الإسلام منهج قَوام البشرية.. أصل الوسطية/ الجزء (6)
خاص “المدارنت”..
ينفرد التشريع الإسلامي بمصطلح الوسطية، واسقط ذلك على على امته، أمة العرب والاسلام التي انفردت بخصيصة الوسطية. وقد وردت كلمة الوسطية في القرآن الكريم مرات عديدة وبمعان مختلفة، نذكر:
“حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين”، البقرة/ 238. “فكفارته عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون اهليكم ….” المائدة/٨٩. ” قال اوسطهم الم أقل لكم لولا تسبحون”. القلم/ 27. ” فوسطن به جمعا “. العاديات / 5.
الوسط يعني أن يتوسط بين طرفين، ودلالة المعنى هي الاعتدال، أي البعد والابعد عن كل غلو، وعن كل تطرف. وهذا ما دل عليه في قوله تعالى: “وجعلناكم أمة وسطا”، أي وجعلناكم خيارا وعدولا كي تشهدوا أن الرسول (ص) قد بلغ الرسالة.
ودلالة ذلك في ما جعله الله تعالى لامة الوسط (أمة العرب والاسلام) أي أنه تعالى قد خصها باكمل الشرائع واقوم المناهج. وهذا يعني أن الإسلام ينظر لهذه الدنيا على أنها مزرعة الاخرة، بمعنى أن المصلحة المادية الدنيوية ليست الهدف، إنما هي وسيلة تحقق السعادة الإنسانية. لقوله تعالى:” والتي فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا….” القصص/ 77.
انطلاقا من الرؤية السياسية في التشريع الإسلامي، فإنه يرفض السياسة المركزية الفردية، كالنظام الرأسمالي ذوو القطب الواحد، ويرفض، ايضا من جهة ثانية، النظام المشاعي الجماعي، والمتمثل بالنظام الاشتراكي، المترنح تحت وطأة الهروب من المسؤولية. بينما يذهب التشريع الإسلامي إلى منهج قوامه المواءمة والتوافق والموازنة بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، وبهذا المعنى يظهر بعد المفهوم القرآني بقوله تعالى:” … وكذلك جعلناكم أمة وسطا….” البقرة/ 143.
لقد أدى النظام الفردي إلى سيطرة القلة القليلة على النظام السياسي العام، وفرضوا الحكم بالحديد والنار، ثم استاثروا بخيرات الامة، تاركين الشعب يتضور جوعا ومذلة، مما أدى إلى ترسيخ مفهوم الصراع الطبقي.
اما من جهة النظام المشاعي الجماعي فقد هدف إلى جعْلِ المجتمع والفرد، ترسا وحصنا في عجلة تحرك الجماعة، مما أضعف الحوافز الشخصية، والمبادرات الفردية، بل قتلها، وقتل روحية الابداع الفردي، إضافة لذلك، فقد أضاع مبدأ ما يسمو به الإنسان الفرد، ألا وهو الحرية، التي تعتبر قاعدة الانطلاق نحو التطور الحضاري، كما وانها تمثل جوهر الحياة الإنسانية. اما اصل الوسطية في الاسلام، إنما هو منهج قوامه حفظ التوازن بين الفرد ومصالحه، وبين الجماعة ومصالحها، فالطرف منهما يكمل الآخر في التبادل والأخذ والعطاء
والتفرد بينها نقص وضياع في الحقوق والواجبات والمسؤوليات لقوله تعالى:
“…. لا تَظلمون ولا تُتظلمون…”، البقرة/ 279. وهذا ما ظهر ايضا في القاعدة الشرعية القويمة (لا ضرر ولا ضرار) التي يمكن أن تمارس وتُطبق في أي سعي انساني دنيوي.
(يتبع)