راية إنسانية في غزّة!
“المدارنت”..
تسجل دولة الإمارات حضورها الفاعل في شتّى مناحي الإغاثة الإنسانية في غزة، وقد كانت سباقة منذ اليوم الأول للعدوان “الإسرائيلي” (الإرهابي الصهيوني) الى تخفيف معاناة الأشقاء في مواجهة القتل والحصار والتدمير، فأرسلت المساعدات العاجلة وأنشأت مستشفيات ميدانية ومخيمات مؤقتة ومحطات لتحلية المياه، واستقبلت المئات من المرضى والجرحى الفلسطينيين للعلاج في مستشفيات الدولة، بالتوازي مع موقف سياسي واضح يطالب بوقف العدوان وحماية المدنيين وتجنيب المنطقة مخاطر اتساع الصراع والتصعيد.
11 شهراً من هذه الحرب العبثية، أسفرت عن كارثة تفوق الوصف، وأمام تعثر الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، كان لزاماً التحرك لمواجهة الوضع الإنساني المتدهور، ومواجهة تفشي المجاعة والأوبئة والأمراض، وأخطرها فيروس شلل الأطفال، الذي عاد إلى الظهور في غزة بعد نحو 25 عاماً من القضاء عليه.
ولمواجهة هذا الوباء الذي يهدد جيلاً بأكمله، أطلقت الأمم المتحدة ومنظماتها صرخة فزع ودعت إلى هدنة تسمح بحملة تطعيم مئات الآلاف من الأطفال، ولإنجاحها وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بدعم الحملة بخمسة ملايين دولار. وبتوجيهات سموه، بدأت الإمارات، منذ الأحد الماضي، حملة التطعيم بالتعاون مع «الأونروا» و«اليونيسيف»، ومنظمة الصحة العالمية التي أكبرت الدعم الإماراتي المتواصل لجهودها في مكافحة الأوبئة على مستوى العالم.
في غزة، كما في مناطق عدة من العالم، تغرس الإمارات راية للإنسانية، ويعمل المتطوعون من عملية «الفارس الشهم» على مدار الساعة لتسهيل عملية التطعيم وتقديم المساعدة للأسر والأطفال.
وبعد ثلاثة أيام، حقتت حملة التطعيم، التي اقتصرت على وسط غزة قبل أن تنتقل تدريجياً إلى جنوب القطاع وشماله، نجاحاً كبيراً، إذ تلقى التطعيم نحو ربع عدد الأطفال دون سن العاشرة من أكثر من 640 ألفاً، ويعود هذا النجاح إلى مثابرة أكثر من 2100 عامل صحي وسط ظروف حرب، في ظل تعذر وقف إطلاق النار، كما يعود نجاح الحملة أيضاً إلى تضحيات سكان غزة الحريصين على إنقاذ أطفالهم وحمايتهم من شلل الأطفال، حتى يعود الأمل إلى هذا الجيل المنكوب بسبب هذه الحرب العدوانية.
مع انطلاق هذه الحملة، قال المدير العام لمنظمة الصحـــة العالمية تيـــدروس غيبريســوس إن «أفضـــــل لقاح يمكن تطعيمه للأطفال في قطاع غزة، هو إحلال السلام في المنطقة»، وبقدر ما يعبر هذا التصريح عن رجاء، فهو في الأصل هدف منشود، فإنهاء هذه الحرب بات ضرورة لا تقبل التأخير، وأطفال غزة اليوم بحاجة إلى وقف إطلاق النار أكثر من أي شيء آخر في ظل ما عانوه مع أسرهم من أهوال ومآسٍ لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً، وهو ما يتطلب تكثيف الجهود والضغط على المعتدي الإسرائيلي حتى يرتدع عن عدوانه، والمسارعة إلى إنقاذ ما تبقى من قطاع غزة، عسى أن يستعيد الهدوء وتنعم المنطقة بالاستقرار وتتجنب ما هو أسوأ.