بلينكن مجدداً..!
“المدارنت”..
الرحلة العاشرة في الشهر الحادي عشر منذ اندلاع شرارة الحرب الدامية في غزّة، يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى “إسرائيل”، في محاولة جديدة، لإنعاش الجهود الدبلوماسية الأمريكية في سبيل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإنهاء الحرب على القطاع، ومعاناة سكّانه المتواصلة على مدار الشهور والأيام الماضية.
الجديد في زيارة بلينكن تبوح عنها التصريحات المرافقة والسابقة واللاحقة، والتي تشي بأن الحرب “الإسرائيلية” على غزّة، ربما تقترب من نقطة وقف إطلاق النار.
لغة جديدة سمعها مجلس الوزراء “الإسرائيلي” من بنيامين نتنياهو، قبيل استقباله بلينكن، مفادها بأن المفاوضات معقدة، وأن «هناك أموراً يمكننا أن نكون مرنين بشأنها..»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن الضغط يجب توجيهه إلى حماس، وليس إلى “إسرائيل”.
السؤال الأهم: ماذا في جعبة بلينكن، الذي يزور المنطقة للمرة الأولى منذ التصعيد الأخير، جراء اغتيالي بيروت وطهران اللذين رفعا التصعيد في المنطقة إلى مستويات جديدة؟
وفي الوقت الذي يسابق فيه الوسطاء الوقت من أجل التوصل لاتفاق يخفف التصعيد المهدد بالتوسع في المنطقة، يبدو أن بلينكن لا يحمل جديداً، بقدر ما هو استكمال لسياسة سد الفجوات التي تعتمدها إدارة بايدن، للوصول إلى صفقة قائمة على أساس مقترحات الرئيس الأمريكي التي مر على إطلاقها أكثر من شهرين، من دون نتيجة.
وزير الخارجية الأمريكي في زيارته التي تأتي في الفاصل الزمني بين لقاءات الدوحة والقاهرة، يحمل معه إلى “إسرائيل” دعماً عربياً وأوروبياً، من أجل الضغط، لإنجاح محادثات وقف إطلاق النار، وتجنب التصعيد، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، على أمل عدم إضاعة مزيد من الوقت، حرصاً على إنهاء الأوضاع المأسوية في قطاع غزة.
المطلوب من بلينكن، أن يجدد وبحزم أمام قادة “إسرائيل”، أن المعاناة الإنسانية في قطاع غزة لم تعد تحتمل لحرب تقترب من إتمام عامها الأول، وأن إنهاء التوتر والتطرف والعنف المتصاعد في المنطقة هو السبيل، لإيجاد أفق سياسي وتحقيق السلم.
ويجب ألا يذهب من بال بلينكن أن مقترحات رئيس إدارته جو بايدن بشأن الأوضاع في قطاع غزة، تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وانسحاب الجيش “الإسرائيلي” من قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، وعودة سكان شمال القطاع إلى مناطقهم، وزيادة وتيرة المساعدات، بما يدعم الاحتياجات الإنسانية في القطاع، وتنفيذ خطة إعادة إعمار شاملة لغزة.
وإذا كان لا بدّ من التعامل بجدّية وإيجابية مع مقترحات وقف التصعيد في المنطقة، فضلاً عن ضمان حماية أرواح المدنيين والتخفيف من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزّة، وإنهاء هذه الحرب، فإن بلينكن أمام اختبار جديد له ولإدارة بايدن بالقدرة على لعب دور في هذا الشرق الأوسط المنهك بالحروب والانقسامات. فهل ينجح؟