غزة بين دمار الحرب ورفض الإعمار.. مصير مجهول ينتظر السكان!
أسامة الأتاسي/ فلسطين
خاص “المدارنت”..
مع استمرار الحرب في قطاع غزة، وغياب أي بوادر لانفراج قريب، بدأت تلوح في الأفق أزمة جديدة، قد تكون أكثر خطورة من الحرب نفسها، وهي أزمة إعادة الإعمار. في كل مرة كانت غزة تخرج من حرب مدمرة، كانت الأنظار تتجه إلى الدول الخليجية والداعمين الدوليين، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن هذه المرة الصورة مختلفة تماماً.
تصريحات حاسمة صدرت مؤخراً عن قادة من دول الخليج، أكدوا فيها أن لا نيّة لديهم لدعم أي عملية إعادة إعمار، طالما أن حركة “حماس” مستمرة في حكم القطاع. هذا الموقف غير المسبوق يحمل في طياته رسائل واضحة: العالم بدأ يفقد صبره تجاه استمرار الأزمات في غزة، ولا أحد يريد أن يكون جزءاً من دورة دمار وإعمار لا تنتهي.
الحرب الحالية دمرت كل شيء تقريباً، منازل، مدارس، مستشفيات، وحتى البنى التحتية البسيطة باتت في عداد المفقودات. ومع هذا التدمير الشامل، يجد سكان غزة أنفسهم أمام كارثة إنسانية واقتصادية حقيقية، فلا معونات كافية، ولا ماء ولا كهرباء، والأسوأ من ذلك، لا أفق لأي عملية إعادة إعمار قريبة.
المجتمع الدولي يتحدث اليوم بلغة مختلفة، والدول المانحة تلوّح بوضوح أنها لن تمول أي إعادة إعمار في ظل حكم “حماس”. هذا يعني ببساطة أن غزة، قد تدخل في مرحلة من العزلة والحصار غير المسبوق، ليس فقط بسبب الحرب، بل بسبب فقدانها لأي دعم خارجي قد يعيد لها الحياة.
الحل اليوم ليس في انتظار انتهاء الحرب فقط، بل في إيجاد تسوية سياسية حقيقية تضمن إعادة غزة إلى الحضن العربي والدولي، وتفتح المجال أمام إعادة الإعمار بطريقة آمنة ومستدامة. فإما أن يتحقق ذلك، أو أن تبقى غزة مدينة أشباح، يروي ركامها قصة شعب حاصرته الحروب وتخلى عنه الجميع.
أصوات مطالبة بوقف إطلاق النار وخوف من حرب جديدة!
وفي ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة، تتعالى يومًا بعد يوم الأصوات الشعبية المطالبة بوقف إطلاق النار بشكل كامل وإنهاء دائرة الحروب المستمرة التي لم تجلب للقطاع سوى الدمار والمعاناة. ويعبّر الكثير من المواطنين عن قلقهم العميق من عودة الحرب في أي لحظة، خاصة مع تصاعد التصريحات والتعنت في المفاوضات من قبل بعض الفصائل، وعلى رأسها حركة “حماس”.
ويخشى الأهالي أن تؤدي سياسة التشدد ورفع سقف المطالب بشكل مبالغ فيه إلى إغلاق جميع أبواب الحلول السياسية والديبلوماسية، مما سيدفع غزة بأكملها نحو مصير مجهول لا يمكن تحمّله. ويؤكد العديد من السكان أن هذه السياسات لا تعبّر عن رغبة الناس الحقيقية، بل تزيد من عزلة القطاع وتفاقم معاناة السكان الذين يعيشون أصعب الظروف من حصار وفقر ودمار ونزوح.
في المقابل، تزداد المطالبات من داخل غزة بضرورة تحكيم العقل وتقديم مصلحة المواطنين أولًا، بعيدًا عن الحسابات السياسية والمكاسب الفصائلية. فالحرب الجديدة لن تكون إلا كارثة أكبر تضرب ما تبقى من مقومات الحياة في القطاع، وستفاقم من أزمة النازحين والجوع والدمار الذي لم يعد الناس قادرين على تحمله.
يرى كثيرون أن الحل يكمن في التهدئة ووقف الحرب فورًا، والانخراط في مفاوضات حقيقية وواقعية تنقذ ما يمكن إنقاذه وتعيد بعض الأمل إلى سكان غزة الذين دفعوا ثمن الصراعات لعقود طويلة. فهل تُسمع هذه الأصوات قبل فوات الأوان، أم أن القطاع مقبل على جولة جديدة من الدمار يدفع ثمنها الأبرياء وحدهم؟