طفح الكيل يا سادة..!
خاص “المدارنت”..
بين الكهرباء لساعتين والعتمة الشاملة لأيام…
مرةً أخرى، وربما هي المائة بعد الألف أو العشرة آلاف، يجد اللبنانيون أنفسهم رهينة أمْزجة ونكد تيار سياسي يدَّعي الإصلاح والتغيير، وهو يتشبث بوزارة الطاقة، وتكاد تصرفاته جميعها تدخل في خانة الخداع، إن لم يكن التآمر على الشعب اللبناني، والاستلشاق الدائم في تركه أسير العتمة والظلام منذ تنكُّب مسؤولية الطاقة، فكان نكبةً بكل ما للكلمة من معنى، لشعبٍ منكوبٍ بأقزام السياسة وحديثي النعمة بها، وكأن هذا الشعب كان ولم يزل طوال تلك السنين على تحكُّم هؤلاء بالطاقة، هدفاً للانتقام والتشفي أمام أشباه بشر، لا يعترفون بآثامهم وهم يُمْعِنون في الاستيلاء على وزارة الطاقة، ولا يرف لهم جفنُ حياءٍ ليقرُّوا بفشلهم أمام الجميع وليتركوها لغيرهم. لربما كان هذا الغير أفشل منهم فيعطيهم صك براءة، أم أنهم يُدركون مدى خطيئتهم في هذه الوزارة، وباتوا يخفون كل معالم جريمتهم فيها، ولا يناسبهم البتة أن تنكشف وينكشفوا أمام اللبنانيين جرَّاء ما أنتجته سياساتهم الفاشلة من دمارٍ وتدميرٍ لهذا القطاع.
ليعذرنا اللبنانيون، وقد حرصنا على تحاشي كل مُداخلات الشتائم والسباب، التي يتعرض لها وزير الطاقة وحاشيته صباحاً مساء على لسان الصغير والكبير من أبناء الشعب، الذي لم يزل يعيش صدمة العتمة الشاملة التي تكرر له معاشاتها من جديد عشية يوم السبت السابع عشر من شهر آب، وليزيد من اشتداد الصدمة أن كل ما اقرّه مجلس الوزراء لشراء الفيول من السوق المحلي لتجنب العتمة، لم يكن ليصمد أمام وجود مدير عام مؤسسة كهرباء لبنان في إجازة ، وادعاء عضو آخر في مجلس الإدارة للمرض، وبكل خفةٍ وانعدامٍ للمسؤولية، وكأن الموضوع برمته لا يعني بلدًا يعيش أقصى لحظات القلق والخوف على المصير، في ظل انعدام كل آفاق الاطمئنان، وتبديد الهلع الحاصل، الذي لم يجد رئيس حكومة تصريف الأعمال لمواجهته سوى الدعوة إلى الصمت والصبر والصلاة…!
ويا ليته أكمل عبارته بتوجيه الشعب إلى المكان الذي يباع في الصمت والصبر، وقد نفذا لدى اللبنانيين، وصار متوجبًا عليه المواظبة على صلاته، وتكثيف أدعيته إلى الخالق كي يحميه سواء ممن يُخوِّنونه هذه الأيام، أو الذين لا يتركون مُناسبة إلا للتطاول على صلاحياته، وصارت معضلة الكهرباء بحد ذاتها مقياس فعالية وجوده في السراي الحكومي وعدمها، وهو العاجز أمام « دبابير » وزارة الطاقة، الذين يقفون معارضين لمشروعه الخاص « نور الفيحاء »، الذي وعد به أبناء مدينته يومًا، ونفض يديْه منه، على طريقة « ما خلّونا » أيضًا، وكأنه في حكم مسؤولياته الأساسية لا يعرف ولا يدرك أن الفيول أو المازوت أو الغاز المسيّل، كلها مواد أساسية لتوليد الطاقة…!
إنه لمن المسيء لحكومته، أن تلجأ إلى شراء هذه المواد من السوق وفق حاجة كل يوم بيومه، وتلك الطامَّة الكبرى، التي تدفعك للتنقيب في قواميس السياسة عن الفوارق بين رجال الدولة، وتجَّار الشنطة، والبلد كله صار تحت رحمة التاجر الكبير والصغير، بدءًا من رغيف الخبز وحبة الدواء، إلى كهرباء المولدات، ومن يستفيد من وجودهم ويقدم لهم الدعم والحماية، ومن هم المسؤولين الكبار في السلطة وأتباعها، الذين يتولون ذلك…!
من هنا، تزدحم التساؤلات وعبارات الاتهام والتشكيك بكل ما له شأنٌ بالطاقة الكهربائية في لبنان:
– كيف يُسمح لمدير عام مؤسسة كهرباء السفر في إجازة، والبلد يعيش احتمالات الحرب مع العدو الصهيوني في أيَّة لحظة…؟
– إلى أيَّة جهة سياسية ينتمي مجلس إدارة المؤسسة، الذي مرض أحد أعضائه أو تمارض متسبِّبًا في إدخال البلاد في العتمة الشاملة المُمْتدة على أيام وأيام…؟
– من المستفيد من عدم تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء، ويماطل لما فوق العشرة سنين، وما هي مصلحته في ذلك…؟
أخيرًا، ومع كل الاحترام لقواعد التيار السياسي الذي يتحكم بالطاقة، نقول: اضغطوا على رفاقكم وواجهوهم بالنصيحة، وما يقوله الشعب اللبناني فيهم، اللهم إلا إذا كنتم وإيَّاهم مخلوقات فضائية، أصابها العمى، فلا ترى سوى مصالحها وحسب، وقد طفح الكيل…!