عربي ودولي

عرض بريطاني سابق لروسيا بشأن الأسد.. من يحميه في الحقيقة؟!

حرس الرئيس الروسي بويتن يمنع بشار الأسد من السير الى جانبه

“المدارنت”..
كشف ديبلوماسي روسي عن محاولة بريطانيا، في وقت سابق، عقد اتفاق مع بلاده يقضي بإقصاء بشار الأسد عن منصبه، منعا لانهيار نظامه بشكل تام، وذلك قبيل التدخل العسكري الروسي في سوريا.
ونقلت “وكالة ريا نوفوستي” الروسية للأنباء، عن “عميد الأكاديمية الديبلوماسية بوزارة الخارجية الروسية”، ألكسندر ياكوفينكو، أن مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء البريطاني، كيم داروش، اقترح “التخلص من بشار الأسد قبل أن يسقط في أيدي الثوار”.
أضاف أن داروش، “قال حرفياً قبل شهر من 30 أيلول/سبتمبر 2015 (تاريخ التدخل الروسي في سوريا)، إنه يجب علينا “التخلي عن بشار الأسد”، وقال ياكوفينكو “لأنه، وفقا لتقديراتهم، ستقع دمشق تحت هجوم الثوار في أكتوبر”.
وفي إجابته عن سؤال حول سبب حرص بريطانيا على التفاهم مع الروس بشأن الأسد، عوضا عن الإطاحة به دون موافقتها، قال الدكتور محمود حمزة، المحلل والخبير بالشأن الروسي، لموقع “حلب اليوم”: “إن هناك مؤشرات عديدة تدل على أن بريطانيا هي من تثبت الأسد في منصبه”.
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي السوري، أحمد مظهر سعدو، أن العلاقات الروسية البريطانية كانت في حينها – وكذلك علاقات الروس مع أوروبا والغرب – في حالة أفضل وفق المصالح المنجدلة بينهم، إذ لم يكونوا يعتبرون كما اليوم أن روسيا في حالة صراع معهم.

من الذي يحمي الأسد في الحقيقة؟
أشار حمزة وهو ممثل المجلس الوطني السوري في روسيا سابقا، إلى العلاقة القوية لبريطانيا مع سلطة الأسد، “فمنذ أيام حافظ ارتبط بالمخابرات البريطانية بالدرجة الأولى، وليس صدفة أن تسافر أسماء الأسد لبريطانيا، وهناك تحليلات تقول إن زواجها ببشار كان بمثابة صفقة تقف وراءها المخابرات البريطانية”.

أضاف “شاهدنا خلال الفترة الأخيرة أن أسماء بدأت تؤدي دورا كبيرا في حياة البلد لناحية السيطرة على الاقتصاد السوري، ما يعني أنها تعمل على أجندة دولية ثبتت من خلالها موقعها الحالي، بعد زحزحة رامي مخلوف”.
وذكر حمزة أن ضابطا كبيرا في مجلس الأمن الروسي، طلب اللقاء معه في بداية الثورة، بداية عام 2012، حيث ذهب للقاء مع أحد الأصدقاء، وكان مع الضابط الذي يعرف اللغة العربية بطلاقة عقيد روسي، وقال الضابط إنه سيذهب رفقة آخرين إلى دمشق بعد أيام، وأنه يريد أن يعرف رأيهم كمعارضة بما يحدث في سوريا، حيث كان حمزة حينئذ ممثل ورئيس “لجنة دعم الثورة السورية في روسيا”.
وأكد أنه تحدث عن الثورة وأسبابها وعن الفساد والاستبداد وما إلى هنالك، فقال الضابط “هل تعتقدون أننا نحمي بشار الأسد؟ لا. من يحميه هو المخابرات البريطانية”، وعند استغراب حمزة وصديقه من كلام الضابط الروسي مشيرين إلى أن بريطانيا لم يكن لها دور واضح في الأحداث، قال الأخير “لا. هم المسؤولون عن أمن بشار الأسد”.

لماذا تتمسك روسيا بالأسد؟
تلقى الروس عدة عروض تضمن استمرار مصالحهم في سوريا، مع إيجاد بديل لبشار الأسد، لكنهم رفضوها كلها، واختاروا إبقاءه على بحر من الدماء عوضا عن التوافق على شخصية أخرى تحفظ الاستقرار في البلد.

ويرى سعدو أن روسيا لا تتمسك بالأسد من أجله، بل من أجل مصالحها المستمرة، وهو حتى الآن أكثر من ينفذ مصالح الاتحاد الروسي في سوريا.
أضاف أن الروس كانوا قد صرحوا لأكثر من معارض سوري التقاهم خلال السنوات المنصرمة أنهم غير متمسكين بالأسد، بينما هم يتمسكون بمصالح روسيا القومية وإنفاذ براغماتيتها، حسب من يلبي هذه المصالح أولا وبشكل أكبر.
من جانبه قال حمزة “اليوم، وبعد تسريب هذا الخبر على لسان السفير الروسي السابق في بريطانيا يبدو أن الأخيرة كان من الممكن أن تغير الأسد في بدايات الثورة، بعد تقدم الجيش الحر وتحريره لثلثي سوريا من حكم السلطة، حيث كانوا ربما يرغبون في استبداله بشخص قريب منهم”.
أضاف “في حال لم يتدخلوا ولم ينسقوا مع الروس، فقد يأتي شخص معاد لهم إلى السلطة في سوريا، وهذا يشرح لماذا كانت بريطانيا حريصة على التفاهم مع الروس حيث إنهم يعرفون أن لروسيا علاقة تاريخية مع سلطة الأسد ونظام الحكم في سوريا”.
واعتبر حمزة أن روسيا تمسكت بالأسد لأنها تعتبره رمزا للعائلة التي تسيطر على نظام الحكم وهو ابن حافظ الأسد، وربما لو سقط كانت سيفرط عقد السلطة التي تدين بالولاء لهم، وهم يعتقدون أنه يجب إيقاف قطار الثورات المتنقلة من دولة لأخرى، فبعد رؤية مصير القذافي، شعروا بالخوف أن تكون إيران وروسيا الهدف التالي، لذا فقد تدخلوا بكل ثقلهم لحماية الأسد ليس حبّا بشخصه.
وقال إنه التقى سابقا مع عضو مجلس الدوما ألكسي بوشكوف وهو سياسي وإعلامي روسي معروف، وسأله “هل تعتقد أن بشار الأسد حليفكم وصديقكم، حتى تدافعوا عنه بهذه القوة؟”، فقال بوشكوف “لا نحن نعرف أنه ليس حليفنا ولا صديقنا هو “كلب ابن كلب” (مثل روسي) ولكنه مجرد تابع لنا”. فالروس “يعرفون أنه مثل أبيه لكنهم يرون أنه يفيدهم في حماية مصالحهم في سوريا. لا أكثر ولا أقل، يعني عبارة عن حجر شطرنج يفيدهم في سوريا”.
ويرى حمزة أن الروس بالغوا كثيرا، وأخطأوا في هذا الموضوع، فلو أنهم من بداية الثورة حاولوا استبدال الأسد ربما كانت الأوضاع تغيرت وهم أيضا كانوا حافظوا على مصالحهم.

هل من الممكن أن تتخلى روسيا عن الأسد مستقبلا؟
لا يستبعد الكاتب السوري مظهر سعدو ذلك، لكن “بالطبع فإن الحال الآن تغير بعد تدخل الكرملين في أوكرانيا منذ ما يقرب من السنتين، وهذا الصراع الدراماتيكي الجاري حاليا بين الغرب وروسيا، وليس في أوكرانيا فحسب، بل في العديد من المواقع الجيوسياسية العالمية وفق المعطيات المتظاهرة على السطح حاليا”.

وأكد أنه عندما يُؤَمَّن البديل الذي يمكنه أن يخدم المصلحة الروسية في المنطقة الشرق أوسطية، فإن “السياسة الروسية سرعان ما ستستدير كما استدار سواها. وهكذا هي السياسة دائما تبحث عن المصالح، وليس عن المحبة أو الكراهية، إذ لا يوجد عداء دائم في السياسة ولا محبة دائمة، بل هناك مصالح متحركة بشكل دائم”.
ومضى بالقول “لعل الأيام القادمة ستثبت أن بشار الأسد لن يجد من يتابع العلاقة معه إن لم يقدم كل ما لديه من أجل مصالح الآخرين من روس وإيرانيين وأيضا أميركيّين”.
بدوره تحدث حمزة عن نظرة الروس التي صرحوا بها في الدوائر الضيقة حيث “يرفضون انتصار الثورة؛ لأنهم يعتبرون أنها ستقوي السنة، ويرون أن وجود عائلة الأسد العلوية في السلطة وهو ما يرونه أفضل لهم من انتصار الثورة ومجيء قيادات أو مسؤول أو حكومة. لنقل أغلبها سنية مثلا. وهذي أحد مصائب السياسة الروسية وانعكاساتها على سوريا للأسف الشديد”.
لكن – يضيف الخبير بالشأن الروسي – لو وجدت صفقة وهذه الصفقة يجب أن تكون مع أمريكا، وليس مع المعارضة، تؤمن لهن تحقيق مصالح ومكاسب من الغرب من خلال الورقة السورية، فعندها يُتَخَلَّى عن الأسد.
وبحسب السياسي السوري، فإن موسكو تريد من الغرب “الاعتراف بدور روسيا كدولة كبيرة لها وزن دولة عظمى، حيث إن الغرب إلى اليوم لا يقبل منح روسيا هذه الميزة”.
وذكر حديثا سابقا له مع ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، حيث كان حينها ممثل المجلس الوطني السوري في روسيا، قائلا “تحدث معه وجها لوجه وعلى انفراد، فقلت له لماذا لا تستبدلون الأسد بفاروق الشرع نائبه؟ فهو ابن السلطة، رغم أنه سني، كما أنه صديقكم، فكذا تحلون المشكلة وتضمنون مصالحكم، وإذا لم يناسبكم فاروق الشرع أعطيكم مثالا آخر. الدكتور عارف دليله، فهو خريج جامعة موسكو، ومتزوج من روسية وعلى رغم أنه لا يركز على الانتماء الطائفي، لكنه معارض والكل يوافق عليه، فالعلويون سيطمئنون على مستقبلهم من جهة، وتزول مخاوفهم بسبب إشاعات سلطة الأسد عن رغبة السنة بذبحهم، كما أنه صديقكم. اقبلوا بتغيير بشار فهو أسوأ شخص ممكن يقود سوريا. فقال “فكرة جيدة تحتاج إلى بحث. لكن القرار الروسي تجاه الأسد ليس من صلاحيات وزارة الخارجية. القرار بيد الأجهزة الأمنية والعسكرية”.
ونوه بأن الأمن والعسكر لا يراعون السياسية ومصالح الناس، فهم يستخدمون القوة والأساليب العنفية، ويعتبرون أن بشار سيجلس على كرسي الحكم، سواء أراد السوريون ذلك، أم لم يريدوا. وهذا خطأ روسي قاتل، واعتقد أنهم سيحاسبون عليه في المستقبل في سوريا.
وختم بالقول “من الممكن أن تتخلى عن الأسد بكل تأكيد، لكن نظريا هم غير متمسكين بشخصه، وإنما لأنه من عائلة الأسد ابن حافظ الأسد، ويعتبرون أن هذا النظام الذي تجلس في قمته عائلة علوية هو أقرب لروسيا، وأفضل من أن يستلم السنة الحكم، فقد ينقلبون على الروس”.

المصدر: “موقع حلب اليوم”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى