عربي ودولي

ترامب لنتنياهو: لن أذهب إلى الرياض إلّا و”الصفقة” في جيبي!

نتنياهو وترامب

“المدارنت”..
في أعقاب أقوال الرئيس الأمريكي ترامب في المؤتمر الصحافي مع رئيس الوزراء نتنياهو أمس، تبين حالياً جانبان: الأول أن ترامب لا يعتزم اتخاذ سياسة يد حديدية تجاه إسرائيل في مسألة غزة، بل محاولة دفعها للموافقة على منحى تسوية مؤقتة أو صفقة إضافية بروح ويتكوف، لكن مع عدد أكبر من المخطوفين الذين يتحررون فيها.
يقدر الرئيس الأمريكي الجهود التي يبذلها نتنياهو لتحرير المخطوفين، وبالتوازي يدعوه للموافقة على صفقة إضافية، ويذكر، بنبرة مؤثرة، اللقاءات التي أجراها مع موفدي الأسر الذين وصلوا إلى المكتب البيضاوي. يبدو أن موقفه من المسألة كان يترافق وتعاطفاً صادقاً للتقدم في حلّ.
بخلاف الجهود الحثيثة من الإدارة للتقدم في صفقة حتى وإن كانت جزئية، ثمة انطباع بأن مصير المخطوفين (المتداخل واتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء القتال) آخذ في الابتعاد عن بؤرة الاهتمام الأمريكي. على هذه الخلفية، ينبغي أن نرى في اللقاء محاولة متجددة، من جانب البيت الأبيض على الأقل، لكسر الجليد والوصول إلى الاختراق المنشود.
في هذه النقطة يكمن احتمال الخلاف بين واشنطن والقدس؛ فنتنياهو -وقد أثبت ذلك مراراً في سياق الحرب المتواصلة- لا يستعجل اتفاقاً يعيد كل المخطوفين (إلا إذا قبلت حماس بكل مطالبه بعد أن تتلقى ضربة عسكرية ساحقة). وأسباب ذلك معروفة وواضحة، وقائمة في السياق السياسي والائتلافي.
أما لدى ترامب، فإن الجدول الزمني المرغوب فيه للصفقة آخذ في القصر الآن وبسرعة، ومكان التسليم في قتال لا نهائي بدأ يحتله إحساس بالإلحاح، وذلك نتيجة لحساسية وقلق متزايد على الوضع المحتدم وفرص نجاة المخطوفين (الذين بينهم إسرائيلي ذوو مواطنة أمريكية)، إلى جانب جملة اعتبارات استراتيجية عظيمة الأهمية.
في قلب هذا السياق اعتبار لزيارة الرئيس إلى السعودية، الشهر القادم. فمن الحيوي له أن يصل إلى الرياض، فيما يكون اتفاق إنهاء القتال (أو على الأقل وقف نار طويل) في جيبه. وإن مؤشراً على تقدم حقيقي في مسار استقرار الساحة سيسمح للولايات المتحدة للنزول عن الجدار، وإن منح تأييدها لخطوة دبلوماسية مرتبة كفيلة بأن تؤدي مع نضوجها إلى تطبيع إسرائيلي – سعودي. في نظر البيت الأبيض.
يبدو منح إسرائيل مجال مناورة وحرية عمل عسكرية وسياسية غير محدودة في الأشهر الأخيرة حتى لو لم تفلح في تقويض حماس، فقد حان الوقت للتسليم بالانتقال إلى مسار آخر (على افتراض أن تتلقى من السيد الأمريكي ضمانات ملموسة وضوءاً أخضر لاستئناف النار في حالـة خـرق الاتفاق).
إذا كانت هذه بالفعل خلاصة خريطة طريق ترامب ومنطقه، فربما نرى فيها نوعاً من “العرض” الذي لا يمكن رفضه، ويترافق مع جزرة حلوة تتمثل بمنح إعفاء كامل أو جزئي لضريبة الجمارك. من ناحية ترامب، لهذا التعويض أهمية إضافية؛ إذ سيطلق رسالة عالمية عامة تتمثل بالاستعداد لحل وسط ومرونة. وهكذا قد يهدئ بقدر ما السوق المالية الأمريكية، والعالمية والمجال الاقتصادي كله، العالقين في ذروة موجة تسونامي.
أما بشأن الجانب الآخر، المسألة الإيرانية، فقد لاحت تشديدات مختلفة في أقوال نتنياهو وترامب؛ فبينما ركز نتنياهو على الحاجة لمنع السلاح النووي عن إيران بأي ثمن، بدا الرئيس الأمريكي متصالحاً تجاه طهران، فعاد وشدد على أهمية إيجاد أفق دبلوماسي يوشك على الانطلاق في نهاية الأسبوع، وأمله في إعطاء ثماره رغم الاختلافات العميقة بين واشنطن وطهران.
غير أن الزمن ضيق في هذا المجال أيضاً، إذ إن موعد انتهاء الاتفاق النووي من العام 2015 هو أكتوبر 2018 (رغم أن ترامب انسحب منه، لكنه بقي ساري المفعول). وعندها سيتاح لإيران استكمال اندفاعها نحو القنبلة دون أي قيد.
في هذا السياق، فرغم الفروقات في التشديدات، ثمة فرق أساسي بين النهجين الأمريكي والإسرائيلي، فترامب يتطلع لاستنفاد الخيار السياسي قبل تنفيذ الإنذار الذي طرحه على إيران للوصول إلى اتفاق في غضون ستة أسابيع. وهكذا قد نرى في هذا النهج أيضاً نوعاً من التعويض لإسرائيل بشكل التزام بتعاون عسكري وبسط أمن وحماية عليها، إذا ما تقررت خطوة هجومية.

د. أبراهام بن تسفيم “إسرائيل اليوم” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى