الوعي الحقوقي.. الجزء “3”
ثالثاً: سمات وخصائص الوعي الحقوقي
//خاص المدارنت//... إن للوعي الحقوقي، خاصة الإيجابي منه، والذي نحن بصدد الحديث عنه هنا، سمات وخصائص وصفات يتّسم بها ويتصف ويختص بها، حتى يكون وعيا حقوقيا إيجابيا، بما ينتج عن تلك الإيجابية ويترتب عنها، وإن تلك السمات والخصائص والصفات ليست ضرورية ولا حتمية، وهذا طبعا مستحيل، بأن تتوفر جميعها وبكامل جوهرها فيه، وإنما بدرجة كبيرة منها، بحيث تتغلب السمة والصغة الإيجابية فيها على السمة والصفة السلبية، وهنا نستطيع القول بأن تلك السمات والخصائص والصيغات في حال توفرهر إيجابية في عمومها، وبأن ذلك الوعي الحقوقي إيجابي في عموميته.
من تلك السمات والخصائص والصفات الإيجابية التي يتسم ويتصف بها الوعي الحقوقي الإيجابي في عموميتها وعموميته، نذكر على سبيل المثال لا الحصر وباختصار شديد، ما يلي :
أولا: الإنسانية الأخلاقية
وذلك باعتبار ذلك الوعي وتلك الحقوق، كمبدأ إنساني أخلاقي مقدس للإنسان الفرد والإنسان المجتمع والشعب، والأمة تقره وتطالب به كل الشرائع والقوانين، سماوية كانت أم أرضية، لا يجوز لأي جهة مهما كانت حرمانهم منها أو المساس بها أو التعدي عليها بأي ذريعة من الذرائع، وكون ذلك الوعي الحقوقي إنساني أخلاقي، فإن ذلك يمنعه من التعدي على حقوق الأخرين والنظرة إليها والتعامل معها وفقا لتلك الإنسانية الأخلاقية وعلى أساسها وفي إطارها.
ثانيا: الشمولية والعمومية
بحيث يكون ذلك الوعي شمولي، يشمل جميع الأفراد والمكونات المختلفة للمجتمع والشعب والأمة، وعمومي، يعمّ جميع المجالات الحياتية المختلفة لهم، فتلك الشمولية وتلك العمومية تجعلة يقر بتلك الحقوق لكل أفراد ومكونات المجتمع المختلفة والشعب والأمة، إذ لا يجوز التعدي على حق من حقوقهم أو حرمانهم منها أو المساس بها، وتعم جميع المجالات الحياتية المختلفة لهم، ولا تقتصر على جانب دون سواه.
ثالثاً: التطور والنموّ
يتمثل ذلك التطور والنموّ بتطور ونموّ الوعي الحقوقي، وفقا لتطور ونماء المجتمعات البشرية، بما يرافق ذلك من تطور لتلك الحقوق الناتجة عن تطور ونموّ الحاجيات والاحتياجات للإنسان،
بحيث لا يظل ذلك الوعي الحقوقي جامدا، ولا يتطور وينمو مع نمو وتطور تلك المجتمعات، وإلا تحوّل إلى وعي سلبي.
رابعا: الإلمامية
.. حيث يلم ذلك الوعي بالمعرفة التامة، بكل ما يتصل بتلك الحقوق، عادات وأعراف وتقاليد، والأهم من ذلك، القوانين التي تنظم تلك الحقوق، والمطالبة بها قانونيا، في حال التعدّي عليها بالحرمان أو الإنتقاص من قبل أي جهة كانت.
خامسا: الإرتقاء والطموح
… حيث يرتقي ذلك الوعي، إلى مستوى الطموح في سبيل الحصول عليها، عبر المطالبة بها وعدم التهاون في ذلك، وذلك الإرتقاء والطموح يتناسب تناسباً مضطرداً مع تطور تلك المجتمعات والشعوب والأمم، بما ينتج عن ذلك من تطوّر لحاجياتها واحتياجاتها، وما يترتب على ذلك من تطور لوعيها الحقوقي، ومن ثم الإرتقاء والطموح لمستواها.
سادسا: السلمية
تلك السلمية، التي تجعل من ذلك الوعي الحقوقي، ينعكس على حامليه في كل ما يقومون به ويصدر عنهم، من أقوال وأفعال وسلوكيات وتصرفات في تعاملهم مع الآخرين، وبخاصة السلطة الحاكمة، عبر المطالبة سلميا بنيل تلك الحقوق وبالوسائل السلمية المتاحة لذلك، وإن حدث في بعض الفترات، واقتضت الحاجة والضرورة للخروج عن تلك السلمية، فإنما يكون ذلك بمثابة إنذار لتلك السلطة، حتى تستشعر الخطر الحقيقي الذي يهددها، ومن ثم الإصغاء لتلك المطالب الحقوقية، والاذعان من قبلها لتلك الاصوات المطالبة، ومن ثم القبول بإعطائهم إياها، كاملة غير منقوصة، لكن جوهر ذلك إن حدث، إنما يكون جوهراً سلمياً، فالعنف لا يولد إلا العنف.
سابعا: المسوؤلية الأخلاقية
سواء تلك المسوؤلية تجاه النفس، وفي علاقته بها، أو تجاه الآخرين وعلاقته بهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، تلك المسوؤلية الواجباتية المرتبطة بتلك الحقوق. فلا تكون تلك المسوؤلية مسوؤلية أخلاقية لذلك الوعي الحقوقي، إلا إذا تزامنت مع ما تفرضه تلك الحقوق، طبعا في حال الحصول عليها، من الدفاع عن حقوق الآخرين مهما كانوا، وأينما حلّوا وارتحلوا، وكذلك عبر تأدية تلك الواجبات المترتبه على نيل تلك الحقوق، وعدم التساهل أو التنصل من تأديتها.
… يتبع