جيش “العدوّ: ظنناهم من “حماس”.. والناجي: رأيت كل شيء حتى غرسوا “مصباح الإسعاف” فوقهم على كومة الرمل!
“المدارنت”..
نشر الجيش “الإسرائيلي” (الإرهابي الصهيوني) أمس، التحقيق حول قتل الـ 15 عامل إغاثة في تل السلطان في رفح الشهر الماضي. التحقيق يقول بأن قوة للجيش الإسرائيلي أطلقت النار في 3 حوادث على سيارات إسعاف وسيارة تابعة للأمم المتحدة بالخطأ، الذي تجاوز أحياناً التعليمات؛ لأن الجنود اعتقدوا أن السيارة لحماس. ولكنه ينفي ادعاءات وشهادات تفيد بإعدام عاملي الإغاثة بإطلاق النار بدون تمييز، كما ينفي تكبيل جثثهم. حسب التحقيق، فإن القوة شعرت بتهديد فوري واعتقدت أنها تطلق النار على رجال حماس.
كاتبو التحقيق، وعلى رأسهم الجنرال احتياط يوآف هار إيفن، يعتقدون أن إطلاق النار على سيارة تابعة الأمم المتحدة جاء بصورة “معقولة قياساً للوضع العملياتي”. مع ذلك، أضافوا بأن عدداً من جنود القوة كذبوا في تقريرهم عن الحادث – قالوا بأن السيارات سافرت بدون أضواء وبدون تنسيق، وأن واحدة منها لم تكن سيارة إسعاف، وأنه كان هناك 14 قتيلاً، وتم دفن السيارات بعد يوم أو يومين على الحادثة.
هذه الادعاءات ظهرت في التقرير الأولي للمتحدث بلسان الجيش “الإسرائيلي”، ومنشورات عن الحادث في البلاد وفي العالم دحضتها حتى قبل إجراء التحقيق.
يتضح أيضاً أنه خلافاً لادعاءات الجنود بأنهم شعروا بخطر فوري، لم يلاحظوا سلاحاً مع عاملي الإغاثة، حتى بعد إطلاق النار عليهم. وكتب في التقرير أيضاً بأن العقيد طل الكوبي، قائد اللواء 14 الذي عملت القوة في إطاره، أهمل إعدادهم للعمليات، وسيتلقى ملاحظة تحذير انضباطية في ملفه الشخصي. نائب قائد دورية غولاني، ضابط الاحتياط الذي قاد القوة المسؤولة عن الحادث، سينهي وظيفته “بسبب مسؤوليته، وبسبب تقرير ناقص وغير دقيق حول الحادث”.
بدأ حادث ليلة 23 آذار في الثالثة فجراً تقريباً عندما نصب جنود احتياط في كتيبة دورية غولاني كميناً للعثور على مخربين. ثلاثة أحداث إطلاق نار حدثت في غضون بضع ساعات.
عند الرابعة فجراً تقريباً، أطلقت القوة النار على سيارة إسعاف نُسبت لحماس، فقتلت اثنين. وقد تحدث مستجوب في الكتيبة مع أحد المسعفين الذين تم اعتقالهم. وبناء على المحادثة، توصل إلى أن هؤلاء كانوا من أعضاء حماس. وحسب الاستجواب، تبين في الصباح عدم وجود علاقة بين المسافرين في سيارة الإسعاف وحماس، وتم الإفراج عن المعتقل.
الحادث الثاني كان في الساعة الخامسة وست دقائق، عندما أطلقت القوة النار على قافلة عاملي الإغاثة، لأنهم خرجوا من سيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء قرب القوة، التي شعرت بأنها مهددة بصورة حقيقية وفورية. اعتقد نائب قائد الدورية أن السيارات تخدم حماس “بسبب مجال الرؤية المحدود ليلاً”، فقرر إطلاق النار. وعندما بزغ الفجر -كتب في التحقيق- لاحظ الجنود بأن هؤلاء طواقم إنقاذ، وقتل في هذه الحادثة 12 عامل إغاثة.
في الساعة 5:18 أطلقت القوة النار على سيارة فلسطينية تابعة للأمم المتحدة. “نتيجة خطأ في إدراك الظروف العملياتية” وقتل عامل آخر. حسب التحقيق فإن 6 من بين الـ 15 قتيلاً تم تشخيصهم كمخربين في حماس. كاتبو التحقيق قالوا إن الحادثين الأولين كانا “بسبب إدراك عملياتي خاطئ للقوة”، لأنهم قدروا أن أمامهم تهديد حقيقي لقوة معادية. في المقابل جاء في التحقيق أن إطلاق النار في الحادث الثالث تم خلافا للتعليمات.
قرر قائد اللواء تدمير سيارات الإسعاف ودفن الجثث في المنطقة. في التحقيق، تم الادعاء بأن قرار جمع الجثث وتغطيتها استهدف منع المس بها ولفتح الطريق، وليس لإخفاء الحادث. حسب أقوالهم، حتى تم تنسيق هذا القرار مع الأمم المتحدة ومؤسسات دولية تعمل في القطاع. ورغم ذلك، جاء أن تدمير سيارات الإسعاف تم بتقدير خاطئ، هدفه منع كشف قوات الجيش الإسرائيلي.
وادُعي بأن خلفية الحادث تنبع من “تجربة عملياتية أثبتت مرات كثيرة بأن حماس تستخدم الطواقم الطبية في عمليات إرهابية، بما في ذلك استخدام سيارات الإسعاف لنقل المخربين والسلاح”. إضافة إلى ذلك، قال الجيش بأن “الجيش يأسف بسبب المس بأشخاص غير متورطين”، وأنه “تم توضيح وإبراز التعليمات فيما يتعلق بالحذر المطلوب بالنسبة لطواقم الإنقاذ والطواقم الطبية”. ستنقل نتائج التحقيق لفحصها في النيابة العسكرية.
الشهادات الخارجية
نشرت “نيويورك تايمز” في الأسبوع الماضي بأن تقارير تحليل جثث 14 من عمال الإغاثة بينت أنه تم إطلاق النار على معظمهم عدة مرات، أطلقت النار على رؤوس أربعة منهم. وكتب في التقارير أن اثنين من عاملي الإغاثة قتلوا بسبب انفجار. رئيس وحدة الطب الشرعي التابعة لوزارة صحة حماس، الدكتور أحمد ظاهر، قال إنه تم العثور على الجثث في حالة تحلل، لذلك لا يمكن تحديد ما إذا تم إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة.
منذر عابد، المتطوع في الهلال الأحمر والذي كان في قافلة المساعدة ونجا، شهد بأن الجنود أطلقوا النار على سيارات الإسعاف رغم أن أضواء الطوارئ كانت مضاءة. الجيش في البداية قال بأن السيارات سافرت والأضواء مطفأة، لكن فيلماً اكتشف في هاتف أحد القتلى ونشر في “نيويورك تايمز”، أكد أقوال عابد. وشهد المتطوع في مقابلة مع “الغارديان” بأن الجنود جروه بالقوة من سيارة الإسعاف، ثم خلعوا ملابسه وعذبوه وضربوه وحققوا معه. “بعد فترة قصيرة، جاء ضابط وأمر الجنود بالتوقف”، قال. وقال أيضاً بأنه لم يكن في داخل سيارة الإسعاف أي مسلحين خلافاً لادعاء الجيش بقتله ستة مسلحين من حماس و”الجهاد الإسلامي”.
حسب أقوال عابد، فإن الجنود دفنوا سيارات الإغاثة بواسطة جرافة. ومشاركون في عملية إنقاذ جثث عاملي الإغاثة في بداية الشهر، أيدوا روايته وقالوا إن الجثث والسيارات تم دفنها تحت أكوام الرمال، مع وضع مصباح دوار لسيارة الإسعاف فوق كومة رمال. وأضافوا أنه قد عثر على دلائل تشير إلى أن عاملي الإنقاذ تعرضوا لإطلاق النار عليهم بعد إخراجهم من السيارات. أحد المشاركين في عملية الإنقاذ قال للصحيفة بأن جثة كانت مكبلة الأرجل، ما يعزز -حسب قوله- الاشتباه بأن عدداً من القتلى تم إعدامهم. الهلال الأحمر أيد روايته، ووزارة الصحة في القطاع التي تسيطر عليها حماس قالت إن أيدي عدد من القتلى كانت مقيدة.
الهلال الأحمر وجهاز الدفاع المدني قالوا إن عمال الإغاثة الذين قتلوا هم: مصطفى خفاجة، وعز الدين شعث، وصالح معمر، ورفعت رضوان، ومحمد بهلول، وأشرف أبو لبدة، ومحمد الحيلة، ورائد الشريف، ويوسف خليفة، وفؤاد الجمل، وزهير الفرا، وأنور العطار، وسمير البهابشة، وإبراهيم المغاري، وكمال محمد شحتوت. باستثناء الـ 15 قتيلاً، فإن المسعف أسعد النصاصرة، الذي كان في قافلة الإغاثة، اختفى أثره منذ الحادث. أعلن الهلال الأحمر في بداية الأسبوع بأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر قالت له بأن النصاصرة محتجز لدى إسرائيل، وعابد شهد في مقابلة “الغارديان” بأنه شاهده والجنود يعتقلونه. والجيش الإسرائيلي لم يرد على سؤال “هآرتس” بهذا الشأن.