مقالات

قراءة في وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” و”حزب الله”!

“المدارنت”..
حين دقّت الساعة الرابعة من فجر أمس مع دخول وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” و”حزب الله” حيّز التنفيذ، وفق ما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يكن مفاجئاً أن يتدفق مئات آلاف اللبنانيين المهجرين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت في طريق عودتهم إلى قراهم ومنازلهم التي دمرت، أو تضررت بفعل الغارات الجوية “الإسرائيلية” على مدى الشهور الماضية.
بعضهم تحدّى التحذير “الإسرائيلي” بعدم الاقتراب من أماكن وجوده، أو طلب التريث من جانب الجيش اللبناني بتحاشي العودة إلى القرى الأمامية، وبعضهم قرّر نصب الخيام على أنقاض المنازل، وبعضهم ذهل من حجم الدمار الهائل في الأبنية والمنازل، ومع ذلك قرّر البقاء حيث مسقط رأسه.

بعد شهرين وثلاثة أيام من الحرب المدمرة، حيث فعلت “إسرائيل” كل ما أمكنها فعله من قتل ودمار شمل كل الجغرافيا اللبنانية، وصولاً إلى قلب العاصمة بيروت، وافقت على وقف إطلاق النار، بعد جهود أمريكية وفرنسية مضنية، حيث أعلن (الإرهابي الصهيوني) بنيامين نتنياهو، موافقة حكومته على وقف إطلاق النار مع لبنان، معتبراً الاتفاق «أهون الشرّين»، في حين اعترض عدد من أعضاء حكومته من بينهم (الإرهابي الصهيوني) إيتمار بن غفير وزير الشرطة لأن الاتفاق «لا يحقق أهداف “إسرائيل” بإعادة سكان الشمال إلى مناطقهم بأمان».
كذلك انتقد زعيم المعارضة (الإرهابي الصهيوني) يائير لابيد، الاتفاق بقوله «الاتفاق تأخر، وأكبر كارثة في تاريخنا حدثت في عهد نتنياهو»، وجاء في استطلاع للقناة 13 “الإسرائيلية” أن «61 في المئة من “الإسرائيليين” يعتقدون أن “إسرائيل” لم تنتصر».

الحقيقة أن كلاً من “إسرائيل” ولبنان، كانا بحاجة إلى وقف إطلاق النار، إذ إن الحرب أنهكت الجيش “الإسرائيلي” من جهة، كما أنها جعلت المجتمع “الإسرائيلي” حبيس الملاجئ، وكانت كلفتها الاقتصادية باهظة، كما أنها كانت مكلفة جداً بالنسبة للبنانيين بشرياً ومادياً، إذ إن عشرات القرى تم تدميرها، إضافة إلى الدمار الهائل في الضاحية الجنوبية ومناطق بعلبك والهرمل، وصولاً إلى بيروت، لذلك جاء الاتفاق بمثابة خشبة خلاص لكل الأطراف.
ومع ذلك، كانت المفاوضات التي قام بها الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين للوصول إلى اتفاق، صعبة ومعقدة، فالجانب اللبناني كان يصر على تنفيذ اتفاق 1701 الذي أنهى حرب 2006 كاملاً كما هو، تأكيداً على سيادة لبنان براً وجواً وبحراً، ورفض أي وجود للقوات “الإسرائيلية” على أراضيه ونشر الجيش حتى حدوده الجنوبية، بالتعاون مع القوات الدولية (اليونيفيل).
في حين، كانت “إسرائيل” تصرّ على تعديله، مع وجود منطقة عازلة بعمق ستة كيلومترات، والاستطلاع الجوي، بما يعطيها الحقّ بمراقبة الأراضي اللبنانية، إضافة إلى حقها بمهاجمة لبنان متى شاءت، على أن تضم اللجنة التي تتولى مراقبة تنفيذ الاتفاق كلاً من: بريطانيا وألمانيا، وهو ما لم يتحقق. كما لم تتحقق محاولات تلغيم الاتفاق بوجود قوات أمريكية أو أجنبية في الجنوب بمعزل عن القوات الدولية.

وهكذا انتهى الأمر بعد مفاوضات خاضتها الحكومة اللبنانية، ممثلة برئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بصبر وحكمة إلى تنفيذ القرار 1701.
يمكن القول إن “إسرائيل” لم تحقق أهدافها، لكن الثمن الذي دفعه اللبنانيون، كان باهظاً جداً، بدمار هائل، وأكثر من 3,800 ضحية، وما يزيد على 15 ألف جريح.
المهم هو صمود وقف إطلاق النار، وأن لا يبقى مجرّد هدنة لـ60 يوماً، وأن يبدأ الجيش اللبناني، انتشاره على الحدود اللبنانية، لتوفير الطمأنينة والأمن للمواطن، وأن تلتزم “إسرائيل” بما تعهدت به وعدم التذرع بحجج لانتهاكه.

المصدر: إفتتاحية الخليج” الإماراتية اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى