الى نتنياهو: لن تحقق ما عجزت عنه في 19 شهراً.. دعك من أحلامك “التشرتشلية”!
“المدارنت”
محظور إرسال جيش الى حرب من دون هدف قابل للتحقق. هذه فريضة نسيتها حكومة نتنياهو عندما قررت في نهاية الأسبوع توسيع المعركة في غزة. الأجهزة الثابتة، ومصانع السلاح، وأطر حماس العسكرية ومعظم قياداتها، دمرت في 19 شهراً من القتال. ورغم بقاء مئات الكيلومترات من الأنفاق وآلاف المجندين الجدد من حملة السلاح الخفيف والمفعمين برغبة الثأر، لكن هؤلاء وأولئك ستستغرق تصفيتهم سنوات.
إبادتهم المطلقة ليست هدفاً قابلاً للتحقق. ولن تكفي تلك السنة التي خصصها ديرمر لإنهاء المهمة. سيطرة حماس أو ما تبقى منها لا تتاح إلا بفضل رفض نتنياهو كل خطة تعطي السيطرة على غزة لجهة عربية أو فلسطينية ليست حماس. ثمة جهد عسكري مكرس لتدمير المباني في غزة، وتسوية أجزاء واسعة فيها بالأرض. أكثر من 40 في المئة من مساحة غزة مدمرة، وهذه أجزاء يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. وكلما كان لمليوني فلسطيني يعيشون في غزة مساحة أقل للعيش عليها، وحين لا يكون لهم مصدر رزق، يزداد الوضع الإنساني احتداماً في القطاع.
حتى من ليس فيه رحمة لسكان القطاع يعرف أنها قنبلة موقوتة. في النهاية، الحساب – وليس المالي فقط – سيقدم لنا. الخطة المصرية التي تدمج إعمار القطاع وإزاحة حماس، رفضتها الحكومة. فهي تفضل خطة ترامب الذي هو نفسه تراجع عنها –إخلاء السكان الغزيين، التي ستعتبر جريمة حرب – حتى لو سميت “إخلاء طوعياً”. “مديرية الهجرة الطوعية” التي تستقر في وزارة الدفاع، لن تغير الوضع في القطاع، لكنها ستلقي بمشاكل على المشاركين فيها وعلى الدولة كلها.
كل من قاتل الإرهاب يعرف أن هناك حاجة لخلق فصل بين منظمات الإرهاب والسكان الذين ترغب في الانغماس بينهم، ولخلق حوافز مادية إيجابية لتشجيع هذا الفصل. حتى مع مؤشرات أولية للتمرد على حكم حماس، واضح أن الحكومة لا تعمل بموجب هذا المنطق العملياتي.
لا يبدو أن هناك نهاية للحرب في غزة؛ لأنه لا غاية استراتيجية لها، لكن لها غاية سياسية: تعزيز الائتلاف. إن استمرار الحرب شرط لعضوية أحزاب اليمين المتطرف في الحكومة. تسوية غزة بالأرض والأحاديث عن “إخلاء طوعي” لسكانها، أمور تمنح سموتريتش ورجاله أملاً في تجدد الاستيطان في غزة، وهذا أفق يستحق من أجله البقاء في الحكومة.
والتبرير الذي لا يقل أهمية، هو أن استمرار الحرب يبعد خطر لجنة تحقيق رسمية، ويساعد نتنياهو على بناء الأهم عنده من أي شيء آخر – إرث تشرتشلي، مثلما تتطلع روحه. صحيح أن كتب التاريخ سترفقه مع 7 أكتوبر، ومع التخلي عن المخطوفين، ومع قضية الغواصات وقضية “قطر غيت”، ولكنه يسعى ليستبدل بها إرث قتال متواصل لإعداد إسرائيل، وكلما طال فهذا أفضل.
الأسوأ أن القتال المتواصل يحكم على المخطوفين بالإعدام، وليس صفقة تبادل. القول إن توسيع القتال يؤدي إلى تحرير مخطوفين، كذب.
وعليه، عندما توجه إلي مرؤوسون لي سابقاً من وحدة 669 للانضمام إلى عريضتهم التي تؤيد عريضة الطيارين، فعلت هذا فوراً وبروح تواقة. ربينا مقاتلي الوحدة على التفاني بالروح لإنقاذ وإعادة الطيارين والمقاتلين والمدنيين من كل مكان في الشرق الأوسط، وفي كل الظروف. هذه القيمة ليست من نصيب الحكومة الحالية، وهذا سبب آخر لاستبدالها وبسرعة.