الى روح الشاعر الراحل كريم العراقي
خاص “المدارنت”..
يا شاعِرَ الأحزانِ ما الأحزانُ
أهِيَ عِراقٌ أم هِيَ لُبنانُ
أم أنَّ دَمعَهُما بفَقدِكَ باكِرًا
صَبَغَ الخَرائطَ فاختَفَتْ أوطانُ
فجعَلتَ أمصارَ العروبَةِ كلَّها
تبكيكَ .. شامٌ مَغرِبٌ وعُمانُ
تبكيكَ شُطآنُ الخليجِ ونيلُنا
وجبالُ أطلَسَ هزّها الخُفَقانُ
تبكيكَ بيروتُ التي أحبَبتَها
وكذاكَ ثكلى أصبَحَتْ عَمَّانُ
تَبكيكَ سومَرُ .. بابلٌ وحَدائقٌ
بغدادُ تبكي شَقَّها الهِجرانُ
يبكيكَ دِجلَةُ والفُراتُ نحيبُهُ
يَرثي أخًا من نَبعِهِ الجَرَيانُ
يبكي عِراقُكَ يا كريمُ ونالَهُ
جُرحٌ على جُرحٍ فَهُم إثنانُ
قد كُنتَ ثالِثَ رافِدٍ في أرضِهِ
بقصائدٍ هامَتْ بِها الألحانُ
فرَوَيتَ أفئدَةَ الملايينِ التي
عرَفَتْ بصِدقِكَ أنَّكَ العُنوانُ
جاؤوا إليكَ مُوَدِّعينَ فهابَهُم
هذا الفراغُ فما لَهُنَّ مَكانُ
وَجدوا القصائدَ في العِراقِ يَتيمَةً
والرافِدَينِ أصابَهُم فُقدانُ
أكريمُ تمضي هَاكَذا وكأنّما
كُلُّ الأنامِ كأنَّهُم ما كانوا
في غُربَةٍ كانَتْ لشِعرِكَ ريشَةً
كتَبَتْ بدَمعٍ خَطَّهُ الحِرمانُ
وأنا كذَالِكَ يا أخي في غُربَتي
أبكي وقَلبي مسَّهُ الهَذَيانُ
وتَخُطُّ شِعري في وداعِكَ دَمعَةٌ
من خاطِري وتَخونُني الأوزانُ
فالشِّعرُ يَرثي بعدَ شِعرِكَ سِحرَهُ
لا حَرفَ يوفي حُزنَهُ وبَيانُ
أرثيكَ لن أرثيكَ لَستَ بمَيِّتٍ
أبدًا وتُنشِدُ شِعرَكَ الأَزمانُ
من كَانَ مثلَكَ لا أظُنُّ يطَالُهُ
خَونٌ بذَاكِرَةٍ ولا نِسيانُ
فارقُدْ أمينًا يا كريمُ لَعَلَّهُ
يأتي العراقَ من التُرابِ أمانُ.
=========
# كتب حسين أبو علي/ بولندا