مقالات

الراحل محمد شحرور يعتبر أن المحرّمات في القرآن 14 والباقي كلّه حلال!

د. م. محمد شحرور/ مصر
ينشر “المدارنت”، هذا الحوار المثير للجدل، الذي أجرته “قناة 24” الفرنسية، في العام 2020 مع المفكر الإسلامي د. محمد شحرور قبل رحيله، (1938/ 2019).
محمد شحرور توجّه الى الذين فهموا قول الله، ألا يتفكرون أي أن يعملوا التفكير والذين قال عنهم الله أفلا يعقلون أي الذين يعملون العقل.
الذين يتفكرون والذين يعقلون هؤلاء معنيون بفهم ما يقدمه شحرور بقوله، ما فهمه من القرآن الكريم، اما الذين يعتمدون النقل من دون إعمال العقل فهم مسؤولون عما أوصلوا اليه المسلمين حتى الآن.
جاء في الحوار:
# د. شحرور تقول أن القرآن مكتف ذاتيًا، مفاتيح فهمه داخله وليست خارجه، والتحريم لله وحده…. فسّر لنا ذلك؟

– يقولون الحاكمية لله… صحيح حاكمية الله في المحرمات، لا يحق لاحد في الكرة الارضية تحريم التدخين، التحريم يأتي من عند الله، والتحريم يحتاج الى مجيء رسول بعد محمد، عنده بينات من ربّه، وان يقول لنا ان الله حرّم التدخين، يحق للطبيب أن ينهي عن التدخين ويحق للدولة ان تمنع التدخين، ولكن لا يحق لأحد ان يقول ان التدخين حرام..

# ماذا تقول عن الفتاوى التي نقول أن التدخين حرام؟
– هراء.. هذا هراء… المحرمات كما اوردها الله تعالى، ولا شيء غيرها محرم..
انها 14 فقط ولا شيء اسمه محرم.. حلّوا عقدة الذنب، فالمحرمات في الوصايا العشر هي:
قل تعالوا اتلوا ما حرّم ربكم عليكم
الا تشركوا بشيئًا.
وبالوالدين احسانًا.
ولا تقتلوا اولادكم من املاق
والا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن
ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله الا بالحق.
ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن
واوفوا الكيل والميزان بالقسط.
واذا حكمتم بين الناس فاعدلوا، ولو كانوا ذوي قربى اوفوا بعهد الله، ولا يكلف الله نفسًا الا وسعها.
وان هذا صراطًا مستقيمًا فاتبعوه…
احل الله البيع وحرّم الربا.
حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم.
حرمت عليكم الدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله.
والاثم والبغي والعدوان بغير الحق.
الا تقولوا عن الله ما لا تعلمون.

احدى هذه المحرمات الاربعة، ليس يعني اياك ان تقول عن امر انه محرّم، وهو لم يرد في المصحف، وهذا محرّم.

# السنة قائمة في العالم الاسلامي على احاديث الرسول بينما انت تقول ان المرجع هو فقط القرآن، وليس حديث الرسول؟
– هل يناقض الله رسالته؟
أبدًا.. الرسول أدّى رسالته بمنتهى الامانة، والله قال في كتابه العزيز:
ما على الرسول البلاغ.. وما كلفه الله به نفذه.. الرسول قام بانشاء مجتمع مدني في المدينة المنورة.. اول ما فعله الرسول في المدينة، اغلق مجتمع الابائية وساوى بين الرجل والمرأة.
أقر التعددية، أعطى لليهود والنصارى ممارسة حقوقهم. وهناك مرسوم ربّاني باقرار التعددية، “إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ شَهِيدٌ”..

هذه لم تأت لرسول قبله، وقال له إياك ان تظن ان البشرية كلها ستؤمن بك، لان هذا يعني ان هناك اكراهًا حتى تبايعك البشرية كلها.

# د. شحرور حضرتك تجول في اوروبا وتشاهد وتسمع ان هناك من يقول ان الاسلام يستحيل ان يتعايش مع غيره ومع المفاهيم الغربية أو مع العلمانية.. بالتالي العودة الى النصّ القرآني؟
– النص القرآني لم يستعمل… اكبر خدعة وقعنا فيها هي بني الاسلام على خمس، وهذه الخدعة اخذت من كتب الحديث وهي “شهادة ان لا الله الا الله وان محمدًا رسول الله، اقامة الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلًا..
هل تعلمي اننا بهذه عزلنا انفسنا عن العالم، اي اننا وحدنا المسلمين بالقول بُني الاسلام على خمس، والحقيقة هي بني الايمان على خمس، الاسلام ما بني على خمس نحن اتباع محمد، هذه تميزنا عن غيرنا كملّة، انا كمسلم اؤمن بالله الواحد… كمؤمن اؤمن بمحمد، اضفت الى ايماني بالله بايماني برسوله محمد، فأنا مسلم مؤمن.

ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات المؤمنون بمحمد المسلمون لله.

# هل بامكان الاسلام أن يتعايش مع العلمانية؟
– القرآن اعترف بالتعددية، وهذا اعتراف ربّاني ان الل،ه يفصل بينهم يوم القيامة، واكثر من ذلك، انه نبه على الرسول قائلًا له: ولو شاء ربك لآمن من في الارض جميعًا كلهم أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين، اذا كان معظم اهل الارض من اتباعكم، فمعنى هذا ان هناك اكراها”، انظري الى النسبة الان بين اتباع الملل، فلا يوجد اتباع ملة يشكلون اكثر من 50%، كلهم تحت الخمسين بالمئة، ولو كان هناك ملة يصل اتباعها الى 70% او الى 80% فهذا يعني ان هناك اكراهًا… ومن فضل الله على الناس ان اتباع محمد ليسوا 90% وان المسحيين ليسوا 90% وان البوذيين ليسوا 90%، لان اي ملة يصل اتباعها الى 90% معنى هذا انها ستلغي الاخرين… هذه هي التعددية.

# جوهر العلمانية هو فصل الدين عن الدولة، ان يترك الدين لرجال الدين وان تترك الدولة لرجالها، والا يتدخل رجال الدين في شؤون الدولة، هناك من يقول ان الاسلام دين ودولة وانه يجب ان يتدخل رجال الدين في شؤون الدولة…. ما هو رأيك؟
– اولًايجب الغاء عبارة ان دين الدولة هو الاسلام من دساتير اي دولة…. لان الاسلام مفهوم عالمي، بينما الدولة مفهوم محلي، فهناك فرنسا وهناك سويسرا وهناك اميركا وهنا مصر وهنا السعودية…. العالم ليس دولة واحدة، اساس الاسلام هي القيم الانسانية، وهذه القيم لا حدود لها..
يجب أن لا تضعوا نصًا بأن يكون هناك تشريعًا اسلاميًا، بل اكتبوا ان القيم الاخلاقية هي الاساس، وهي المرجعية، فالوصايا العشر هي المرجعية الاخلاقية للدول، لان كل دولة يجب ان يكون لها مرجعية اخلاقية، ومن دون هذه المرجعية الاخلاقية تنشأ مشكلة كبيرة.
لا إكراه في الدين، لا النافية عندما اقول لك أن لا يوجد ماء في البيت، انا لا اقول لك لا تشربي، أنا اقول انه لا يوجد ماء في المنزل، فلا إكراه في الدين… لانه اصلًا غير موجود، وفعل اطيعوا هو اساس التطوع، فعل طاع يأتي من التطوع، واطيعوا يعني متطوّع فكيف يكون هناك اكراه. عندما قال لا إكراه في الدين، فالدين لا يملك اداة الإكراه الدولة تملك أداة الإكراه.

# كل ما يرتكب باسم الدين الاسلامي هو من دول وحركات.. كيف يمكن الخروج من هذه الحالة؟
– يجب اعادة النظر بكل ما هو موجود في الفقه، فالاسلام الحالي جاءنا من العصر العباسي، عصر التدوين، الشافعي ولد سنة 770 ميلادي، أيّ بعد 150 سنة هجري من رسالة محمد بالقرآن، والشافعي جعل السُنّة وحيًا، وهي عنده كتاب ثاني مع القرآن، والفقهاء مثله وبعده استلهموا الانجيل، الذي ورد فيه قال الربّ وقال يسوع…. فجعلوا الامر نفسه، قال الله وقال الرسول… بعدها نشأ علم الحديث، والدين أخذ من الأحاديث والأحاديث ركبت على الدولة، الفقه والمصطلحات التي يتم استخدامها الآن، وضعت كي تتناسب مع وجود الدولة الاسلامية، وسلاطينها وحلفائها، باعتبارها كانت أقوى دولة في ذلك الزمان…
# هل ترى ان هذه الافكار لها دورها وتأثيرها في العالم العربي هذه الايام؟
– أنا طرحت أطروحتي على الشكل التالي:
لن يدخل الناس في دين الله افواجًا حتى بخرجوا من دين الأباء اولًا:
هذا الدين ورثناه بمصطلحاته وافكاره والتكفير والجهاد، كلها ورثناها من القرن الثامن الميلادي، وما كانت أبدًا جزءًا من رسالة النبي محمد.
وقعت هذه الافكار والمصطلحات كي تناسب دولة عظمى، وهذا كان بطلب من الخلفاء او منافقة لهم من الفقهاء.. لذا، لا يمكن ان تستخدم الآن… هذه الحركات الاسلامية التي تستخدم العنف باسم الدين، تقدم لحمًا بشريًا مجانًا… وأن كان سنّيا او شيعيا.

# هل تعتبر نفسك سنّيا او شيعيا؟
– انا خارج هذا التوصيف تمامًا، أنا مؤمن، مسلم، عند الاثنين محور الاسلام السنّة والصحابة، وعند الشيعة النبي والائمة، الإثنان على خطى واحد.
الله سمح للرسول العربي وحده أن يضع قانونًا مدنيًا، جاء الحرام في كتاب الله، والرسول نظم الحلال.
القانون الفرنسي والكونغرس الاميركي من مهماتهما تنظيم الحلال، فاذا شئت مثلا ان تنتقلي من مكان الى آخر، مثلّا من البيت الى العمل، واجهتك اشارة ضوئية… ذهابك الى العمل حلال، وحتى لا يحصل صدام بين سيارتك واخرى، وضعوا لك اشارة ضوئية، فهذا تنظيم للحلال..
الرسول شرع القانون المدني، وضعه لمجتمعه حوله اتباعه الى دين من هنا كان الانحراف، الرسول مثلًا، اذا كان قال للمرأة لا تسافري إلّا مع محرم (شقيق، اب، ابن، بعل) فهو إذن تقييد الحلال، ولم يحرّم… يضع قانونًا..
انتهى التشريع الإلهي، وبدأ التشريع الانساني لمجتمعه.. هذا ما جعله المسلمون دينًا… وهذا هو الخطأ.
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى