جعجع: الدعوات التي أطلقت للحوار كاذبة وغشّاشة وهدفها إضاعة الوقت
أكد رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع، أنه “لا يظهر حتى الآن أن هناك حلولا في الافق. فقد اعتدنا على تكتيك “حزب الله” في الانتخابات الرئاسية من الماضي وحتى الآن، حيث يضغط الحزب الى المستوى الاقصى، كي يحقق ما يريده. على الرغم من كل ما صار وما حكي كذبا وزورا وبهتانا عن الحوار، لم يتزحزح حزب الله مقدار شعرة عن ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، وبالتالي كل الدعوات التي أطلقت سابقا للحوار، هي دعوات كاذبة وغشاشة، والهدف منها تضييع الوقت”.
أضاف جعجع في حديث إلى صحيفة “الشرق الأوسط”: “حتى الآن لا يظهر أن هناك خارطة للحل. بالنسبة لنا، كقوات لبنانية وتكتل الجمهورية القوية، لا يظهر ذلك. الحزب مصر على مرشحه، أما نحن كمعارضة فلسنا على استعداد تحت ضغط الازمة، للذهاب الى حل يعمق الازمة. ما نسعى له هو حل الازمة وليس تعميقها. وبالتالي، بعد التأزم الحاضر، تواصل معنا طرفان وطلبا انتخاب سليمان فرنجية. قلنا لهما إن المشكلة ليست في انتخاب فرنجية كشخص، بل المشكلة تكمن في أننا نكون قد قمنا بخطوات تزيد الازمة تأزماً، بدل حله، وعليه فإن هذا الخيار ليس وارداً بالنسبة لنا”.
تابع: “أقصد بالخيار كتوجه وتموضع ومشروع سياسي، لأننا رأينا الى أين وصل البلد. إذا طرحوا شخصية أخرى من نفس التوجه، تكون (سكر زيادة قليلاً أو سكر أقل)، سنرفضها أيضاً. في هذه المرة، إذا لم يُنتخب رئيس فعليّ للجمهورية، فإن الازمة ستتعمق وتزداد تأزماً”.
وعن رئيس حل وسط، قال: “حسب عن اي حل وسط نتحدث. إذا كان رئيساً معتدلاً وليناً وعنده علاقة جيدة بكل الاطراف، وفي الوقت نفسه يكون رئيساً فعلياً، فإنه سيكون حلاً وسطاً. أما إذا كان توافقياً بما معناه أن لا يمتلك رأياً أو قراراً أو شخصية حاضرة، ويكون ضعيفاً ولا يقوم بأي انجاز، بالتأكيد لن نقبل”.
وعند سؤاله عن المقصود بأطراف تحدثت معكم عن فرنجية، قال: أفضل عدم الدخول في تفاصيل. هناك طرف دولي وطرف محلي طرحا القصة على صيغة سؤال: أليس وارداً بالنسبة لكم أن تقبلوا بفرنجية لننتهي من الازمة؟ كان الجواب بالرفض منعاً لتعميق الازمة”.
مبادرات للحل
وعن مبادرات للحل انطلاقاً من مواقف دولية، قال: “للأسف الكثير من وسائل إعلام لبنان، تخترع الاخبار أو تتلقى أخبارا مغشوشة. ليست الاطراف الدولية من تحدث عن ذلك، بل الصحف. في الواقع، مواقف الاطراف الدولية ليس كما يتم تصويرها في الصحافة المحلية، بدليل أن الاطراف الدولية لا تتحدث عن موقفها”.
وقال: “للاسف لا مخارج في المدى المنظور. نحن في أزمة كبيرة، يجب أن نقوم بما ما علينا للخروج منها. بالتالي، لا يمكن أن نأتي بأي رئيس جمهورية لأنه لن يخرجنا من الازمة، بل سيعمقها. “حزب الله” مصرّ على فرنجية. وإذا بدّل عن فرنجية، فسيذهب الى شبيه له. وإذا بدل وجهة نظره عن الشبيه، سيذهب الى خيار مرشح عاجز عن التغيير. بالتالي، الازمة الفعلية أن الحزب لا يريد رئيسا فعليا للبنان. لا يمكن القبول برئيس غير فعلي. يجب ألا نفوت هذه الفرصة، منعا لأن نمدد الازمة لست سنوات مقبلة، وبالتالي سيكون هناك خطر على بقاء لبنان”.
وعن خيارات “القوات” كمعارضة، قال: “نحاول جمع أصوات للنائب ميشال معوض على قدر امكانياتنا، لأن هذا الامر الوحيد الذي نقدر على القيام به في الوقت الحاضر. وهنا يجب أن نوضح أنه لا ميشال معوض متمسك بترشيحه شخصياً، ولا كلنا نعتبر أن معوض أو لا أحد. لكن حتى الآن، لم نجد أي خيار انتخابي أو شخصي آخر بالمعنى الحرفي للكلمة، أفضل من معوض. لذلك نواصل العمل لنحشد أصوات اضافية لمعوض”.
وعما إذا كان هناك تواصل مع الطرف الآخر، قال: “وليد جنبلاط شخصيا التقى بحزب الله وطرح طروحات تسوية. ماذا كانت النتيجة؟ بقاء الوضع على ما هو عليه. اذا كان هناك تواصل على هذا المستوى ولم يحصل أي خرق، فما بالك بالتواصل الذي يحصل على متسويات أدنى؟ نحن ندور بالحلقة المفرغة نفسها. الحزب يدعو للحوار، والمقصود بذلك التحاور حول ترشيح سليمان فرنجية ولا شيء آخر”.
وبالنسبة إلى امكان التوصل الى مشروع حل مع “التيار”، قال:” أشك جداً لأن الممارسة من ستة أعوام حتى الآن تعطي فكرة عن طبيعة هذه المجموعة كيف تتصرف؟ ما هي منطلقاتها؟ وأين تتجه؟ الأمر الثاني وهو الاهم، صار هناك تبادل للآراء بطريقة غير مباشرة بواسطة بكركي. التيار حتى الآن لم يطرح اي شيء. كل ما طرحه هو الاتفاق، لكن علام نتفق؟ لا شيء. تنتهي القضية عند هذا الحد”، عمليا التيار الوطني الحر يتمترس في بكركي لتقوية أوراق تفاوضه مع حزب الله. يحاول توسيع مروحة اتصالاته لتقوية موقعه تجاه حزب الله”.
اجتماعات الحكومة والبرلمان
وقال ردا على سؤال:”في ما يتعلق باجتماع الحكومة، دستوريا تستطيع الحكومة أن تجتمع بصرف النظر عن كل الآراء الاخرى المطروحة، لكن بما أنها حكومة تصريف اعمال، عليها أن تجتمع بالحدود الضيقة لتصريف الاعمال. الجلسة التي عقدت الاثنين، تنطبق عليها المواصفات الدستورية لتصريف الاعمال بالامور الضيقة والطارئة. عندما تجتمع للامور الملحة والطارئة، فلا نمانع. أما في المجلس النيابي، فعلينا احترام الدستور بالحد الادنى، المادة 73 و74 و75 من الدستور تفرض أن يلتئم المجلس النيابي فورا في حال الشغور الرئاسي ويتحول الى هيئة ناخبة لانتخاب الرئيس. هذا هو دور البرلمان الآن، لكنه يحاول القفز فوق هذا الدور للقيام بتشريع. وهذا أمر لا يصح. على البرلمان أن يحترم الدستور بكل النقاط. لا يمكن القفز لجلسة تشريعية. وهو لم يجتمع لانتخاب رئيس، لأنه لا يقوم بشغل جدي ولا يدار المجلس بالشكل المناسب لانتخاب رئيس”.
