مقالات

«تدمير خصوبة الفلسطينيّين»: “إسرائيل” تُبيد المستقبل؟!

“المدارنت”..
ارتفعت “إسرائيل”، درجة أعلى في ميزان «ابتكارات» الإبادة العالمية، وهي إحدى الخلاصات التي يمكن جمعها من تحقيق للأمم المتحدة نشرته حول ممارسات الدولة العبرية في قطاع غزة.

تأسست اللجنة الدولية المستقلة التي أصدرت التقرير للتحقيق في الانتهاكات المفترضة للقانون الدولي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وحسب هذا التحقيق فقد هاجمت إسرائيل ودمّرت عمدا مركز الخصوبة الرئيسي في القطاع وفرضت حصارا بشكل متزامن ومنعت المساعدات بما في ذلك الأدوية اللازمة لضمان سلامة الحمل والإنجاب ورعاية المواليد وبأفعالها الآنفة «دمرت إسرائيل جزئيا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة كمجموعة».
يرقى ذلك، حسب لجنة التحقيق، إلى نوعين من أصل خمسة من أعمال الإبادة المرتكبة خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023، وذلك «بالتسبب عمدا في ظروف حياتية للجماعة (الفلسطينية) محسوبة للتسبب بتدميرها بدنيا» و«بفرض إجراءات تهدف إلى منع حدوث ولادات ضمن الجماعة».
لم تؤد هذه الانتهاكات حسب نافي بيلاي، رئيسة اللجنة، إلى التسبب بإيذاء بدني ونفسي شديد مباشر للنساء والفتيات فحسب بل أدت، كذلك، إلى تداعيات طويلة الأمد لا يمكن إصلاحها على الصحة النفسية والإنجابية وفرص الخصوبة للفلسطينيين كجماعة إنسانية.
أحد أهم الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي هجوم تم على «مركز البسمة للإخصاب وأطفال الأنابيب» العيادة الرئيسية للخصوبة المخبرية في غزة، مما ألحق أضرارا بنحو أربعة آلاف جنين، وأدى لتدمير جميع المواد الإنجابية المخزنة من أجل الحمل مستقبلا.
تقصّد جيش الاحتلال الإسرائيلي من ذلك، كما خلص التحقيق، إلى «منع الولادات في أوساط الفلسطينيين» وهو «عمل إبادة جماعية» ويرقى إلى «جرائم ضد الإنسانية» هدفها تدمير الفلسطينيين كجماعة بشرية.
خلصت دراسة علمية أجريت مؤخرا وحللت الحمض النووي الذي تم جمعه من 48 عائلة سورية، تقيم في الأردن حاليا، وتمثل ثلاثة أجيال تشمل جدات وأمهات فررن أثناء الحمل من حصار ومذبحة عام 1982 في حماة، أو هربن من الأحداث عام 2011، أن أحداث العنف الإبادية التي تعرّضت لها هذه الجماعة أدت إلى تعديلات في 14 منطقة جينية، وأن هذه التعديلات استمرت في الأحفاد الذين لم يختبروا العنف بشكل مباشر.
إذا جمعنا خلاصتي تحقيق الأمم المتحدة والدراسة العلمية حول جماعة مشابهة تعرّضت لظروف إبادة فعلى الأغلب أن نصل إلى نتيجة أن أعمال الإبادة والجرائم ضد الإنسانية الإسرائيلية التي مورست على الجماعة الفلسطينية ستترك آثارها على جيناتهم المستقبلية لأجيال، ويمكن أن تؤدي إلى تزايد أمراض محددة من قبيل الشيخوخة المتسارعة وعوارض أخرى.
كانت هناك نتيجة مهمة جديرة بالذكر وأشارت إليها إحدى العالمات المشرفات على الدراسة، وهي «المرونة غير العادية» التي أبدتها النساء. «لقد صمدن، ومن المحتمل أن تكون هذه المثابرة والمرونة سمة إنسانية فريدة من نوعها».
تعمل إسرائيل، جهارا نهارا، على إفناء الفلسطينيين، ويواجه الفلسطينيون هذا العمل الإباديّ بأشكال من «المرونة غير العادية» والصمود والمثابرة والمرونة، بالمقاومة وإنجاب الأطفال وبتوريث ثقافتهم وتقاليدهم وأغانيهم إلى الأجيال القادمة حتى تتغير المعادلة.

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى