هل تتجه “إسرائيل” لحرب مع “سوريا الجديدة” بذريعة حماية الدروز؟!
“المدارنت”
كان لهجمات سلاح الجو في الأراضي السورية هدفان: الأول تدمير منظومات سلاح استراتيجي تبقت من جيش بشار الأسد وقد تستخدم ضد إسرائيل، والآخر إطلاق رسالة لحاكم سوريا الجديد أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) ورجاله، تحذرهم من مواصلة المواجهات الإجرامية حيال الدروز.
إن ضرب منظومات سلاح استراتيجية سورية، كالمدافع ومخازن السلاح وأساساً منظومات الدفاع الجوي، نابع من تخوف أن يبدأ الشرع في تجنيد رجال من جيش الأسد، يمكنهم استخدام منظومات سلاح كانوا مسؤولين عنها في الماضي، ضد إسرائيل أيضاً.
بالمقابل، ليس لإسرائيل مصلحة للعمل بتواصل في الأراضي السورية كي لا تتهمها الأسرة الدولية بتخريب فرص إعادة البناء تحت الحكام الجدد. وعليه، تفضل هيئة الأركان جمع كمية من الأهداف ومهاجمتها دفعة واحدة حين تنشـأ ظروف تبرر هذا، كالهجمات الحالية على الدروز.
أساس المواجهات بين الجهاديين السُنة الذين يحكمون اليوم في سوريا، والدروز، ديني ويعود إلى القرن الـ 11 الميلادي. الدروز ومبادئهم الدينية، هم في نظر الجهاديين السُنة كفار، ومن الواجب إعادتهم إلى الطريق المستقيم – وإذا ما رفضوا فيجب إزالتهم عن وجه البسيطة، تماماً مثل العلويين الذين يعيشون في سوريا في منطقة الشاطئ في اللاذقية وطرطوس، الذين كانوا أساس قوة نظام عائلة الأسد.
في مقابلة مع شبكة “الجزيرة”، قال الجولاني إنه يسره عودة الدروز إلى “الطريق الصحيح”، فيما يقصد التيار الصحيح في الإسلام. من يعرض الدروز للخطر الآن ليسوا فقط الميليشيات السُنية الجهادية التي تعمل الآن في منطقة دمشق وتنتمي إلى هيئة تحرير الشام، بل معها أيضاً منظمات جهادية تنتمي لـ”داعش” وتعمل في منطقة مدينة درعا جنوبي الجولان السوري قرب الحدود مع الأردن وإسرائيل.
ثمة سبب آخر للهجمات على الدروز في سوريا الآن، وهو أن حكماً مستقلاً اليوم، بمثابة حكم ذاتي مسلح، في منطقة السويداء. يحاول الشرع الآن بسط حكمه على سوريا كلها، بما في ذلك مناطق الأكراد في الشمال الشرقي وعلى مناطق العلويين غربي سوريا؛ كونه ورجاله بالكاد يسيطرون على 60 – 70 في المئة من أراضي الدولة. ولبسط حكمه، يطلب من الدروز أن يدير رجال من جهته حكم الإقليم بدلاً من وجهاء الطائفة الدرزية، مع نزع سلاحهم. وافق الدروز في السويداء على الطلب الأول، لكنهم لا يوافقون على نزع سلاحهم، لأنهم يقدرون بأنهم إذا فعلوا ذلك فسيبقون بلا حماية أمام الجهاديين السُنة ممن سيهاجمونهم من منطقة درعا.
إن إعلانات نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، المتواترة والتي ستأتي إسرائيل بموجبها لمساعدة الدروز (دوافعها سياسية داخلية في إسرائيل) تستخدم كذخيرة دعائية ناجعة للغاية من معارضي الدروز والنظام الجديد في سوريا؛ لتوجيه إسرائيل والدروز ضد نظام الشرع، وبذلك يتسببون بمواجهة عنيفة قد تتطور حتى إلى حرب – وتسقط نظام الشرع.
تتصاعد في إسرائيل الآن أصوات من خارج جهاز الأمن تدعي بأن التدخل في هامش القوى المعقد، التي تتصادم معاً في سوريا، تعرض مقاتلي الجيش الإسرائيلي للخطر دون حاجة، ويجرنا باسم الولاء العاطفي إلى مواجهة قد تصبح حرباً علنية مع حاكم سوريا الحالي.
بالمقابل، يدعي جهاز الأمن بأن لإسرائيل سياسة واضحة صاغها رئيس الوزراء حين قال إن إسرائيل لن تسمح لمحافل إسلامية مسلحة بالتموضع في المنطقة جنوب دمشق وطريق درعا – دمشق، على مسافة نحو 85 كيلومتراً عن الجولان الإسرائيلي، في ظل إدراج الضغوط الدبلوماسية.