تحية إلى د. جابر عصفور.. كاتبًا وملهمًا ومؤسّسًا..
جابر عصفور ومشروع البناء الثقافي
إعداد: “مختبر السرديات”/ الدار البيضاء/ المغرب
تشكل تجربة جابر عصفور نموذجا فريدا في الحديث عن المشروع الثقافي الذي نهض به على مستويات متعددة، سواء أستاذا جامعيا وباحثا مرموقا أو مسؤولا عن مجلة فصول وغيرها أو مسؤولا في المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للترجمة أو في وزارة الثقافة، وفي كل هذه المواقع وغيرها كان فاعلا حقيقيا في إنتاج حركة ثقافية عربية تنتصر للحداثة والتنوير والتجديد.
وقد أسهم جابر عصفور وعلى مدى ستة عقود في إغناء المكتبة العربية بتأليفات رئيسية وترجمات وتحرير وكلها تصب في النقد والتحليل والتنوير والدفاع عن القضايا الاستراتيجية للفكر، وجميعها تنطلق من رؤية منهجية وبُعد ثقافي واعي، نال عنها جوائز عربية كثيرة.
وتعتبر مؤلفاته، على حد تعبير أحد النقاد (منظومة واحدة تتخذ من الفكر والأدب وجهيها البارزين ولا تكتمل إلا بالعودة إلى التراث البلاغي والنقدي الذي بدأ به عصفور رحلته الأكاديمية …وكان دافعاً لانفتاحه على مفاهيم العقل الحديث من خلال ترجماته من قبيل “عصر البنيوية”، و”الماركسية والنقد الأدبي”، و”اتجاهات النقد المعاصر”، وكتابه المهم “قاطرة التقدم: الترجمة ومجتمع المعرفة”، ثم إنجازه الكبير في إنشاء المركز القومي للترجمة. بهذه الاعتبارات يمكن وصف جابر عصفور بالمثقف العضوي ، فهو لم يكتفِ بدوره ناقداً أدبياً كبيراً، بل اشتبك مع قضايا عصره مواجهاً ما يعترض مسيرة تقدمه من “ثقافة التخلف”، و”التعصب”، و”الإرهاب”، ورافعاً راية الحداثة التي تؤمن بالتعدد والتنوع وحق الاختلاف وحرية الاعتقاد والتعبير).
وفي ما يلي إضاءة لبعض مؤلفاته ذات التأثير في الحياة الثقافية والأكاديمية:
الصورة الفنية فى التراث النقدي والبلاغي عند العرب
يرى المؤلف الدكتور جابر عصفور في هذا الكتاب أن الصورة الشعرية أضحت جوهر الشعر وأساس الحكم عليه، ولقد اهتم النقاد بجانب التصوير منذ قديم الأزل، وقدموا جهودهم في هذا الصدد، وإن اقتصرت جهودهم على حدود الصور البلاغية كالتشبيه والمجاز ولم تتعداها لتشمل الصور الذهنية ،النفسية، الرمزية، والبلاغية، التى تتبلور وتتناغم فى وجدان الشاعر.
مفهوم الشعر
أما فى هذا الكتاب يحاول الدكتور جابر عصفور أن يتوقف عند الجوانب المتكاملة للمفهوم، ولكن من خلال ثلاثة نقاد وثلاثة كتب فحسب، ولذلك يقوم هذا الكتاب على ثلاث دراسات أساسية، تدور حول موضوع واحد هو مفهوم الشعر، من خلال كتب ثلاثة هي: عيار الشعر لابن طباطبا العلوى ، ونقد الشعر لقدامة بن جعفر ،ومنهاج البلغاء وسراج الأدباء لحازم القرطاجنى.
واختياره هذه الكتب الثلاثة نابع من إيمانه بأنها تمثل محاولات أصلية لتحديد الأصول النظرية لمفهوم الشعر، وهى ليست كتباً منغلقة، لا تتجاوب مع المحاولات السابقة عليها أو المعاصرة لها، بل -على العكس- تحاور المحاولات السابقة والمعاصرة فتفيد منها بقدر ما تضيف إليها، وتتجاوز في إضافتها وطموحها كل محاولات التأصيل التي نعرفها.
المرايا المتجاورة
يدخل كتاب المرايا المتجاورة دراسة في نقد طه حسين ضمن دائرة اهتمام المتخصصين في علوم اللغة العربية وآدابها تحديدًا والباحثين في الموضوعات ذات الصلة بوجه عام، حيث يقع كتاب المرايا المتجاورة دراسة في نقد طه حسين ضمن نطاق تخصص علوم اللغة ووثيق الصلة بالفروع الأخرى مثل الشعر، والقواعد النحوية، والصرف، والأدب، والبلاغة، والآداب العربية ويحاول هذا البحث التعرف على طبيعة الفكر النقدي عن طه حسين (1889-1973) من خلال اكتشاف الصيغة التكوينية التي ينبني بها هذا الفكر وبقدر ما يسعى هذا البحث إلى اكتشاف الخصائص النوعية لهذا الفكر، فإنه يحرص على أن يتعامل معه بوصفه وحدة متكاملة.
هوامش على دفاتر التنوير
يعطى الكتاب انطباعاً واضحاً عن جابر عصفور وأسلوب تفكيره، ففي هذا الكتاب تحدث عن التنوير داخل المجتمع المصري، ومصير هذا التنوير. يقول “عصفور” في مقدمة كتابه “الدولة الحديثة التي نتوهم أننا نستظل بها لم تصل إلى أفقها التحديثي الذى يصون المجتمع المدني ويحميه، ومؤسسات المجتمع المدني يتم اختراقها على نحو متصاعد من قوى يحركها العداء اللاهب للمجتمع المدني، وتقاليد العقل تستبدل بها تقاليد النقل، وشعارات الاتباع تكاد تقضى على أحلام الإبداع”.
زمن الرواية
أثار الكتاب الكثير من الجدل والمناقشات ، حيث يتحدث فيه عن أن هذا الزمن هو زمن الرواية، وليس زمن الشعر.
يقدم الكتاب عبر فصوله المتتابعة معالجات غاية في العمق والشمول والإحاطة بقضايا جوهرية تتصل بفن القص والسرد الروائي، منها على سبيل المثال تأصيل بحث نشأة النوع الروائي في الثقافة العربية، وربطها بعدد من الإشكالات المهمة مثل الرواية والترجمة والراوية والمرأة والرواية والمدينة والرواية والتاريخ وهى جوانب غاية في الأهمية تكاد تكون غائبة بالكلية عند أغلب أو معظم من يمارسون الكتابة الآن.
دفاعًا عن العقلانية (2020)
ويقول في مقدمة هذا الكتاب “إن العقلانية تعنى الاحتكام إلى العقل والاحتكام إلى العقل يعنى المساواة بين العقول وقبول اختلافها بوصفه أمرًا طبيعيًا، ومن المؤكد أولاً أن العقل بقدر ما هو دليل على حرية إرادتنا وعلى قدرتنا على الاختيار الخلاق في فعل الوجود الفردي والإنساني فإنه دليل على حتمية حضور العدل في هذا الوجود، ومن المؤكد ثانيا أن العقل بقدر ما هو دليل على إنسانيتنا فإنه قرين العدل في الكون، ولذلك فإن العقلانية صفة من صفات الدولة المدنية الحديثة“.
ويهدف الكتاب إلى الربط ما بين التنوير والحداثة والعقلانية والعلم في تأسيس حركة فكرية حرة صاعدة. وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام تضم عدة فصول ويأتي القسم الأول بعنوان (تأسيس) ويشتمل على ثماني فصول تدور حول إضاءات عن العقلانية وتراثنا العقلاني والعقلانية والثورة والدستور وثورة العقل الجامعي والعقل بين الحرية والقيد، وجامعة القاهرة الرمز والقيمة.وأما القسم الثاني فيتناول السبعينيات وما بعدها من خلال ثلاثة فصول تتحدث عن تحولات السبعينيات وعن نصر أبو زيد، والرشدية المحدثة.وأخيرًا يتناول القسم الثالث مواقف ومراجعات يضم ثلاث فصول يتناول أولها قمع الخطاب الديني، والفصل الثاني مراجعات والفصل الثالث ملاحظات.
زمن القص.. شعر الدنيا الحديثة (2019)
يقول جابر عصفور فى مقدمة هذا الكتاب الذي أهداه إلى أستاذه عبد المحسن طه بدر: “والحق أن المناقشات التي أثارها وردودى عليها، والمضي في تأصيل دلالات ما أقصد إليه من معان لهذا الزمن هي التي جعلتني أستبدل بزمن الرواية زمن القص، وأن أقرن العنوان الجديد بجملة نجيب محفوظ التي تصف القص أو فن القصة بعامة بأنه شعر الدنيا الحديثة وذل على ما ورد في دفاعه عن الفن الذي أحبه، وخصص له حياته كلها، فكافأته الدنيا الحديثة بجائزة نوبل”.
ويستطرد عصفور: “أظن أن هذه النظرة تجمع بين الأصالة والمعاصرة فى صياغة منهجية، لا تنكر عظمة تراثها القصصي وفتنة العالم كله به، كما لا تنكر التفاعل الطويل والمستمر بين الموروث والوافد في التاريخ وبالتاريخ، وذلك على نحو يؤدي إلى التكامل في المنظورين بين فن القص الذي ظهرت بوادره في منتصف القرن التاسع عشر، أو في عمل مواز، وعبر مرور السنوات تطور هذا النوع من القص إلى أن صعد على يدي محمد حسين هيكل وأبناء جيله الذين أعادوا إنتاج النموذج الغربي الأوروبي، في سياق صعود الوعي الوطني”.
