متفرقات

جهود إقليمية لتعزيز الأمن المائي

خاص “المدارنت”..

التغيّر المناخي يتربّص بالموارد المائية والتقاعس مكلفٌ

سارة مطر/ لبنان…

في 22 آذار/مارس 2018، أطلقت الأمم المتحدة العقد الدولي للعمل من أجل المياه، داعيةً الدول إلى مضاعفة جهودها لمواجهة التحديات المتصلة بالمياه، بما في ذلك محدودية الفرص المتاحة للحصول على المياه المأمونة ومرافق الصرف الصحي، وزيادة الضغط على موارد المياه والنظم الإيكولوجية، وتفاقم خطر الجفاف والفيضانات.

العقد الدولي الذي انطلق حينها في يوم المياه العالمي، تحت عنوان “المياه من أجل التنمية المستدامة”، وحدّد مهلة عشر سنوات تنتهي بحلول 22 آذار/مارس 2028، لتحسين الواقع المائي وترشيد استخدام الموارد المائية، نجده اليوم أمام تحديات عديدة، لا سيّما مع تفاقم تداعيات التغيّر المناخي وتنامي الأحداث والأزمات في أكثر من منطقة حول العالم، وما يتبعها من تهديداتٍ تطاول الأمن المائي والصحي والغذائي.

وفي وقتٍ تشهد منطقة الشرق الأوسط تسارعًا في العوامل المناخية المتقلّبة ونقصًا حادًّا بالمياه ينذر بعواقب وخيمة لن تستثني أحدًا، تواصل الدول الأعضاء المنخرطة ضمن إطار “مبادرة السلام الأزرق” اجتماعاتها ولقاءاتها، من أجل تعزيز مسار الحوار والتفاوض بين كلّ من لبنان وسوريا والأردن والعراق وتركيا، أملًا بتكريس مفهوم التعاون المائي وما يمثّله من أداةٍ فاعلة في إرساء السلام في منطقة تعاني أصلًا عدم استقرارٍ على مختلف الصعد؛ الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

ربط قضايا المياه بتغيّر المناخ

المهندسة المدنية والخبيرة الاقتصادية في رئاسة الحكومة اللبنانية، زينة مجدلاني، تحدّثت عن “مقاربة جديدة تعتمدها “مبادرة السلام الأزرق” فيما يتعلّق بقضايا المياه في المنطقة، فإلى جانب التركيز على مسألة المياه المشتركة، بات من الضروري ربط قضايا المياه بتغيّر المناخ وبقطاعات الطاقة والزراعة والغذاء، بما ينعكس إيجابًا على مختلف الدول”.

وأضافت في حديثها لـ”المدارنت”: “نحاول حلّ مشاكل المياه من خلال تعزيز التعاون وتبادل الخبرات وتطبيق التجارب الناجحة في مجال إدارة المياه المشتركة والحفاظ على هذا المورد الحيوي، وترسيخ مفهوم السلام من خلال المياه، كما إعادة استعمال مياه الصرف الصحي”. وتابعت مجدلاني: “كأعضاء في اللجنة الإدارية للمبادرة، نسعى نحو مواصلة الجهود وتقييم الأهداف والرؤى المستقبلية من أجل المساهمة في تحسين الواقع وضمان حصول كلّ فرد على المياه”.

المبادرة المدعومة من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC)، والتي تعقد اجتماعاتها بدعوة من مؤسّسة “الإعلام عبر التعاون والتحوّل (MiCT)”، يواصل تنسيق أعمالها معهد المياه التركي (SUEN) منذ مطلع عام 2019، على أن تُعهد مهام التنسيق للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه (INWRDAM) في الأردن، بحلول سنة 2023.

تعزيز كفاءة استخدام المياه في الزراعة

وفي السياق، لفتت رئيسة مكتب التنسيق الإقليمي الخاص بالمبادرة، الدكتورة توغبا إفريم مادن، إلى أنّ “المبادرة واصلت اجتماعات اللجنة الاستشارية العليا المعنية بالسياسة واللجنة الإدارية بشكلٍ منتظم، لضمان استمرار التعاون الإقليمي ودعم مسار بناء الثقة بين دول المنطقة”. وقالت لـ”المدارنت”: “تمّ إعداد دليل تدريبي حول الأساليب الحديثة لتحسين كفاءة استخدام مياه الري، وذلك بمشاركة خبراء من الدول الخمس الأعضاء. شمل التدريب محاور عديدة، بينها: تحديد أطر التفاعل بين المياه والتربة والمحاصيل وكيفيّة تنظيم الري، التقنيات والممارسات الحديثة، الري التشاركي، تنمية القدرات وتبادل الخبرات في مجال التخطيط والتصميم وإدارة أنظمة الري المستقبلية”.

الخبيرة الدولية في مجال المياه، أضافت: “تم كذلك إعداد تقرير حول سبل تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة وتعزيز الإنتاجية في الشرق الأوسط، حيث جرى التركيز على ندرة المياه وانعكاسها السلبي على الزراعات المرويّة، والخيارات المتاحة لتحسين كفاءة استخدام المياه وزيادة إنتاجية المحاصيل في المنطقة”.

مواصلة الحوار وبناء الثقة

وفي معرض تلخيصها لتوصيات المبادرة مؤخرًا، أشارت الدكتورة مها رشيد عبد الحميد، المحاضرة في “كلية دجلة الجامعة الأهلية”، إلى أنّه “من الضروري تعزيز دبلوماسية المياه، تحليل الوضع الراهن وتقييم كلفة عدم التعاون، كما تقدير كلفة الصراع والتقاعس”. وإذ شدّدت على “أهمية الربط بين المياه والطاقة والغذاء وتعزيز المشاريع الإقليمية كأداة لبناء الثقة”، قالت لـ”المدارنت”: “المسألة الملحّة اليوم تكمن في مواصلة الحوار من أجل الوصول إلى حلولٍ متكاملة، كما الاعتماد على بياناتٍ مشتركة لدعم القرارات والسياسات المائية، أضف إلى ترسيخ الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتركيز على التنمية البشرية وبناء القدرات”.

عضو اللجنة الإدارية في المبادرة، تحدّثت عن جلسةٍ رفيعة المستوى عُقدت أواخر الشهر الماضي ضمن سياق إكسبو دبي 2020، تحت عنوان “المياه – عامل محفّز للتنمية المستدامة والسلام”، تمحورت حول سبل تحقيق  السلام الأزرق في الشرق الأوسط من خلال التأثير على صانعي السياسات والدفع نحو إجراءاتٍ ملموسة، ضمن سياق التعاون الإقليمي، كاشفةً أنّ “الرئيس السابق لجمهورية سلوفينيا والمراقب في اجتماعات المبادرة، دانيلو تورك، نوّه بالجهود القيّمة وبنتائج تقرير كفاءة استخدام المياه في الزراعة، لما يمثّله من مرجعٍ أساسيّ يجب البناء عليه”.

وانطلاقًا من المخاطر الحقيقية المحدقة بالأمن المائي في المنطقة، استضافت بغداد منذ أيام فعاليات المؤتمر الدولي الثاني للمياه، تحت شعار “المياه والتغيّرات المناخية”، بمشاركة دول عربية وأجنبية، بهدف تحقيق التنمية المستدامة للمياه والتنسيق مع دول الجوار المتشاطئة من أجل تخفيف الأضرار الناجمة عن شحّ المياه. واستعرض المشاركون التغيرات المناخية وأثرها على الموارد المائية، أضف إلى ضرورة الاستجابة العالمية لضمان استدامة المياه السطحية والجوفية، والحفاظ على تنوّع الأحياء، وانتهاج سياساتٍ مائية تنسجم مع التقلّبات المناخية الحاصلة.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى