هـــيَ رحـلـــــةٌ وقـــــرارُ!
خاص “المدارنت”..
=============
أأنا أسيرُ ؟! وَهَلْ أنا أَختارُ ؟!
ما زلتُ أَسأَلُ في المدى وأحارُ
وإلى يميني هُوَّةٌ تصطادُني
وإلى يَساري لُجَّةٌ وبِحارُ
وأرى ورائيَ .. فالجسورُ تكسَّرَتْ
وأرى أماميَ .. فالأمامُ جِدارُ
حدّقتُ للأعلى وقلتُ مُخاطِبًا
يا أفقَ أجنِحَتي إليكَ فرارُ
أيفِرُّ مرءٌ من سجونِ خَيالِهِ
كفرارِ طَيرٍ إن دنا الإعصارُ
لي رغبةُ السفَرِ الأخيرِ برِحلَتي
وتباعَدَت عَنْ أعيُني الأمصَارُ
أخطو إليها خطوةً فإذا بها
تنأى فتتبعُ إثرَها الأفكارُ
تمضي إلى رحبِ الفضاءِ لتقتَفي
شمسًا تُعاكِسُ نورَها الأقمارُ
شمسًا تُنيرُ وفي قرارَةِ نفسِها
جَزَمَت بأنَّ الإحتراقَ قَرارُ
شمسًا تسيرُ لحتفِها وكأنّها
سئمَتْ مسارًا لا سِواهُ مَسارُ
تَعِبَتْ من الدَّوَرانِ حَولَ فراغِها
كَفَراشةٍ بلَهيبِها الأنوارُ
دَهرًا تدورُ ودَهرُها قنديلُها
وأصَابها من ذا المَدارِ دُوارُ
فمَصيرُها المَحتومُ يومًا تَنطَفي
وإلى صَقيعٍ باردٍ ستُصارُ
لتَصيرَ جُرمًا تائهًا في ظَلمَةٍ
لا تقتَفيهِ بوحشَةٍ أنظارُ
لتصيرَ إثرًا دارِسًا ورِوايَةً
عن نَجمَةٍ عَصَفَتْ بِها الأسرارُ
إثرًا لدِفءٍ كانَ يَومًا عابرًا
فوقَ البسيطَةِ ما استفاقَ نَهارُ
قبلَ الجليدِ وقبلَ آبِدِ لَيلِها
فكذاكَ تفعلُ فعلَها الأقدارُ
وأنا بليلٍ سَوفَ أُطفِئُ شَمعَتي
وكذا تُبدَّلُ بالديارِ دِيارُ
حينَ الرحيلِ فكلُّ حيٍّ راحِلٌ
ولكلِّ حيٍّ في المدى مِقدارُ
للساكنينَ بكلِّ أرضٍ بُرهَةٌ
تَمضي ليبقى بعدَهُم تِذكارُ
فالموتُ إن تخشاهُ نَهرٌ جارِفٌ
أنّا إختَبَأتَ يَضُمُّكَ التَيَّارُ
لا تَكتَرِثْ بالإختيارِ فإنّما
ستُساقُ يَومًا ما لدَيكَ خَيارُ
لا تكتَرِثْ فالموبِقاتُ جميعُها
اجتَمَعَتْ بدارِكَ كَي تغرَّكَ دارُ
ما نَفعُها إن كانَ عمرُكَ فارغًا
إنْ طُوِّلَتْ أو قَُصِّرَتْ أَعمارُ
ومتى نَظَرتَ بحِكمَةٍ ورَوِيّةٍ
لن يستَطيعَ خِداعَكَ الإكثارُ
عجِّلْ برَحلِكَ ما استَطَعتَ فحينَها
سيَزولُ شكُّكَ جنّةٌ أم نارُ
لنْ يَنفَعَ الإبطاءُ في سَيرٍ متى
حانَ النَّوى أو دَمعةٌ مِدرارُ
مهما أطَلتَ إقامَةً فختامُها
في كلِّ حالٍ حُفرَةٌ ودِثارُ
وقبورُ من ولّوا إليكَ شَواهِدٌ
أنَّ السنينَ وإنْ يَطُلنَ قِصارُ
==============