مقالات

صحافي عبري لنتنياهو: ستَعلم وتَعلم “إسرائيل” كلّها لماذا قبّل الأسير جبينيّ آسريه!

أسير إرهابي صهيوني يقبّل رأس أحد عناصر “حماس”

“المدارنت”..
كلّ كاتب مقالات، وكل خطيب، يعرف أن عليه رفع النغمة حين يضعف المبرر. ما يحدث في الفترة الأخيرة في الخطاب في “إسرائيل”، لا يدل فقط على ضعف المبرر وجعل الخطاب مبتذلاً، بل هو خطير على المستقبل أيضاً.
تحول الخطاب في “إسرائيل” إلى خطاب تحريضي ملوث ومبتذل ضد كل العرب، الفلسطينيين والغزيين، من رئيس الحكومة (الإرهابي الصهيوني بنيامين نتنياهو) وحتى آخر المراسلين الميدانيين في التلفزيون، جميعهم يجدون أن من واجبهم التطاول و”الحَيْونة” بقدر الإمكان ضد “حماس” وغزة، وكأن الأمر سيزيد مصداقية ادعاءاتهم. فلم يعد بالإمكان ذكر كلمة “حماس”، من دون أن ترفق بصفة النازي، ولم يعد بالإمكان ذكر غزة من دون قول كلمة وحوش، هذا الخطاب هو الأمر المتوحّش حقاً.
هذه نغمة حدّدها رئيس الحكومة نتنياهو، وبدأ الجميع في أعقابه في الشتم والتشهير بتنافس الوطني. “جميعنا غاضبون من وحوش حماس”، قال نتنياهو في اليوم الذي أعيدت فيه الجثث الأربعة حسب الاتفاق، وبعد ذلك وعد بـ“تدمير القطاع”.
الإنسان هو الأسلوب. ومن يقول “وحوش” و”تدمير” يدل على نفسه، أكثر مما يدل على مضمون أقواله. قتل أبناء عائلة بيباس كان وحشياً وإجرامياً، لكن من يقول كلمة وحوش يدل أيضاً على ما يفعله جنوده، الذين قتلوا [مئات] الأطفال والرضّع (الفلسطينيين). وعندما عرف بأن الجثة لا تعود لشيري بيباس، تمّ فتح المزيد من أنابيب المجاري. كرر نتنياهو كلمة “وحوش”، لكن هذه المرة بلغته الرسمية، الإنجليزية، فسار في أعقابه جيش المحرضين، وعلى الرغم من أن “حماس” أصلحت الخطأ في نفس الليلة، فهذا لم يجعل نتنياهو راضياً؛ هم وحوش وسيبقون وحوش.
مراسم إعادة المخطوفين، مثل المراسم المؤثرة، دلّت على نازية “حماس” ووحشيتها. نازيون ينظمون مثل هذه المراسم الاحتفالية، ومن غير الواضح لماذا، ونازيون من يستغلون هذه اللحظة لغرض الدعاية. أما “إسرائيل”، فوحدها المسموح لها استغلال إعادة المخطوفين لغرض الدعاية.
ولكن يجب قول الحقيقة، وهي أن معظم مراسم إعادة المخطوفين جرت بشكل منظم ومناسب، حتى عندما لم ترغب العين “الإسرائيلية” في رؤية مخطوف (أسير) وهو يقبل جبين حراسه، كما حدث (أول من) أمس. سارع المذيعون إلى تهدئة الجمهور المحرج بالقول: هذا تقبيل فرض عليه، رغم أن الأمر لم يظهر كذلك.
لماذا فعلوا ذلك؟ لأن شرّ “حماس” ظهر في أفعالها. لماذا يجب إضافة التحريض إليه، من المتحدث بلسان الجيش “الإسرائيلي” (الإرهابي الصهيوني) وحتى أمنون أبراموفيتش؟ لأن نتنياهو يتغذّى على التحريض لاعتباراته السياسية في الأصل. ولكن لماذا وسائل الإعلام؟ للإعجاب فقط، وفقط من أجل الحصول على التربيت من الجمهور المتحمس.
لا يوجد ما يمكننا الدفاع فيه عن “حماس”؛ فهي “منظمة حقيرة نفذت هجوماً حقيراً ضد إسرائيل”، ولكن الخطاب الذي تلوّث سيجبي منّا ثمناً باهظاً. خُمس “الإسرائيليين” فلسطينيون – كيف سنتعايش معهم ولهم أخوة نصفهم بوحوش نازيين؟ إن نصف الذين يعيشون بين البحر والنهر من الفلسطينيين، فكيف سنعيش على جانبهم؟ “إسرائيل” شنت الهجوم الفظيع على غزة، قبل أن يولد خطاب الوحوش.
7 “أكتوبر”، فعل الأعاجيب في وعي “الإسرائيليين”، لذا تمت إضافة التحريض وتأجيج المشاعر من قبل السياسيين ووسائل الإعلام. لم تعد هناك إنسانية في “إسرائيل” لأن غزة تخلو من أشخاص “غير متورطين”، حتى الأطفال الذين ولدوا الآن وماتوا، وحتى رجال الحكمة والسلام في غزة. تخيلوا كيف ستكون الحرب القادمة التي لن توجه ضد “حماس” فقط، بل ضدّ الوحوش النازيين.
تخيلوا ما الذي يشعر به الجندي الذي يقتحم الآن بيتاً في الضفة الغربية، ويحمل تحريضاً في الخطاب الذي يسري في شرايينه. هو يدخل بيت وحوش نازيين، فكيف سيتصرف مع سكانه؟ هو سيدمر ويقتل بوحشية أكثر مما في السابق. هكذا نحن، سنشتاق إلى ضبط النفس اللطيف والأخلاقي للجيش “الإسرائيلي” في الحرب الحالية، مع نصف قطاع مدمر وفقط 15 ألف طفل قتيل. انتظروا الحرب القادمة، التي يحظر شنّها ضدّ النازيين.

 المصدر: جدعون ليفي/ “هآرتس” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى