“هآرتس” للعالم: هل تنتظر عدالة من جيش عقيدته القتل وتشويه الحقائق وشعب لا يرى أبرياء في غزة؟!
“المدارنت”..
الشبهات التي ثارت فور قتل 15 من رجال الدفاع المدني في رفح في 23 آذار وتفيد بأنها جريمة حرب، تلقى توثيقاً. فنتائج تشريح جثث 14 من القتلى التي كشفت “نيويورك تايمز” النقاب عنها أمس تظهر صورة قاسية لقتل مقصود تعزز شبهات بالإعدام وتشويش الأدلة وإخفاء أحد المشاركين.
وفقاً للتشريحات التي أجراها رئيس وحدة التشريح الجنائي في غزة، فإن 11 من عاملي الدفاع المدني قتلوا بالنار، بينهم أربعة بإطلاق النار على رؤوسهم، وستة في الظهر أو في الصدر، معظمهم تم إطلاق النار عليهم بضع مرات. ثلاثة قتلى آخرون قتلوا أغلب الظن بالشظايا، وأغلب الظن كان انفجار هو سبب جراحاتهم. عثر على بعض الجثث مؤشرات تدل على أنها كانت مربطة أو مكبلة، وجاءت شهادات على أن رجال الدفاع المدني تم إطلاق النار عليهم بعد إخراجهم من مركباتهم. كل هذا يعزز الاشتباه بأن المسعفين أعدموا ميدانياً.
رواية الجيش الإسرائيلي الأولى التي أفادت بأن المركبات تتحرك من دون تنسيق وبدون أضواء الطوارئ، دحضها الشريط الذي وثقه أحد المسعفين القتلى. جثة المسعف الذي وثق الشريط، عثر عليها بعد ذلك وكان مصاباً بالنار في رأسه.
رغم كل هذا، وإسرائيل لم تسمع صرخة. أي من هذه المكتشفات القاسية لم ينجح في إيقاظ الإسرائيليين. فرضية عدم وجود أبرياء في قطاع غزة، أصبحت سوراً واقياً في وجه تحمل المسؤولية. فهذا وضع خطير للغاية: عدم اكتراث الجمهور الإسرائيلي هو أرض خصبة لجرائم الحرب، بما في ذلك قتل رجال الدفاع المدني والأبرياء بعامة بمن فيهم أطفال ورضع.
ثمة تقارير بينت حديثاً أن مسعفاً إضافياً، هو أسعد النصاصرة الذي كان في القافلة التي تعرضت للهجوم، شوهد حياً معتقلاً في أيدي الجنود، لكنه اختفى منذئذ. “الهلال الأحمر” أعلن بأن اللجنة الدولية لـ “الصليب الأحمر” أفادت بأنه محتجز لدى إسرائيل، لكن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي لم يرد على أسئلة “هآرتس” في هذا الشأن. إن اختفاء شخص شوهد حياً في المعتقل مع رفض سلطات إسرائيل التطرق إلى ذلك، لا يجب أن يمر مرور الكرام.
تحقيق الجيش الإسرائيلي ليس ضمانة لكشف الحقيقة، بل سيطمسها؛ فعشرات التحقيقات التي فتحها الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب ولم تؤد إلى لائحة اتهام. شهادات لإطلاق النار على الرأس والظهر، والتقييد، والقبر الجماعي، وتشويش الأدلة – كل هذه ليست أخطاء عملياتية، بل يجب إجراء تحقيق خارجي مستقل وغير متحيز، لفحص ما إذا كانت جريمة حرب ارتكبت حقاً. وإذا كانت إسرائيل تتمنع عن التحقيق، فيجب السماح بتحقيق دولي. إلى أن يحقق وتستوضح كل ملابسات القتل، على إسرائيل أن تفصح عن مكان النصاصرة، وإذا كان في أيدي الجيش الإسرائيلي فعليه أن تحرره فوراً.