مقالات

هآرتس”: “إسرائيل” آخذة في فقدان مبرر وجودها!

مقر أعضاء “كنيست” كيان الإرهاب الصهيوني

“المدارنت”..
دولة “إسرائيل” آخذة في فقدان مبرر وجودها. دولة “إسرائيل” ليست قيمة في نظر الديموقراطية والإنسانية، الدولة أداة لتطبيق حقوق مواطنيها ورعاياها الذين يعيشون فيها.
الدولة تنظيم سياسي يستهدف خدمة الناس، وإذا لم تفعل ذلك، وبالتأكيد إذا زادت سوء وضعهم، ينعدم مبرر وجودها. ثمة دول، النظام فيها يعمل على تقويض هذا الهدف، دول تخدم الطبقة الحاكمة التي تستغل من لا ينتمي إليها، ولا تهتم برفاهية رعاياها. هذه دول سيئة، مجرمة، مثل البنك الذي يسرق أموال زبائنه. لا مبرر لوجودها. أي مغازلة مع تصور مختلف للدولة هي مثل الرقص مع الفاشية الذي ربما يظهر ساذجاً في البداية، لكن نهايته اعتقال منتقدي النظام في معسكرات اعتقال.
المشروع الإسرائيلي تبجح بإقامة ديمقراطية ليبرالية، لكنه الآن بعيد عن هذا النموذج، ويبتعد أكثر في الاتجاه المعاكس. السمات السامية لجوهر الدولة استبدلت بها قيم ظلامية للكراهية والعنصرية وإسكات الانتقاد وتركيز السلطة في يد الحكام. وأي تقييم صادق للوضع في إسرائيل الآن سيعجز عن إيجاد مبرر لوجود الدولة. تعالوا نلقي نظرة على بعض سمات دولتنا.
دولة إسرائيل 2025 تقودها يد حكومة تهمل مواطنيها. قيل هذا ألف مرة من قبل، لكني أقوله حسب طريقتي: حكومتنا لم تمنع اختطاف مواطنين من الأسرة. وبعد سنة وأربعة أشهر، أصبح واضحاً أنهم جائعون ومتعبون ويتعرضون لتنكيل لا يمكن تخيله، أما الحكومة فتعمل على إفشال الصفقة لإطلاق سراحهم.
ربما هناك أسباب موضوعية لمعارضة صفقة بشروط معينة، لكن تفجير الصفقة الذي يحدث أمام ناظرينا لا ينبع من القلق على أمن إسرائيل، بل يستهدف خدمة أحلام مسيحانية وكولونيالية اليمين الأصولي، وترسيخ بقاء رئيس الحكومة السياسي. كان عليهم أن يقولوا لنا بأنه لا نية للطرد والتوطين، لكنهم يقولون العكس. لذلك، ما دام الأمر يتعلق بحكومة إسرائيل، فسيحكم على المخطوفين الأحياء بالموت من أجل تحقيق أحلام سموتريتش، كي يكون نبوخذ نصر لسكان غزة، ونفيهم وإقامة المستوطنات في القطاع.
المخطوفون سيعانون بسبب الجوع والتعذيب في الأنفاق المظلمة حتى يبقى نتنياهو في المقر الرسمي بشارع بلفور. يكفي هذا التخلي الذي لا يمكن تخيله من أجل التشكيك في المبرر الأساسي لوجود الدولة، وهو حماية المواطنين والتكافل الاجتماعي الذي يضمن لكل مواطن الاهتمام به، وبالتأكيد في حالة التعرض للضرر على يد الاعداء.
النظام في إسرائيل 2025 يكمم أفواه الانتقاد. عندما حدثني والديّ عن حياتهما في بولندا الشيوعية، التي ألغى فيها النظام العروض على أي منصة وحظر كتباً وزج من انتقدوه في السجن، شكرت حظي الجيد لأنني ولدت في دولة لا يحدث فيها كل ذلك. ولكن، كل هذه أمور تحدث للفلسطينيين دائماً، وراء الخط الأخضر وداخله. والآن يحدث للجميع وبشكل كبير جداً.
إدارة مدرسة “بتسور هداسا” ألغت محاضرة للأديبة شاهم سميث، لأنها انتقدت بشدة القتال في غزة؛ والكنيست تمضي بقانون يحظر الاستخدام القانوني لمصطلح “الضفة الغربية” وإلزامنا بالقول “يهودا والسامرة”؛ واقتحمت الشرطة هذا الأسبوع محلاً لبيع الكتب في شرقي القدس واعتقلت أصحابه لأن الكتب التي فيه غير صهيونية. هذا فقط في الفترة الأخيرة. المتظاهرون من أجل الديمقراطية ومن أجل المخطوفين ويعارضون الحرب ها هم يُعتقلون يومياً من الشرطة نفسها ومن النيابة العامة التي تتجاهل كلياً التحريض على جرائم الحرب وتنفيذ جرائم ضد الإنسانية وحتى الإبادة الجماعية، التي أصبحت مصطلحات سائدة في إسرائيل.
النظام في إسرائيل يكره خُمس مواطنيه؛ فهو يميز ضدهم ويطبق سياسة وأساليب تستهدف إبعادهم عن مراكز القوة. كل سنتم مكعب من الهواء في إسرائيل يصرخ في أذنهم أنهم لا ينتمون لهذا المكان، وأنهم هنا بشكل مشروط، بدءاً بنزع الشرعية عن ممثليهم السياسيين، مرورا بعدم الاكتراث بالضربات القاتلة في بلداتهم، وانتهاء بقانون القومية. من كل أنماط الهوية التي يمكن للإنسان في إسرائيل أن يتمتع بها. اليهود – نعم. العرب – ليس حقا.
دولتنا عنصرية، تؤيد التطهير العرقي، تأكل من ينتقدونها وتكره غير اليهود في أوساط مواطنيها، وهي غير رحيمة مع أبنائها الذين تم اختطافهم بدون ذنب، هي بنك يسرق زبائنه، وبعد ذلك التحريض ضدهم. أي مبرر لوجودها؟

المصدر: ميخائيل سفارد/ “هآرتس” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى