مقالات

التصعيد في غزّة لا يخدم أحداً!

“المدارنت”..
الباحث عن شمعة مضيئة في نفق منطقتنا المظلم، يكاد يرى، فيما يمكن القول، أن من الإيجابيات القليلة في جو التوتر المسيطر على المشهد اليوم، أن الكل يجمع على أنه لن يكون هناك تصعيد نحو حرب شاملة.
يبدو أن التصعيد غير المدروس لا يفيد أحداً، وهو كذلك، لا بل وكل حريص يدرك أن الدفع نحو وقف الحرب في غزة، هو فقط مفتاح الحل المأمول لفك الاشتباك قبل أن تنفلت الأمور ونذهب إلى ما لا يحمد عقباه.
وفي الوقت الذي جدد فيه الرئيس الأمريكي السابق والمرشح للعودة إلى البيت الأبيض دونالد ترامب التحذير من الانزلاق إلى «حرب عالمية ثالثة»، وذلك في تعليق منه على القصف المتبادل بين “إسرائيل” و«حزب الله»، الذي استفاقت عليه مذعورة جبهة لبنان، فجر أمس الأحد، قال ديبلوماسيان إن الطرفين تبادلا رسائل عبر وسطاء من أجل منع المزيد من التصعيد، في أعقاب واحدة من أكبر عمليات تبادل إطلاق النار خلال الشهور الماضية.
حساسية الوضع في المنطقة، تحتاج إلى وقفة حاسمة وتكثيف الضغوط لنزع فتيل التوتر، ووقف التصعيد، والمدخل إلى ذلك، يكون بالتجاوب مع الجهود المشتركة (القطرية والمصرية والأمريكية) الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في قطاع غزة بشكل فوري، وتبادل الأسرى والمحتجزين.
وإذا كان التصعيد لا يخدم أحداً، فإن السياق الإقليمي يجب أن يسلك الطرق البديلة نحو حوارات مفتوحة، تسعى أولاً إلى خفض التوترات، وثانياً إلى البحث في أسباب الصراعات المفتوحة، لإيجاد مسار للحلول والتسويات.
أما في غزة، التي أصبحت عنواناً لمأساة إنسانية فارقة، فإننا أمام مجتمع دولي مدعو إلى وقفة غير مسبوقة، ودعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات المستمرة التي هي السبب الجذري للأزمات المتفاقمة في المنطقة.
وما ينطبق على الحالة المرتبطة بحرب غزة، قد لا يصلح لغير اشتباك إقليمي، غير أن مطلب خفض التصعيد يبقى صالحاً في كل مكان، خصوصاً في أمتنا العربية التي أنهكها التصعيد وأتعب شعوبها التواقة للبناء وللعيش الكريم.
من السودان الذي يعاني أزمة إنسانية تضع ملايين السودانيين أمام خطر الانعدام الحاد للأمن الغذائي، إلى ليبيا التي تعيش انقساماً مستمراً، إلى سوريا التي تتلمّس طرق الحلول للأزمات المتتالية، وهنا يتصاعد الرهان علّ بدايات إصلاح العلاقة مع تركيا تعيد شيئاً مفقوداً لقرى ومدن وسهول أرهقتها سنوات الصراع.
من هنا فإن التصعيد لا يخدم أحداً، ولا خيار آخر غير تجنب الانجراف إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار، عبر معالجة جذرية للصراعات والأزمات وخفض التوترات، وحل القضايا والصراعات المزمنة التي تهدد الأمن والاستقرار العالميين.

المصدر: إفتتاحية “الخليج” الإماراتية اليوم

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى