموساد يزورون النوادي الرياضية، وأماكن الساونا في فنادق بيروت. وقرر مايك هراري، اغتيال “الأمير الأحمر” وهو في الساونا، فأرسل عدة عملاء، ومعهم كميات كبيرة من المتفجرات، لوضعها في حمام الساونا في فندق إنترناشيونال. لكن صعوبة زرع المتفجرات في المكان واخفائها، جعلت قادة “الموساد” يتخذون قرارا بتغيير الخطة.
في بداية العام 1979، اتخذ قادة “الموساد” القرار النهائي القاضي باغتيال علي حسن سلامة، وأطلقوا على الخطة اسم “القتل الضيق”، على أن تقوم اريكا. باستئجار شقة في زاوية شارع قريب من شارع مدام كوري. وقد تم الاستئجار بواسطة الهاتف من مدينة كولونيا الألمانية، مع صاحب البناية أنيس عسّاف. وفي العاشر من كانون الأول/ ديسمبر، وقعت اريكا على عقد الايجار باسم: “منظمة الأطفال المحرومين”. وقامت بشراء أثاث لمكتبها الجديد المزعوم.
من نوافذ شقتها الواقعة في الطابق الثامن، كان باستطاعة اريكا مراقبة شقة علي حسن وجورجينا، وبدأت تداوم في المكتب يومياً، من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الرابعة من بعد الظهر، ثم تعود الى فندق “كورال بيتش”، حيث تقيم.

وكانت اريكا ترسل تقارير مراقبتها لعلي حسن سلامة الى مايك هراري، عن طريق صندوق بريد في روما، مسجلاً باسم زيلبر ريمون.
بعد فترة، عادت اريكا الى المانيا، وعندما حان موعد تنفيذ العملية، عادت مرة أخرى الى بيروت، لتلقي نظرة أخيرة على سيارتيّ “الشيفروليه” و”الرانج روفر” اللتين يملكهما سلامة. حيث كانتا تصلان من حيّ الصنوبرة، متوجهتين الى شارع مدام كوري، فتمران من تحت شباكها أربع مرات كل يوم، وتبيّن أن “الأمير الأحمر” (علي حسن سلامة)، كان يعود الى بيته لتناول وجبة الغداء.
وبدأ العد العكسي، فلم يبق امام اريكا سوى عشرة أيام لتنفيذ العملية. توجهت الى مكتب لتأجير السيارات، واستأجرت سيارة من نوع “داتسون” خضراء، بعد ان قدمت رخصة قيادة مزيفة، بحجة انها تريد التنزه في جبل لبنان. ولم تسافر اريكا الى الجبال، بل ركنت سيارتها اليابانية في الشارع، على بُعد عدة أمتار من شقتها.
وفي نهار السبت، الواقع فيه 20 كانون الثاني/ يناير، نقل عملاء الموساد الصهيوني، 100 كيلوغرام من المتفجرات الى قاعدة بحرية تقع بالقرب من “قيسارية”، وحملوها على ظهر سفينة من ثلاث سفن من نوع “ساعر 4″، كانت على أهبة الإبحار في الوقت ذاته، ظلت اريكا تراقب الحركة في شارع مدام كوري، وتنام في فندق بريستول، وتفكر في طريقة للهرب فيما بعد.
حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، أيّ صباح الأحد، اقتربت السفن الصهيونية الثلاث من الشاطئ اللبناني الواقع بين بيروت وجونية، تحت امرة الضابط حاييم شكيد. على متن احدى تلك السفن، كان مايك هراري بنفسه، ينتظر تلك اللحظة منذ زمن طويل. نقل رجال الضفادع الصهاينة المتفجرات الى الشاطئ، حيث كان بانتظارهم سكريغر الذي رتب المتفجرات داخل سيارة غولف مُستأجرة، ووضعوا السيارة بالقرب من بيت اريكا.

بالنسبة للأمير الأحمر، كان ذلك يوماً عادياً، وصل الى بيته حتى يحضر نفسه للسفر الى دمشق، لحضور اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني. وعند الساعة الثالثة و45 دقيقة، ودّع زوجته جورجينا (ملكة جمال الكون في العام 1971)، والتي كانت حاملاً بطفلها علي)، وضع يده على بطنها، وقال: “إنها بنت”، فردّت عليه”، لا.. أنا أريده ولداً يشبهك”.
نزل علي حسن سلامة من بيته الى جانب سائقه جميل، أما حراسه الثلاثة، فقد جلسوا في الخلف. وسارت سيارة “الروفر” خلفه، وفيها ثلاثة حراس أيضاً كما هي العادة.

كانت اريكا رابضة بالقرب من نافذتها… تنظر الى السيارات القادمة… مئة متر، خمسون، عشرون، عشرة… مرت سيارة “الشيفروليه” بالقرب من سيارة الغولف، فضغطت اريكا على الزر، وانفجرت سيارة “الأمير الأحمر”، وامتلأ الجو بالدخان الأسود. سمعت جورجينا صوت الانفجار الذي هزّ الشارع، وعرفت أنهم قتلوا زوجها.
أما اريكا، فقد خرجت من المنطقة في سيارة الـ”داتسون” التي استأجرتها، وتوجهت الى أحد الشواطىء شرق المدينة، حيث كان بانتظارها رجال الضفادع الصهاينة لينقلوها الى حيفا.