مطالبة الرئيس القادم بتغيير سياسة أميركا..!
“المدارنت”..
إتفق العديد من خبراء السياسة الخارجية، ومراكز الفكر السياسي في أميركيا، على أن المعضلة الكبرى التي ستواجه الرئيس القادم، تتمثل بالوضع في المنطقة العربية من الشرق الأوسط، وإن عدم تغيير السياسة الأمريكية المتبعة حالياً تجاه أحداث المنطقة، سوف يرتد بالضرر على مصالح الولايات المتحدة ووضعها في المنطقة.
ارتبط بهذا التقييم تحديد الثمانية عشر شهراً القادمة وحتى عام 2026، اختباراً لقدرة أمريكا على امتلاك نظره متغيرة لسلوكها في الشرق الأوسط.
واتفق خبراء مركز CERI على أن الأهمية الاستراتيجية للمنطقة بالنسبة لأمريكا تزداد ولا تتضاءل، وأن القضية الفلسطينية ستظل هي محور التأثير، وإذا ما فشلت جهود إيجاد حلّ نهائي لها، فإن ذلك سيؤثر سلباً في علاقة كثير من دول العالم بالغرب، حيث ستلقي باللوم على دول الغرب عامة، لو حدث الفشل في حل تلك القضية.
ومن بين المشاركين في هذا الجدل معهد بروكينجز، الذي قال: إن المخاطر التي يحملها الشرق الأوسط للرئيس الأمريكي المقبل ستكون عالية جداً، وحيث تفرض الأحداث على رؤساء أمريكا التزام دبلوماسية إيجابية وفعالة، تدفع الأوضاع إلى الحل وليس إلى تجميد القضية مثلما هو الحال الآن. وأياً كانت نتيجة التصرف من أمريكا، إلا أنها ستكون في القلب من أحداث قادمة.
وشارك ستيفن كوك، خبير شؤون الشرق الأوسط وعضو مجلس العلاقات الخارجية في هذا الطرح بقوله: إن أمريكا تحتاج إلى تبني هدف جديد لسياستها في هذه المنطقة، لأن تكرار السياسات نفسها يمثل أكبر التحديات لمصالحها.
ومن ناحيته حدد مركز ستيمسون توقعاته لثلاثة سيناريوهات، قد تحدث إحداها خلال الـ18 شهراً القادمة، تشمل: استمرار القتال، والغارات، على غزة في نطاق محدود عما جرى من قبل، أو تصعيد للحرب والعنف إلى مستويات تزيد عما سبق، أو رؤية أمريكية متغيرة لإيقاف إطلاق النار في غزة، وإعادة تعميرها مادياً ونفسياً.
وقال: إن الشرق الأوسط ظل من بعد يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وحتى الآن منطقه متقلبة للغاية، والتي جرت وراء الحرب في غزة معارك بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.
اتفق الخبراء في مركز ستيمسون، وانضم إليهم خبراء مركز State Craft، على أن أمريكا تحتاج إلى إعادة ترتيب استراتيجيتها عن ذلك، فلم يحدث أن رأينا مثل هذا الموقف المضطرب في المنطقة، ما يجعل مستقبل الشرق الأوسط مظلماً.
ولافت للنظر أن أمريكا تظل أمام هذا المشهد، تلعب دوراً لا يحقق أي نتائج إيجابية، وحتى إذا كانت هناك دول أخرى مارست ضغوطاً، وألقت بثقلها للوصول إلى حل، إلا أنها لا تملك قدرات التأثير في إسرائيل، والمتوافرة لدى الولايات المتحدة، ممثلة في الدعم العسكري، والسياسي، والاقتصادي، والدبلوماسي، بينما تدرك أمريكا وباعتراف مسؤوليها، بأن إسرائيل ليست لديها أي رغبة في وقف إطلاق النار، وحل القضية الفلسطينية.
وفي اجتماع مركز الفكر السياسي الشهير في بريطانيا، والمعروف باسم «شاتهام هاوس»، اتفق خبراؤه على أن الاحتمال الأسوأ لاستمرارية الوضع الحالي على ما هو عليه، هو اشتعال حرب شامله لن تنحصر أضرارها على المنطقة فحسب، بل ستمتد الأضرار لتلحق بالاقتصاد العالمي، ولن تفلت من أضرارها الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وإن كان أصحاب هذا الرأي لا يستبعدون حدوث سيناريو يصيب إسرائيل بالإنهاك.
مؤسسه راند المعروفة بعلاقة تعاملها القوية والتاريخية مع وزاره الدفاع الأمريكية، نشرت رؤية تحت عنوان «إعادة إيجاد تصور لاستراتيجية أمريكية أخرى في الشرق الأوسط»، كتبها أربعة من أبرز خبرائها، وقالوا: إن السياسة التي اتبعتها أمريكا في الشرق الأوسط عبر حكومات متعاقبة، لم تحقق أي إنجاز إيجابي يراعى المصالح الأمريكية في المنطقة.
ودعت هذه الرؤية لإعادة تحديث سياسة أمريكا في الشرق الأوسط، وأن كبار خبراء السياسة والأمن والاقتصاد في الولايات المتحدة يدعون إلى التغيير نحو سياسة أمريكية أفضل مما هي عليه.
كما أن معهد كاتو Cato، وصف سياسة أمريكا في الشرق الأوسط بالفاشلة، بموقفها السلبي أمام حرب الإبادة التي مارستها إسرائيل في غزة.
واتفق معه في هذا الطرح معهد بروكجنز، الذي أدار حواراً تحت عنوان «لا مفر من دور أمريكي أساسي في الشرق الأوسط».
ولحق بهما في هذا الطرح ثلاثة من كبار الخبراء هم، جيفرى كامب وجوان بولا شيك ودانيل بينايم، بالتساؤل الذي اعتبروه مهماً وينتظرون إجابة عليه وهو: هل سيكون هناك دور أمريكي مختلف يدفع الأمور نحو عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين؟.. وهل تستطيع أمريكا منع حرب أوسع مدى في الشرق الأوسط؟..
خلاصة ما اتفق عليه هؤلاء الخبراء، ومراكز البحوث الشهيرة في الولايات المتحدة، أنهم طرحوا رؤيتهم من زاوية تتركز فيما سيفعله الرئيس الذي سيفوز في الانتخابات القريبة، وهل سيمتلك القدرة على تغيير المسار السابق لسياسات أمريكا تجاه المنطقة، والتي افتقدت أي رؤية تتجاوز حالة الفشل في حل الأزمات، بطرح جديد يحقق في المقام الأول مصالح الشعب الأمريكي قبل أي اعتبارات أخرى في حساباته، وكان لسان حالهم يقول: إننا لمنتظرون.