تربية وثقافة
أبـنـــاؤنــــا.. والـقـــــراءة!
“المدارنت”..
إن بناء الإنسان الصالح يبدأ من الطفل والأمل في إصلاح المستقبل يكمن في الجيل الحاضر ولن يكون ذلك بغير العناية بتثقيف الناشئة وربطهم بالكلمة المكتوبة وتنمية الوعي القرائي لديهم.
وقد قيل في الأدب الإنكليزي (إن تقدم الجنس البشري يتناسب تناسباً طردياً مع قدرته على مواجهة ظروف البيئة المحيطة به والتغلب عليها) وبالرغم من هذه الحقيقة المؤكدة، فإن وضع أبنائنا الثقافي، اليوم، متدنٍ جداً، على الرغم من أن دساتير العالم في التربية، منذ فجر التاريخ، تعطينا كثيراً من المؤشرات التي نستطيع عن طريقها أن ننشئ جيلاً صالحاً، مع مواجهة حادة لكثير من الصعوبات، من هنا كان التعامل مع الناشئة يتسم بحساسية دقيقة، ويطرح عدداً من الأسئلة خاصة في مجال الكتابة، من يكتب، ولمن نكتب وماذا نكتب؟ وإلى أي شيء نهدف، وما اللغة المناسبة لمراحل الدراسة؟ وغيرها من الأسئلة العاملة في تنشيط عامل الثقافة وتنمية الجيل، فالكتابة موهبة قبل كل شيء وللخط العربي جمالات لا يعرفها إلا القليل وإذا كانت الموهبة تنضج وتنمو بالعلم والخبرة، فإنها ضرورة لتكوين الثقافة المطلوبة للجيل باعتبارات ثلاثة:
1 – اعتبارات تربوية خاصة مع الطفل منذ صغره وحسب مراتب أعماره وبيئاته المختلفة
2 – اعتبارات أدبية وفكرية تؤهله ليحظى ببنية فكرية غنية منذ صغره
3 – اعتبارات فنية خاصة تشمل العبقرية والتفوق الذهني المتفاوت بين الناشئة
إن إحداث نوع من التوازن بين تلك الإعتبارات يفسر تماماً إلى أي مدى يتقبل أبناؤنا ذلك العطاء اللغوي والفني والتربوي معاً، لذلك يجب في العمل على تثقيف الأبناء التركيز على العامل النفسي، فعلة ذلك أن الطفل قبل سن دخوله المدرسة غير إجتماعي وتتغلب عليه روح الأنانية، فهو محاصر في دائرة ضيقة من ذويه وأقاربه، مما ينعكس عليه فلا يفكر إلا في نفسه، ومن خلال الدراسة النفسية له، نرى أنه يغلب عليه طابع البساطة وعدم الدقة والتحديد وفوضى في مفاهيمه وتراكيبه الخاصة في الكلام.
إن اللغة العربية تحتوي على مفردات وتعبيرات ثرية قابلة للإختيار والإستخدام الأنسب في أي مجال، إن مرحلة ما قبل الثقافة مرحلة هامة في تكوين قدرات وملكات الجيل تتبعها عدة مراحل، منها:
مرحلة الإشارة إلى الصور
مرحلة تسمية الأشياء
مرحلة البحث عن المعاني
مرحلة المهارات والنشاطات
مرحلة اكتساب العادات الرئيسية للقراءة والكتابة
مرحلة النمو السريع في إتقان العلوم
مرحلة النضج والتوسع في المفاهيم
على ضوء ما سبق يجب أن نؤكد أن الثقافة المتمثلة بالقراءة الصحيحة وبالكتابة بخط سليم ومدروس تعتبر أساساً وتطبيقاً للنظرة الواقعية والرغبة في تنشئة الجيل الصالح في مجتمعنا.
أخيراً، يقول حكيم قديم (يا بني ضع قلبك وراء كتبك، وأحببها كما تحب أمك، فليس هناك شيء تعلو منزلته على الكتب).
وتحدث يوليوس قيصر يوماً إلى طفله الصغير فقال له (أنا أحكم العالم، وأمك تحكمني، وأنت تحكم أمك، فأنت إذن تحكم العالم كله).
من أجل ذلك كله ينبغي أن يكون كتاب الناشئة دستوراً لجيل الغد الذي سوف يحكم العالم لا محالة.
====================