مقالات

الإخوة “الأعداء”..!

الوليد حسين الخطيب/ لبنان

خاص “المدارنت”..

    إلامَ الخلفُ بينكمُ إلامَا/  وهذي الضجّة الكبرى علامَا
   وفيمَ يكيد بعضكم لبعضٍ/  وتُبدون العداوة والخصاما

هذان البيتان من مطلع قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي. وفيهما تجسيد لواقع مؤلم تعيشه مناطق لبنان عمومًا، وبلدة “شبعا” خصوصًا، وهو ما يعنيني شخصيًّا باعتباري ابن هذه البلدة “المتضرّرة بالنصر”.
وقع الأسبوع الماضي في بلدة “شبعا”، خلاف سياسي بين طرفين متنازعين، أحدهما من أنصار “الفريق المنتصر”، والآخر من الذين يرون أن “الفريق المنتصر” أتى بالموت والدمار والخراب والتهجير وقطع الأرزاق… على أهل هذه القرية المهملة ليس من الجمهورية اللبنانية وحسب، بل من أهلها المتنفذين الذين لا يقدّمون لها شيئًا ماديًّا ولا معنويًّا لتطويرها وأهلَها. وكأنّ نصيب هذه القرية أن تبقى غارقةً في الجهل لتظلَّ خاضعةً لقوى الأمر الواقع. علمًا أنّ لا أحد يلتفت من الطرفين، خصوصًا الفريق المهيمن حاليًّا، إلى أهلها ولا إلى معيشتهم، ولا حتى إلى تطوير أي شيء فيها. كأنّ هذا هو الأمر الطبيعي.
حاولت أن أطّلع على كامل مجريات ما حصل، فتوصّلت إلى بعض المعلومات التي كان فيها تضارب. ولكن المؤكد أنّ ثمّة خلافًا كبيرًا وقع بين مجموعة من “آل حمدان” ومجموعة من “آل زهرة”، وتطور بداية إلى اشتباك بالأيادي، ثم إلى تضارب بالعصي والهراوات، وصولًا إلى استخدام الأسلحة والقنابل، ومن ضمنها قنبلة ألقيت قرب بيت شيخ من “آل زهرة”، الأمر الذي اعتبره الأخير استهدافًا مباشرًا وتهديدًا لحياته. وكانت نتيجة هذه الاشتباكات إصابة شخص من “آل حمدان” – وهو ابن مسؤول “الفريق المنتصر”، استدعت نقله إلى مستشفًى، وهو في حالة حرجة – إصابته في رأسه، ما أدى إلى نزيف فيه وكسور في الجمجمة… وإلقاء القبض على آخر من “آل زهرة”.
لست مهتمًّا كثيرًا بالتفاصيل، لأنّه لن يغير في واقع الأمر شيئًا، وما حصل قد حصل ولا يمكننا تداركه. ولكن ما يهمّني هو تسليط الضوء على مشكلات كهذه تؤدّي إلى ما يجعلنا ندفع الثمن غاليًا من حياة شبابنا ومستقبلهم. وما يهمّني أيضًا أن يدرك أهل البلدة أنّ الهدف من المخططات التي تُحاك، تحويلهم من إخوة إلى أعداء، وأنهم ليسوا أكثر من وقود لأشخاص ولأيديولوجيات ولأفكار ليس لهم علاقة فيها. ولن يقدّموا لهم شيئًا إلا الويل والثبور وعظائم الأمور.
من هنا، يمكننا طرح السؤال الآتي: ما الفائدة التي جناها الطرفان ممّا حصل؟
أنا أدرك، كما غيري، حجم الاستفزازات التي تحصل، خصوصًا من “الفريق المنتصر” الذي يتقاضى المال والدعم مقابل مَهمّته الموكلة إليه، والجميع يدرك أنّ هذا الفريق لم ولن يهتمّ بـ”خراب البصرة”. لذا، يجب على أهل البلدة – إن لم يتكاتفوا ويتضامنوا – ألّا يتقاتلوا وألّا يكونوا “إخوة أعداء”، ينفّذون المطلوب من دون وعي ومن دون علمٍ، وألّا يكونوا “كالحمير التي تحمل أسفارًا”. فالأمر إذا استمرّ على هذا المنوال، ينطبق عليهم البيت الثالث من قصيدة شوقي القائل:
وأين الفوزُ لا مصرُ استقرّت/  على حالٍ ولا السودان داما؟     

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى