مقالات

زعماء ميليشيات طائفية في لبنان.. يحاولون لعب “دور الله”!

محمود القيسي/ لبنان

خاص “المدارنت”..
“من يستطيع إيهام الجماهير يصبح سيدًا لهم، ومن يحاول إزالة الأوهام عن أعينهم يصبح ضحية لهم”… (غوستاف لوبون)

..هنا يأتي دور النخب الفكرية والمفكرين في معالجة الاوهام والأساطير التي يستغلها اهل السلطة، للسيطرة والتحكم في الشعوب والجماهير سواء كانت سلطة سياسية او سلطة الدين السياسي.
هناك الكثير من المقولات.. والحكم والمواعظ.. والأقوال المأثورة.. والنظريات لكبار المفكرين والفلاسفة والعلماء والمثقفين والقادة والسياسيين والنخب التي تعد ولا تحصى… منها على سبيل المثال وليس الحصر:
“لا وجود لرجل عظيم في نظر خادم غرفته”، كما يقول أحد أهم الفلاسفة الألمان، “هيغل”، الذي يُعتبر أهم مؤسّسي المثالية في الفلسفة الألمانية. حيث طور المنهج الجدلي الذي أثبت من خلاله (أن سير التاريخ والأفكار يتم بوجود الأطروحة ثم نقيضها ثم التوليف بينهما).. التوليفة التي قرأها زعماء ميليشيات طوائف الدين السياسي ومنظريهم في لبنان، على عكس حقيقتها في العنوان والكتاب.
كمًا إن هناك أقوال تشيّع، وتُفهم على غير حقيقتها، حيث يبدو وكأن سوء فهمها هو الشرط الأساسي لشيوعها. لذا يمكن القول إن سوء الفهم هو الناشر الأكبر أحيانًا. خذ مثلًا المقولة التي تُنسب إلى السيد المسيح: “لا كرامة لنبي في وطنه”، وترد بأكثر من صيغة في الأناجيل.. ولماذا تورد بأكثر من صيغة في كتب الأديان والأناجيل السياسية في لبنان الميليشيات والطوائف السياسية؟!.. بالعربي عن هذه المقولة: “لا كرامة لنبي في قومه”، هي عبارة إنجيلية، وتعني أن الشخص لا يلقى الاحترام والتقدير من قومه بل من الآخرين.
وبالفعل فقد آذت ثمود النبي صالحًا، وآذت قريش النبي محمدًا، وآذى قوم إبراهيم النبي إبراهيم.. وآذت وسرقت ونهبت أحزاب المليشيات والطوائف والسلطة السياسية اللبنانية الحاكمة منذ عقود شعوبها وجماهيرها والمقيمين.. وتاجروا بالنازحين واللاجئين.. وهكذا، فليس “لا احترام لنبي في وطنه”، بل إن الأذى هو ما يعد له عن سابق إصرار وترصد ودراسات وبحوث وتخطيط وتنفيذ.
وكما قال أحد الشعراء في هذا الصدد مخاطبًا أحد الصحابة الكبار: “لو جئت اليوم لحاربك الداعون إليك وسموك شيوعيا”.. نعم، “مطرب الحيّ لا يطرب”…… مثل عربي شهير، ومعناه عمليًا كمًا جرت العادة في بلاد الاستبداد والقمع الخشن والناعم، أن مثقفي الحيّ أو البلد والنخب والمفكرين والساعين إلى التغير والتطوير والتطور، والانتقال إلى مواكبة العلوم العصرية والمواطنة المدنية الوطنية العصرية والديموقراطية القائمة على الدساتير وعقودها الاجتماعية الواقعية والحديثة، التي تطرب البلد ولكنها لا تطرب الأذان الحاكمة التقليدية والمتحكمة والممانعة والمانعة لأي خروج عن خشبة مسرح الدمى ونصوصه الجاهزة.. نصوص المايسترو الذي يحمل بيده عصا الممانعة المانعة من الخروج عن وصالات الطرب التقليدية القديمة، وأدواتها ووسائلها التي أصبحت في مستودعات الخرضوات تنتظر إتلافها وإعادة تدويرها واستخراج المواد الصالحة منها..
يريدون مطرب الحارة التقليدية الذي يجيد الغناء والتطبيل في مهرجانات إنتخابات نفس الطبقة السياسية الحاكمة ذاتها.. والأغاني ذاتها.. والنشاز ذاته.. والتطبيل ذاته.. والشعارات ذاتها… لأنه ينتمي إلى فئة كذا التقليدية أو جماعة فلان، أحد أرباب الطوائف الحاكمة او مطرب علتان؛ أي لاعتبارات في شخصيته، وكونه أبن البيئة والحارة والأوطان التقليدية البالية التي أكل عليها وعلى انظمتها الدهر وشرب.. في حين مطرب الحارة العصرية الحديثة تتعارض وطموح الزعامة التقليدية وطموحاتها العصبوية التقليدية، كما هي الحال تاريخيًا في الأوطان التي سقطت تاريخيا..
بينما لو ذهب صاحب النوتة العصرية إلى بلاد الهجرة والمهجر والنزوح، لأطربهم وعاش بينهم كما هي حال نزوح الادمغة من بلادنا تاريخيا.. فضرب المثل على بخس حقّ الشخص لأنه لم يعد يُطرب الزعيم والحيّ والحارة والبلد في زمن التمديد للزعامات المستعصية.. كما أن سعره لم يعد مناسبًا على جيب الزعيم في زمن منصات الدولرة اللبنانية واللولرة…
غالبًا ما يعاش التخلف على المستوى الإنساني رفضًا لعمليات التغيير الاجتماعي، وقمعًا شديدًا يغرق المجتمع في التقليد ويخلق نوعًا من الهوة بين الفكر والمعاش اليومي، من هنا نخلص إلى فئتين:
فئة في سلم الرضوخ والقهر الإنساني، وفئة تقترب من مواقع السيطرة المتسترة بقناع التقدم، إلا أن سلوكها تحكمه نفس معايير سيكولوجية الإنسان المقهور..
نعم، يعيش الإنسان المقهور حالة عجز، يجد نفسه في وضعية المغلوب على أمره، يشعر بفقدان الثقة لا يستطيع شيئًا إزاء قوى التسلط، فسرعان ما يتخلى عن التصدي منسحبًا، يائسًا من إمكانية التغيير الفعال، فيسقط في فخ التوقعات والانتظار والموت البطيء… “الشيطان يكمن في التفاصيل”، تلك العبارة، التي وردت في كتاب “هكذا تكلم زرادشت”، لفريدريخ نيتشه، لا تحمل بعدًا فلسفيا ولا دينيًا، بل بعدًا لبنانيًا استخدمه أبالسة لبنان، رغم أنف صاحب نظرية “الإنسان الأعلى” نيتشه.. إنها تجد جذورها في مقولة دينية استعملها “توما الأكويني” في القرن الثالث عشر، عند حديثه عن “الرب في التفاصيل”..
التفاصيل التي سرقها آلهة الطوائف اللبنانية واستخدموها بالتفاصيل، رغم أنف الأكويني، ومن معه ومن جاء به، للدلالة على أن كل ما يجري وما يحدث وما يقال، ترعاه العناية الإلهية في أدق تفاصيله.. حيث أن الشئ الذي يهيمن على روح الشعوب ليس الحاجه إلى الحريه، وإنما إلى العبوديه، كما تعودوا عليها في سلطة الآمر الواقع الطائفية. ذلك أن ظمأ الجماهير للطاعه يجعلها تخضع غرائزيًا لمن يعلن بأنه زعيمها الطائفي، وولي نعمتها، كما عودوها وكما يدّعون….. وهنا نصل الى العبرة….
العبرة التي تقول: إن المعرفة تقضي على “القداسة” السياسية الاصطناعية.. وتزيل “الغشاوة” عن العين المُنبهرة. وهنا يأتي دور الإيجاز المفيد، أو الإيجاز سيد العقل.. الإيجاز الذي يقول: أزل الغشاوة عن عينيك لتتضح الرؤية، حتى تتمكن من معرفة البشر، بشر لا ملائكة ولا شياطين.. ولا زعماء.. ولا زعماء طوائف.. ولا آلهة.. ولا يحزنون.. مجرد كذبة اخترعوها هؤلاء اللصوص – لصوص مغارة “علي بابا” والحرامية.. جماعة المغارة التي تُسمّى في لبنان دولة.. مغارة ساسة الأديان السياسية بإمتياز سياسي في لبنان.. ونحن المواطنين بدورنا صدّقناهم.. وركعنا لهم.. وسجدنا أمامهم..!

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى