“المدارنت”..
ليس جديداً تسلل تجار المخدرات إلى مواقع التواصل الاجتماعي، واستغلال كل فرصة متاحة من أجل الوصول إلى الناس، خصوصاً الأطفال والمراهقين، لإغرائهم وبيعهم المخدرات باتفاقات تتم «أونلاين»، إنما الجديد هو الجرأة والوقاحة المتناهية التي وصل إليها هؤلاء التجار المجرمون، حيث باتوا يستغلون أي منشور على أي موقع وصفحة عامة ليكتبوا تعليقاً يروّجون فيه للمخدرات مع تدوين أرقام هواتف يمكن التواصل معهم من خلالها!
ألا يخشون إلقاء القبض عليهم عند تسليم البضاعة؟ يأخذون كل احتياطاتهم بلا شك ليكون التسليم غير مباشر، وهنا يكون المشتري ضحية مرتين، مرة يكون فيها ضحية تعاطي المخدرات والدخول في دوامة الإدمان التي تهدم الصحة وتقضي على الإنسان وحياته العائلية والاجتماعية وعلى مستقبله، والمرة الثانية يكون فيها ضحية الوقوع في فخ إبلاغه عن نفسه بنفسه، من خلال تواصله مع صاحب الإعلان والرد عليه والذهاب لاستلام المخدرات.
مجدداً تؤكد الجهات الشرطية المعنية بتتبّع هؤلاء التجار وكذلك تتبّع المتهمين بتعاطي المخدرات، أن انشغال بعض الآباء عن أبنائهم، أياً كان سبب هذا الانشغال، يؤدي إلى وقوع أبنائهم في فخ تجار المخدرات، يغرونهم بحثّهم على التجربة فينساقون خلفهم من باب الفضول وبسبب غياب الرقابة الأسرية ورعاية الأهل واهتمامهم بشؤون أبنائهم ومعرفة تفاصيل حياتهم وملاحظة أي تغير قد يطرأ عليهم، بل حتى غياب الحوار والمصارحة بشكل هادئ بين الآباء وأبنائهم.. كل ذلك يؤدي إلى وقوع الأطفال والمراهقين في فخ المخدرات فيصبحون ضحايا ومتهمين في وقت واحد.
ليس صعباً ولا مستحيلاً قيام الآباء بدورهم الطبيعي في رعاية أبنائهم والحرص على متابعتهم والتقرّب منهم دائماً وليس أحياناً أو نادراً، ولا يمكن الاعتماد فقط على الشرطة كونها تملك الوسائل الحديثة لتتبع هؤلاء المروّجين للمخدرات وتنجح في إحباط عمليات اتّجار كبرى، فتاجر المخدرات يستغل التقنيات الحديثة ليتمكن من الوصول بسهولة وبشكل مباشر إلى كل الناس، يخترق صفحات ومنشورات ويعرض بضاعته ويبيعها “أونلاين”.
كل الأبناء معرضون لمواجهة أحد هؤلاء الفاسدين المفسدين، ومعرضون لخطر الانزلاق خلف مغريات كثيرة في هذا الزمن، ومعرضون لاقتحام الأغراب حياتهم الخاصة وهواتفهم المحمولة ومشاركتهم في تفاصيل كثيرة وإغوائهم بشتى الوسائل، فكيف نحميهم ونحصنهم ليدافعوا بأنفسهم ويقطعون الطريق على كل هؤلاء ولا يتحولون إلى ضحايا؟ بممارسة كل أهل الدور الطبيعي لهم واحتضان أبنائهم والتواصل المباشر معهم بدل تركهم ضحايا التواصل الاجتماعي.
مقالات