“منظمة العمل اليساري” تدعو الجميع الى التوحّد من أجل استعادة الدولة ومؤسساتها
“المدارنت”..
أكدت “منظمة العمل اليساري الديموقراطي العلماني”، أن “انفجار الصراع داخل الجسم القضائي بين المحقق العدلي في جريمة المرفأ والمدعي العام التمييزي، أبعد من مجرد اختلاف قانوني بين مرجعين يفترض بهما العمل معا، والسعي لكشف حقيقة الجريمة المروعة التي شهدها مرفأ بيروت والمسؤولين عنها”، موضحة أن “انفجار الخلاف على النحو الذي شهده اللبنانيون أكد أن منظومة كاملة من الفساد السياسي – القضائي تحمي محاولات الافلات من العقاب التي سادت وتمادت منذ عقود، هدفها السافر هو تغطية سياسات القوى التي تتحكم بالسطة وإدارة البلاد ومؤسسات الدولة بقوة الأمر الواقع، بالاضافة إلى التعمية على مسؤولياتها عن الانفجار، كما عن كل الممارسات التي أدت إلى انهيار البلد اقتصاديا وماليا واجتماعيا، بما فيه مصرع عدد كبير من القادة السياسيين والاعلاميين والمثقفين اللبنانيين، الذين خرجوا على أحكام الوصاية والهيمنة، سواء من داخل السلطة أو المعارضة”.
وأشارت المنظمة في بيان، الى أن “ما أقدم عليه المدعي العام التمييزي أصاب الضحايا والمجتمع اللبناني برمته، وهو لا يشكل تجاوزا لحقوق اهالي الضحايا والمجتمع اللبناني وحسب، بقدر ما هو تتويج لتواطوء متعمد، شبه جماعي من جانب القوى المتحكمة بالسلطة، هدفه منع وصول أي تحقيق قضائي إلى خواتيمه، وقطع الطريق امام تحقيق العدالة”، ورأت في ذلك “محاولات تضليل التحقيق والسعي للفلفة القضية ومطالبة شركات التأمين دفع التعويضات، وتكرار المطالبة بإقالة المحقق العدلي وسوق الاتهامات ضده والتهديد السافر بقبعه، يضاف إلى ذلك رفض الامتثال للتحقيق من جانب ممثلي قوى سياسية سلطوية، وعدم الانصياع إلى القرارات القضائية، وسط سيل من دعاوى المخاصمة لكف يد القاضي العدلي من قبل بعض المتهمين، انتهاء بإطلاق المدعي العام التمييزي سراح جميع الموقوفين، وطلبه إحالة المحقق العدلي نفسه على التفتيش القضائي”.
أضافت: “انطلاقا من هذه الحيثيات، فإن منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني ترى أن استباحة دماء ضحايا جريمة تفجير المرفأ، يضاف إلى سلسلة جرائم قوى السلطة المافيوية، التي طالت جميع قطاعات الدولة ومرافقها، وهي المسؤولة عن تدمير الاقتصاد والانهيار المالي وإغراق البلاد بالديون، وعن الاستهانة بحقوق جميع اللبنانيين، ونهب مدخراتهم في أبشع جريمة سرقة موصوفة في التاريخ. إن الهجوم على القضاء الذي تمارسه هذه القوى المجرمة، يعرض أمن البلاد والمجتمع لأفدح الأخطار، ويكرس حال الفوضى السياسية والامنية والاجتماعية، ويجعل شريعة الغاب الوحيدة المعتمدة. في موازاة استمرار تعطيل استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية ومنع الحكومة من تصريف الاعمال وتأدية مهمات الحد الادنى، مقابل عجز مجلس النواب عن القيام بدوره الدستوري، فضلا عن مسؤوليته في اعتماد سياسات تلجم الكارثة المتعاظمة. تؤكد المنظمة على ما سبق ودعت إليه انتفاضة تشرين الاول عام 2019، وما أكدته كل المطالبات الاصلاحية محلية ودولية من إلحاح على استقلالية السلطة القضائية عن السلطة السياسية، وضرورة العمل على وضع حد لهيمنتها على القضاء، وتلاعبها بمواقعه، بما فيه رفض اصدار التعيينات التي وضعها مجلس القضاء الاعلى. وهي تدعو القضاء وتطالبه الالتزام بالاصول القانونية التي تحكم مجريات أي تحقيق يستهدف كشف الحقيقة وتحقيق العدالة”.
وشدّدت على ان “إنجاز التحقيق في جريمة المرفأ، لم يعد قضية أهالي الضحايا وحسب، بقدر ما هو من حقوق كل اللبنانيين باعتبارهم من المتضررين المباشرين، الذين يطالبون السلطة القيام بأبسط واجباتها كسلطة مسؤولة، بدل التغطية على الوضع الخطير القائم، والمشهد القضائي الكارثي الذي هو نتاج تعطيل كل ما يمت لدولة القانون والمؤسسات بصلة، وثمرة انعدام مصداقية منظومة الحكم، ومحاولات قواها تكريس لبنان دولة فساد ورشوة ومافيات وعدم تطبيق القوانين، لضمان الإفلات من العقاب، مما يجعل تقديم أي مساعدة لإنقاذ لبنان وشعبه مما يتخبط فيه أمرا غير وارد”.
وأكدت أن “مسار التحقيق في قضية انفجار المرفأ فضح هيمنة قوى السلطة على القضاء، ما يهدد مبدأ العدالة والمساواة بين المتقاضين. كما كشف امعان تلك القوى في استرهان بعض القضاء لخدمة مصالحها وتبرير سياساتها وحماية ممارساتها وتسلطها، باعتبارها فوق القانون، الذي تسري احكامه فقط على المواطنين الضعفاء”، ولفتت إلى أن “التعديات على المواطنين والمحامين والنواب من جانب بعض القوى الأمنية داخل قصر العدل وأمامه، كما في الشارع هو سلوك ميليشيوي، أعجز من أن يفت في عضد المطالبين بتحقيق العدالة، وسوق المتسببين إلى المثول أمام قوس العدالة، ومحاسبتهم على الجريمة التي هالت الرأي العام ليس اللبناني والعربي فحسب، بل الدولي أيضا”.
وختمت المنظمة: “في موازة تحميل قوى السلطة، كل ما آلت إليه اوضاع البلاد، ودفعها نحو مصير مجهول، تجدد المنظمة دعوتها قوى المعارضة من كل الاتجاهات والمشارب السياسية والفكرية، للتوحد والعمل مع جميع الحريصين على استعادة الدولة ومؤسساتها لإنقاذ البلد، وخضوع اللبنانيين لأحكام القضاء كي يبقى لبنان وطنا قابلا للعيش”.