مصرع الحاخام في الإمارات و«يد إسرائيل الطويلة»!
“المدارنت”..
بعد إعلان جهاز الاستخبارات “الإسرائيلي” (الموساد) أول أمس، السبت، عن اختفاء الحاخام تزفي كوغان، المقيم في دبيّ «في ظروف غامضة» عثرت سلطات المخابرات والأمن في الإمارات على جثته، حسب بيان إسرائيلي.
تبع إعلان الواقعة ردود فعل غاضبة من المسؤولين الإسرائيليين، وجاء أبرز هذه التصريحات من مكتب بنيامين نتنياهو، الذي أعرب خلال اجتماع الحكومة عن «الصدمة العميقة» نتيجة ما وصفه بعملية «اختطاف وقتل الحاخام كوغان في الإمارات» مهددا بأن بلاده ستتحرك «بكل الوسائل وستحقق العدالة بحق القتلة ومُرسليهم».
كان كوغان يقيم بشكل رسمي في الإمارات بصفته مساعدا للحاخام الأكبر في أبو ظبي، ليفي يتسحاق دوخمان، إضافة إلى كونه مبعوث منظمة تدعى «حاباد» وهي من المنظمات التي لا تؤمن بوجود الفلسطينيين، وتدعو للتخلص منهم وطردهم من فلسطين، وتعارض أي اتفاق يمكن أن يمنحهم جزءا من أراضيهم، وقد نشطت منذ بدء الحرب على غزة بدعم الجيش الإسرائيلي، بالتجهيزات وجمع التبرعات، والحضور بشكل واضح خلال الحرب، كما حصل حين قام عدد من الجنود برفع لافتة على منزل في بيت حانون مطلقين عليه اسم «أول بيت حاباد».
ركّزت السلطات الإماراتية على كون الحاخام القتيل هو من مولدافيا، وأنها تتواصل مع أسرته ومع سفارة مولدافيا، أما التقارير الإسرائيلية فأشارت إلى ولادته في القدس، ودراسته في «يشوف» (مدرسة دينية) وإلى خدمته في الجيش الإسرائيلي، قبل انضمامه وشقيقه إلى «المجتمع اليهودي» في دبي، وافتتاحه «سوبر ماركت» للمآكل اليهودية (الكوشير) قبل أيام من مصرعه.
أشار زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان إلى كوغان بصفته «مبعوث حاباد المخلص والشخص الذي عمل على نشر قيم اليهودية وحب إسرائيل» لكن تصريحات المسؤولين ركزت، على أن الاغتيال سببه «معاداة السامية» أي أن الحاخام قتل بسبب يهوديته فحسب، وبالتالي فلا أسباب سياسية للحادث.
كان لافتا، مع ذلك، افتراق التصريحات الرسمية الإسرائيلية في نقطتين، فبعض هؤلاء المسؤولين (مثل الرئيس يتسحاق هرتسوغ، ووزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار) تحدثوا عن تعاون مع «السلطات في الإمارات» للوصول إلى المسؤولين عن القتل، فيما تحدث بعضهم الآخر، مثل وزيرة المواصلات ميري ريغيف، عن «اليد الطويلة لإسرائيل» التي «ستصل إلى مرتكبي جريمة القتل الشنيعة في الإمارات وستدفعهم الثمن».
ألمحت التقارير الإسرائيلية حول الحادثة إلى مسؤولية ثلاثة أشخاص من أوزبكستان عن تنفيذ الاغتيال، ولكنها وسّعت دائرة الاتهام إلى إيران (وكذلك إلى تركيا بالزعم أن المنفذين هربوا إليها) لكن وزارة الداخلية الإماراتية أعلنت أنها «ألقت القبض على الجناة في حادثة المواطن المولدوفي» وهو ما يُضعف المزاعم الإسرائيلية.
تصريحات نتنياهو والمسؤولين الآخرين، باستخدام «اليد الطويلة» الضاربة لإسرائيل تكرّر إعلانات الغطرسة الإسرائيلية وقدرتها على استباحة سيادة بلدان «الشرق الأوسط» بما في ذلك الإمارات نفسها، التي سبق أن كانت ساحة لعملية خطيرة سابقة للموساد في كانون أول/يناير 2010 حين قامت باغتيال محمود المبحوح، أحد قياديي حركة «حماس».
رغم غموض العملية وعدم جلاء تفاصيلها بعد، فإنه من غير المنطقي استبعاد علاقتها بما يحصل من مقتلة هائلة في غزة، وباشتعال الجبهات في لبنان واليمن، وغارات إسرائيل في العراق وسوريا وإيران.
يثير الاغتيال أيضا السؤال حول «طبيعة» استمرار «التطبيع» وصعوبة، إن لم يكن استحالة تجاهل تداعيات كل ما يحصل (وسيحصل) في كل أرجاء المنطقة.