مقالات

تلفيق وانتهاك واستيطان.. يوم في حياة دولة الاحتلال!


“المدارنت”..

بات من المألوف أن تتكامل في دولة الاحتلال “الإسرائيلي” مظاهر التأزم والتنازع والصراعات السياسية والحزبية والقانونية من جهة، مع مواصلة حرب الإبادة والمجازر واجتياح المخيمات في قطاع غزة والضفة الغربية من جهة ثانية، وتصعيد انتهاكات الاستيطان والاحتلال والعدوان في فلسطين ولبنان وسوريا من جهة ثالثة.

وإذا كان أنصار دولة الاحتلال في الغرب يتعامون عن حقائق يومية دامغة تبرهن بصفة منتظمة على أن ما تُسمى «واحة الديمقراطية» الوحيدة في الشرق لا تنقلب إلى أكذوبة فاضحة فقط، بل هي أيضاً تسير حثيثاً نحو كيان تُداس فيه القوانين، وتحكمه الأجندات المتضاربة للحكومة الأشدّ يمينية وفاشية وعنصرية في تاريخ الكيان.
ففي يوم واحد، مع فارق ساعات قليلة بين مظهر انحطاط وآخر، يلفق جيش الاحتلال رواية أخرى كاذبة حول جريمة إعدامات ميدانية نفذها في مدينة رفح يوم 23 آذار/ مارس الماضي وأسفرت عن استشهاد 15 من أفراد الإسعاف والدفاع المدني، ودفنهم في مقبرة جماعية وإخفاء سياراتهم. وحتى هذا التلفيق لم يكن سيرى النور أصلاً لولا أنّ الجريمة افتُضحت في وسائل إعلام أمريكية كبرى، لا يُعرف عنها التربص بدولة الاحتلال. وبالطبع، وكما سار العرف المتبع كلما تكشفت جريمة حرب إسرائيلية، اكتفى رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير بتوجيه «ملاحظة قيادية» لقائد اللواء 14 «تُسجل في ملفه الشخصي».
زامير نفسه انتهك السيادة السورية وقام بجولة ميدانية في أراض سورية محتلة، و«صادق على الخطط لمواصلة الدفاع والهجوم» حسب بيان الجيش الإسرائيلي، كما أعلن أن المنطقة السورية العازلة «حيوية» لدولة الاحتلال، و«لقد دخلنا إليها لأن سوريا تفككت، ولهذا فإننا نحتلّ نقاطاً مفصلية ونحن على خطوط المواجهة لحماية أنفسنا على أفضل وجه»، حسب تعبير جمع الوقاحة بالصلف والمنطق الأخرق.
غير بعيد عن أكاذيب زامير وتحقيقات جيش الاحتلال الملفقة، اجتمع أربعة من وزراء حكومة بنيامين نتنياهو في مستوطنة هار براخا لافتتاح حي استيطاني جديد، فتباروا في المطالبة بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وتعزيز الاستيطان في مناطقها كافة. ولم يكن عجيباً أنهم كانوا وزراء الجيش والاستيطان والعدل والنقب والجليل، وأن يذهب إسرائيل كاتس إلى درجة التصريح خلال الاحتفال بأنّ «الاستيطان هو خط الدفاع عن إسرائيل»، خاصة في «شمال السامرة» حسب التسمية التوراتية للضفة الغربية.
ولن تكتمل هذه الصورة إلا بمشهد تظاهرات الاحتجاج ضد نتنياهو، على خلفية مماطلته في عقد صفقة تبادل لإطلاق سراح الرهائن، وإطالة أمد الحرب تهرباً من استحقاقات تلاحقه أمام القضاء وشبح انهيار ائتلافه الحاكم. ولن تغيب عن الصورة مهازل الشد والجذب مع المحكمة العليا بصدد إقالة رونين بار رئيس الشاباك، ثمّ عرائض رفض الخدمة العسكرية والمطالبة بإنهاء الحرب، إضافة إلى ما يُشاع عن «قلق» لدى نتنياهو إزاء احتمالات أن يتراخى البيت الأبيض في المفاوضات الراهنة مع طهران.
تلفيق وانتهاك واستيطان وصراع ومماطلة وقلق.. مظاهر يوم واحد فقط في حياة دولة الاحتلال.

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى