“العمل الشيوعي” تحيي ذكرى إنطلاقة “جمّول” وتكرّم غزال

أقامت “منظمة العمل الشيوعي” فرع البقاع، مهرجاناً سياسياً في بلدة قب الياس، لمناسبة ذكرى انطلاقة “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ـ جمّول”، وتكريماً لأحد قياداتها الراحل خالد غزال، في حضور عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية والفلسطينية ورؤساء بلديات في المنطقة.
بعد الافتتاح بسماع النشيد الوطني اللبناني. قدم عريف الحفل حسين موسى نبذة عن المتحدثين، وشريطاً مصوراً يجسد حياة غزال الحزبية والشخصية والعلمية والمهنية.
وتحدث رفيق وصديق درب المفكر والكاتب خالد غزال العلمي والفكري د. فارس ساسين، عن “الثالوث الذي قامت عليه أفكار ومبادئ خالد، واستحضارها في كتب أغنت المكتبة العربية.
وأشارت زوجة الراحل عائدة سلوم، الى “أفكار خالد ومصالحته مع مبادئه ونفسه، وقدرته على متابعة كافة الأمور انطلاقاً من مبدائه الانسانية والوطنية، كما كان الزوج والأب المثالي المنفتح، والأخذ بيد المرأة زوجة كانت أم بنتاً او اختاً او صديقة لأن تجد نفسها لتسلك طريقها”، مؤكدة انه “كان ضد سياسات التهجير والتكفير، وإلغاء الآخر وضد انفلات الغرائز والطوائف وتهشيل الشباب”.
وولفت أمين سر المكتب التنفيذي زكي طه، الى “المراحل التاريخية لمسيرة خالد غزال الحزبية والنضالية، والى جهده الأكبر في التحضير للمؤتمر الرابع الذي إختتم به مسيرته النضالية. وهو بارادته الصلبة يسابق المرض الذي يفتك بجسده”.

وقال أن “المؤتمر يعتبر إنجازاً فاصلاً في تاريخ المنظمة، وتتويجاً لمسيرة امتدت نصف قرن من الزمان”. ولفت أن حق الشهداء والمناضلين والقادة، الذين رحلوا أن يُكرموا، لأنهم قدموا أغلى ما لديهم في سبيل قضايا آمنوا بها وضحوا من أجلها. والتكريم لا يكتمل، إلا بتجديد مسيرة النضال التي انتسبوا إليها، مناضلين ومقاتلين ومقاومين، سقطوا شهداء من أجل التغيير والتقدم، ودفاعاً عن الوطن”. وعدد التحركات النضالية المطلبية وقال “حملنا السلاح معاً من أجل فلسطين، التي رأينا في قضيتها وثورتها، رافعة تحررية تتجاوز لبنان، لتعم العالم العربي، وتقيم فيه أنظمة وطنية ديمقراطية. هُزمت الثورة وشُرّد الثوار، وحُوصرت قضية فلسطين، لكن شعبها لم يزل ويظل ثائراً، وسقط منا شهداء” .
وعرض طه “مشاركة المنظمة في مواجهة العدو الصهيوني، الذي استغل انقسامات اللبنانيين حول الهوية والوطن. فاجتاح جيشه الجنوب واكثر البقاع والجبل، واحتل عاصمة الوطن وسط مقاومة بطولية بعد حصار طويل، وسقط منا شهداء، لبينا نداء القائدين، الشهيد جورج حاوي والرفيق محسن ابراهيم، وأطلقنا جبهة المقاومة الوطنية اللبنانيية، جواباً تاريخياً على الاحتلال الاسرائيلي، وخلال أيام انسحبت قواته من بيروت على وقع مناداتها بوقف العمليات عليها، ثم أُجبرنا وإياكم العدو، على الانسحاب من أكثر المناطق المحتلة، وكان منا شهيد المقاومة الاول مهدي مكاوي، وشهيدها الاول في الجنوب فضل سرور”.
أضاف: “إن صفوف مسيرة التحرير اتسعت، وأوقعت خسائر بالعدو وكبرت لائحة الشهداء”، معتبرا أن “الحرب الأهلية كانت مدارة ومدعومة فكانت أقوى، لذا تعددت ساحاتها واتسعت صفوف قواها وجبهاتها.
وتابع: “حاولت سلطة الوصاية اخضاع المقاومة الوطنية، لخدمة سياساتها ومصالحها. وضيقت عليها مع قوى الطوائف المتحاربة، وحاصرتها ودفعتها للإنكفاء، فجرى تطييف العمل المقاوم تحت راية المقاومة الاسلامية، لكن ذلك لم يمنع تحقيق إنجاز التحرير المجيد، بقوة تضحيات مقاتلي حزب الله، والاحتضان الأهلي له والدعم الخارجي، لكنه في المقابل كرسًّ التحريرَ والمقاومةَ والسلاحَ، مادة انقسام بين اللبنانيين، وعطل مفاعيله الوطنيه وجعله موضع نزاع داخلي، ووسيلة استقواء وارتباط بالخارج”.
وأشار الى “تزامن انكفاء جبهة المقاومة الوطنية وهزيمة مغامرة التغيير، وفشل مشروع الحركة الوطنية للاصلاح بقيادة شهيدها الأكبر كمال جنبلاط، مع قرار خروج منظمتنا من الحرب الأهلية. الحرب التي أُجبر اللبنانيون على مقايضة وقف القتل والتهجير والدمار بتجديد النظام الطائفي، بقرار دولي ودعم عربي. وهو النظام الذي ما زال يحكم البلد، بقوة آليات المحاصصة التي تأسر اللبنانيين، في دائرة التخلف والانقسام، و خطر تجدد الحرب الأهلية والإرتهان للخارج”.
ووأوضح أن “الاستحقاقات أمامنا كانت كثيرة، والخيارات صعبة كلها، والأسئلة صادمة ولا أجوبة. لم يكن مفاجئاً أن يستسلم كثر، ويسلموا بالهزيمة تعباً ويأساً، وأن تتنازعهم مقاعد المتفرجين، واحضان الطوائف واحزابها الزاحفة لتقاسم السلطة، ونحن كغيرنا لم ننجُ من الإنهيارات والانقسامات والشرذمة، التي حلت بجميع القوى والأحزاب اليسارية والشيوعية أينما كان”، لافتا الى ان “خيارات خالد غزال بالاستمرارية لم يكن بالامر السهل، في ظل
انهيار المنظومة الاشتراكية، وما تلاها من انعكاسات”.

وذكر أن “اتخاذ الاشتراكية والتقدم والديموقراطية، مع قناعة راسخة، بضرورة مراجعة التجربة واستخلاص دروسها، بوصفها مدخلاً وحيداً لإمكانية تجديد اليسار ودوره، بعيداً عن الاستسهال والتبسيط. فشكلت المراجعة النقدية، فتحاً فكرياً وسياسياً في عالم اليسار اللبناني والعربي”، مضيفا “قدمت منظمتنا، المئات من الشهداء والجرحى ومن المعتقلين والأسرى والمخطوفين، وغادر صفوفنا أيضاً المئات من المناضلين والقادة الذين هدهم التعب والمرض، ورحل عنا رفاق كثر، وقادة أعزاء كان آخرهم قبل أشهر الرفيق خالد”.
وقال: “نرى في المبادرة التي أقرها المؤتمر خطوة اساسية على طريق التجديد ليسار ديمقراطي علماني، قادر على قراءة أزمة البلد. يسار يميز هدف التغيير، عن الاخطاء المرتكبه في سبيله، ولا يخشى الاعتراف بها والاعتذار عنها، وتميّزه عن الآخرين وخطاياهم واخطائهم، فهذا مصدر حصانة لعدم تكرارها واساس لاستعادة الثقة به، وفيه أيضاً وفاء وتكريم لتضحيات اللبنانيين، وكل من حاول وناضل وضحى واستشهد. يسار يساهم في بناء معارضة ديمقراطية مستقلة، تعمل على شق طريق معاكس، لمسارات الانقسامات الأهلية الطائفية المتناسلة، من خلال إعادة بناء كتلة شعبية تؤطر في صفوفها أكثرية الفئات المتضررة في حقوقها ومصالحها، وتحويلها قوة ضغط تحاصر الطبقة السياسية المتسلطة، على الدولة ومؤسساتها باسم حقوق الطوائف. وتعارض سياساتها التي لا تنتج سوى الأزمات والكوارث”.
وأمل “الوصول الى معارضة قادرة على فرض سياسات بديلة، تبعث الأمل بإمكانية بناء دولة لا يسترهنها حكامها لصراعاتهم وفسادهم ، ولا تجر البلد إلى الديون والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وخطر انفجار الإقتتال ثانية والإرتهان دوماً للخارج”.
واعتبر أن “الأزمة الأخيرة في الجبل ما هي سوى لحظة في تاريخ البلد، موصولة بما سبقها وما يليها، مما يبشرنا به أصحاب الخطب الشعبوية والعنصرية، للتحشيد الطائفي وتزخيم طموحات الهيمنة وأوهام إلغاء الآخر وتصفية الحسابات غير عابئين بمصالح الوطن والمواطن”.
وقال: “إن استمرار الفساد والنهب لموارد الدولة سياسة يتحمل مسؤوليتها الفريق الحاكم وهي تدفع بالأوضاع المعيشية والمالية والاقتصادية نحو الانهيار. غير أن التلاعب الأهم والأشد خطورة يتمثل في إصرار أهل الحكم على إبقاء البلد ساحة، وربط أزماته بالخارج والارتهان لمحاوره المتحاربة، على حساب المصلحه الوطنية، وبما يكرس لبنان ساحة مشرّعة أمام مخاطر الدمار الإسرائيلي، وتوظيف قضيته الوطنية في خدمة ولاة الأمر الاقليمي، ويربطه بمسارات الحروب المدمرة، التي لا تنتهي، كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن وليبيا، فيما شعب فلسطين يواجه منفرداً، تحديات محاولات تصفية قضيته، ويعاني الحصار والمخططات الاسرائلية – الاميركية، لمنعه من ممارسة حقه في اقامة دولته الوطنية المستقلة”.
وختم: “اذا كانت التحديات أمام شعوبنا ومجتمعاتنا العربية، ونحن منها كبيرة وأكثر من أن تحصى، فإننا لا نرى أمامنا بديلاً سوى المطالبة بوقف الدمار والخراب والقتل المجاني، مقابل تجديد التزام أهداف ومبادىء التقدم والحداثة والتحصن بالديمقراطية والعلمانية الرحبة والتمسك بالحقوق والمطالب المشروعة والسعي لتحقيقها وإعادة بناء موقعنا الاجتماعي ودورنا النضالي كيسار، وهو خيارنا الوحيد الذي يجدد الامل بالمستقبل”.