أضاف: “نحن في الشهر الرابع بالفراغ الرئاسي، ومر شهران بالمهلة الدستورية. طوال هذه الفترة نتقيد بكل التفاصيل. لكن عندما يقوم حزب الله وحلفاؤه بتخريب كل قواعد اللعبة، فاننا نسعى لحل لمنعهم من أخذ البلد الى الفراغ. اذا استطاعوا أن يجمعوا 65 صوتاً لمرشحهم، عندها سندخل في عزلة عربية أعمق، والغرب سيشطب لبنان من قائمة أولوياته، وادارة البلد بالداخل ستكون كما شهدناها في السنوات الستة الماضية. عندها، هل سنسكت ونذهب الى الجلسة؟ لا لن نتصرف على هذا النحو. سنقاطع طبعا”.
الموقف العربي من سوريا
قال ردا على سؤال: “لن تستقيم الامور في الشرق الاوسط أو غيره الا بالحد الادنى من الاستقامة بالعمل السياسي، ولا يستقيم العمل السياسي من دون حد أدنى من القيم الاخلاقية. لا وضع في العالم مزر أكثر من وضع سوريا بسبب بشار الاسد، وهو قاد سوريا الى هذا الوضع. سوريا السهول والمعادن والقطن والنفط، تمتلك الموارد والشعب. وصلت الى ما وصلت اليه من كارثة كبرى بسبب الاسد، بعد نصف مليون قتيل. مهما كانت الاعتبارات، هناك موقف اخلاقي. الشعب السوري تبعثر في الجهات الاربعة، واللاجئون ملأوا اوروبا والشرق الاوسط ووصلوا الى اقاصي الارض وعذابات لا نهاية لها في مخيمات اللجوء هذه الامور كلها تمر من دون اعتبار”.
تابع:”إذا كان هناك طرف لا يريد أن ياخذ الاعتبارات الاخلاقية في الاعتبار، لنتحدث عن الاعتبار السياسي العملي. اعادة سوريا الى الحضن العربي، هي أسخف مقولة سمعتها بحياتي. لاعادة سوريا الى الحضن العربي، يجب أن تكون سوريا التي تتعاطى معها، اي بشار الاسد، يكون قادراً على العودة الى الحضن العربي. في الوقت الحاضر، ليست هناك دولة ذات سيادة في سوريا قادرة على تنفيذ التفاهمات. قرار دمشق الآن بأحسن حالاته بين روسيا وايران. بعد تطور العلاقة بين الروس والايرانيين باتوا متفاهمين أكثر على الملفات ومن ضمنها الملف السوري. وأكبر دليل على ذلك، حين يكون هناك أمر جدي حول سوريا، تتحدث عنه روسيا أو ايران، ويُضاف بالحديث عن الملف السوري كل من تركيا والولايات المتحدة. القرار ليس عند الاسد، ولا حول ولا قوة له. أرى الامر محزنا جداً أن ينسى بعض المسؤولين مآسي الشعب السوري، ويتطلعون للحوار مع الاسد لاعادة سوريا الى الحضن العربي في وقت بشار الأسد يجلس بالحضن الايراني والروسي الى ما لا نهاية، ولا يمتلك حرية القرار للخروج من هذا الحضن. حتى بالعقل التجاري، لا شيء بيد الاسد في هذا الوقت”.
أضاف: “حزب الله يقوم بالمهمة هنا، أنا لم أعلن موقفي انطلاقا من اعتبارات لبنانية، بل من اعتبارات عربية وأخلاقية. بالمقابل من يطرحون هذا الطرح، يلمعون صورة من أوصل سوريا الى حيث وصلت. الحضن العربي لا يتسع الى 500 ألف قتيل سوري. السوريون يعيشون أكبر مآساة عاشها شعب، باستثناء الحرب العالمية الثانية، في القرن العشرين. هذه الامور يجب أن تقال، لذلك قلت موقفي”.