متعة القص ( 2021)
يقول د جابر حول هذا الكتاب: هو قراءات في نصوص أعجبتني، فكتبت عنها نوعين من الكتابة: نوع أقرب إلى المراجعة السريعة التي فرضها عليّ مكان النشر في جرائد مثل “الحياة” اللندنية، أو “البيان” و”الاتحاد” الإماراتية، فضلا عن الأهرام” القاهرية، وكلها كتابة تخضع لما تفرضه الجريدة على الكاتب من عدد محدود من الأسطر التي لا ينبغي أن تتجاوز رقما بعينه من الكلمات. ويضيف: ولذلك تختلف هذه المراجعات عن ما كتبته تحت عنوان “قراءات”، حيث تتسع الصفحات لما أعتبره قراءة موازية لكتابة الروائي في عمله الخاص، وهذا هو ما أراه بمثابة كتابة على الكتابة، أو قراءة موازية لكتابة النص الروائي، ويقيني أن عددا من المقالات التي جمعتها تحت عنوان “مراجعات” عن أعمال بعينها تستحق تأنيا أعمق، ومن ثم جهدا أكبر في التأمل والكتابة.
قائمة بمؤلفات وترجمات د/ جابر:
- الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي، (الطبعة الأولى، دار الثقافة، القاهرة 1974).
- مفهوم الشعر، دراسة في التراث النقدي، (الطبعة الأولى، دار الثقافة، القاهرة 1978).
- المرايا المتجاورة، دراسة في نقد طه حسين، (الطبعة الأولى، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1983).
- قراءة التراث النقدي (الطبعة الأولى، دمشق، 1991).
- التنوير يواجه الإظلام (الطبعة الأولى، القاهرة 1992).
- محنة التنوير ( الطبعة الأولى، القاهرة 1992.
- دفاعا عن التنوير (الطبعة الأولى، القاهرة 1993).
- هوامش على دفتر التنوير، (الطبعة الأولى، بيروت 1993).
- إضاءات، الهيئة العامة لقصور الثقافة 1994.
- أنوار العقل، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1996.
- آفاق العصر – مكتبة الأسرة- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1997.
- نظريات معاصرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1998.
- زمن الرواية، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1999.
- ضد التعصب- الهيئة المصرية العامة للكتاب 2000.
- استعادة الماضي-الهيئة المصرية العامة للكتاب 2001.
- ذاكرة للشعر –الهيئة العامة للكتاب 2002.
- قراءة النقد الأدبي –الهيئة المصرية العامة للكتاب 2002.
- أوراق ثقافية –المركز المصرى العربى للصحافة والنشر والتوزيع 2003.
- مواجهة الإرهاب –قراءة فى الأدب الروائى –الهيئة المصرية العامة للكتاب 2003.
- في محبة الأدب –الهيئة المصرية العامة للكتاب 2003.
- الرهان على المستقبل –الهيئة المصرية العامة للكتاب 2004.
- الاحتفاء بالقيمة –دار المدى- دمشق 2004.
- غواية التراث –كتاب العربي 62- وزارة الإعلام –مجلة العربى 2005.
- دفاعا عن المرأة –كتاب اليوم- مؤسسة الأخبار- جريدة الأخبار- مارس 2007).
- من هناك –كتاب الهلال- مؤسسة الهلال 2007.
- رؤى العالم –عن تأسيس الحداثة العربية فى الشعر- المركز الثقافي- الطبعة الأولى 2008- الدار البيضاء- بيروت.
- مقالات غاضبة- دار ميريت- الطبعة الأولى- القاهرة، 2008).
- جامعة دينها العلم –الهيئة المصرية للكتاب 2008).
- نقد ثقافة التخلف –دار الشروق 2008.
- نحو ثقافة مغايرة –الدار المصرية اللبنانية للنشر 2008).
- النقد الأدبي والهوية الثقافية –مجلة دبى الثقافية 2009.
- زمن جميل مضى –كتاب اليوم- مؤسسة الأخبار-جريدة الأخبار 2009.
- في محبة الشعر- الدار المصرية اللبنانية 2009.
- نجيب محفوظ –الإنجاز والقيمة- الدار المصرية اللبنانية للكتاب 2010.
- الهوية الثقافية والنقد الأدبي –دار الشروق- 2010.
- الرواية والاستنارة –مجلة دبى الثقافية- 2011.
- غواية التراث –الدار المصرية اللبنانية للنشر-2011.
- عوالم شعرية معاصرة –كتاب العربي 88- وزارة الإعلام- مجلة العربى، 2012.
- دفاعا عن التراث، الدار المصرية اللبنانية للنشر- 2012.
- القص في هذا الزمان، الدار المصرية اللبنانية 2014
- بعيدا عن مصر : الدار اللبنانية المصرية 2016
- دفاعا عن العقلانية ، الهيئة المصرية للكتاب 2020
- متعة القص، مراجعات وقراءات : الدار اللبنانية المصرية 2021
ترجمة:
– عصر البنيوية، ترجمة: (الطبعة الأولى، بغداد، 1985).
– الماركسية والنقد الأدبى، ترجمة: (الطبعة الأولى، الدار البيضاء، 1987).
– النظرية الأدبية المعاصرة – ترجمة (الطبعة الأولى، القاهرة 1991)
– اتجاهات النقد المعاصر – المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 2002.
– الخيال، الأسلوب، الحداثة – المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 2005