ترامب في البيت الأبيض.. ماذا ينتظر أميركا والعالم؟!
“المدارنت”..
يحبس العالم أنفاسه للحظة ما بعد تنصيب دونالد ترامب، مجدداً، رئيساً للولايات المتحدة، لعله الأكثر إثارة للجدل في تاريخها.
ترامب نفسه الذي رفض الاعتراف بخسارته قبل أربع سنوات أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، والذي اتهم بالإيعاز لمناظريه باقتحام مبنى الكابيتول، والذي نجا من سلسلة من الملاحقات القضائية ومن محاولة الاغتيال، يعود اليوم رئيساً، امبراطورياً، على أمريكا ومن خلاله على العالم، مثيراً توجس جهات مختلفة على امتداد القارات المختلفة.
مع هذا تعلق عليه آمال، ستتكفل التجربة وحدها بإظهار صحتها من بطلانها، آمال لجهة إيقاف الحرب الأكثر خطورة في تاريخ الكوكب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، تلك المستعرة بين روسيا وأوكرانيا والتي تستعد لدخول عامها الثالث بعد أسابيع، هل بمقدور إدارة ترامب العائد ثانية على إيقاف هذه الحرب، وعلى أي أساس؟ هل بحمل أوكرانيا على مراجعة مبدأ سيادتها على أراضيها، أم بحمل روسيا على إعطاء الأولوية للحاجة إلى رفع العقوبات عنها وإعادة ادماجها بالنظام الدولي؟ لكن قبل كل شيء هل يؤمن ترامب حقا بأن ثمة نظاما دوليا، أم أنه سيحاول تخفيض درجة انهماك بلاده بالعالم القديم، أوروبا وآسيا؟
لئن كانت عين الناخب الأمريكي تنظر قبل كل شيء إلى ما ينوي ترامب فعله في قضايا الهجرة وتأمين الحدود مع المكسيك وفرض تعريفات جمركية على الاستيراد، ولئن كانت العلاقة مع أوروبا ومنحى تخفيض الإدارة العتيدة لدرجة انخراطها في حلف شمال الأطلسي، من المسائل التي تعني الكوكب أجمع، وكذلك المسار التنافسي المتشنج مع الصين، إلا أن الشرق الأوسط يبرز بشكل ملح كمنطقة اختبار أساسية لما يمكن أن تنجزه إدارة ترامب ولحجم افتراقها أو لا عن إدارة جو بايدن.
لقد تفاعلت هذه المنطقة بشكل فظيع مع موسم الانتخابات الأمريكية، فتسارعت الأحداث فيها، بشكل مذهل، وأرست الحال على وقف إطلاق النار في غزة دخل حيز التنفيذ قبل ساعات من تنصيب ترامب، ورئيس جديد للبنان بعد عامين ونيف من الفراغ في الكرسي الأول، قبل أسبوع من هذا التنصيب، وانهيار لنظام آل الأسد في سوريا قبل شهر منه. الجميع في المنطقة متهيب من اللحظة الحالية، يداري توجسه بمقولة شائعة بأن «ترامب رجل الصفقات» في آخر الأمر. والحال أنه لا يمكن البناء على هذا النوع من المقولات فقط. المرحلة الترامبية الجديدة ينتظر أن تشهد تشددا أكبر تجاه إيران، لكن أيضا إعادة صياغة لخطة السلام المقترنة سابقا باسم صهر ترامب جاريد كوشنير.
لكن هل يمكن ترجيح الانسجام التام بين ترامب واليمين الإسرائيلي أم أن هذا اليمين غير قابل حتى للتفاعل إيجابا مع توجيهات إدارة أمريكية محافظة عندما يتعلق الأمر بأي مقاربة للموضوع الفلسطيني، حيث يفضل الحاكمون في إسرائيل اليوم أن لا يكون هناك أي مقاربة لهذا الموضوع يمكنها أن تمنح أي شكل من أشكال الدولة ولو على جزء يسير من أرض فلسطين. صفة ترامب كرجل صفقات، ربما ينافسها هذه المرة صفته كمثير لتوجسات أطراف متناقضة مختلفة.