«أبو يائير» و«أبو شباب»: تمخّض الجبل فولد زُمرة لصوص!

“المدارنت”
اعترف رئيس حكومة الاحتلال (الإرهابي الصهيوني) بنيامين نتنياهو، بأنه صادق على خطط تأمر الجيش الإسرائيلي بتسليح “ميليشيا ياسر أبو شباب” الفلسطينية (العميلة)، التي تعمل بالتهريب والمخدرات واللصوصية والابتزاز ونهب المساعدات الإنسانية والاتجار بها، في منطقة معبر كرم أبو سالم الذي يبسط الاحتلال سيطرته عليه.
وكان نتنياهو قد اضطر إلى الإقرار بهذا الإجراء بعد أن بادر وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان إلى كشف المخطط خلال مؤتمر صحافي، أوضح أيضاً أن ميليشيا أبو شباب على صلة بتنظيم «داعش»، الأمر الذي أثار ضجة في أوساط الأحزاب والقوى خارج الائتلاف الحاكم، بالنظر أيضاً إلى أن العملية تتمّ من دون مصادقة مجلس الحرب، وحتى من دون علم وزراء التطرف أمثال بتسلئيل سموترتش.
وجرياً على مأثور عاداته، كان منتظراً من نتنياهو أن يقرن الاعتراف الاضطراري بطراز من التفاخر بهذه العملية، لأنها في نهاية المطاف سوف تساهم في إضعاف «حماس» حسب رأيه. ولقد تساءل علانية: «ما السيئ في ذلك؟ هذا جيد فقط. إنه ينقذ حياة جنود الجيش الإسرائيلي»، متناسياً أنها لو كانت كذلك بالفعل، فما الذي منعه من اطلاع حكومته عليها، أو على الأقل أقرب المقربين منه؟
وأما دوافع ليبرمان في فضح العملية فلا تخرج عن إطار المناكفة مع نتنياهو وحكومته، وركوب موجة السخط الشعبي ضد سياسات إطالة الحرب وتعريض حياة المزيد من الرهائن لأخطار الموت بفعل القصف الإسرائيلي. كذلك شاء ليبرمان المشاركة في فتح ملفات إضافية تدين مقاربة نتنياهو السياسية والأمنية والعسكرية بصدد القطاع.
غير أن قسطاً من الضجيج الإسرائيلي الداخلي حول تسليح ميليشيا أبو شباب مبعثه أيضاً الخشية من تلطيخ إضافي لصورة دولة الاحتلال في ناظر الرأي العام الدولي، بعد أن تلطخت مراراً وتكراراً بفعل جرائم الحرب والإبادة والتجويع، وتقوضت تباعاً خرافة كونها «واحة الديمقراطية» الوحيدة في الشرق الأوسط.
هذا عدا عن سلسلة حقائق تاريخية برهنت عليها تجارب لجوء قوة محتلة إلى استمالة مجموعات محلية وتحويلها إلى ميليشيات عميلة في وجه الشعب الواقع تحت الاحتلال عموماً، والفصائل المنخرطة في المقاومة خصوصاً. ولعل دولة الاحتلال تستذكر تجربتها الخائبة مع أنطوان لحد و«جيش لبنان الجنوبي» في أعقاب اجتياح لبنان سنة 1982.
وهكذا فإن حظ «أبو يائير»، كما يُعرف نتنياهو، لن يكون أفضل اليوم مع «أبو شباب»، خاصة وأن زعيم هذه العصابة يدرك جيداً أنه منبوذ ومرفوض من غالبية أهل القطاع الساحقة، بصرف النظر عن اتفاق الشارع الشعبي أو اختلافه مع «حماس» وقوى المقاومة الفلسطينية.
وهذه كانت سيرورة حية على امتداد سنوات الحصار الإسرائيلي في الماضي، وهي كذلك اليوم أيضاً مع انقضاء أكثر من 600 يوم على حرب الإبادة الإسرائيلية.
وكما في خطط سابقة أكثر أو أقل فاشية، وأشدّ حماقة في إدراك جوهر المعادلات بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي الأشنع على مدار التاريخ، فإن جبل الاحتلال قد تمخض فلم يلد سوى ميليشيا عميلة هزيلة، وعصابة نهب ولصوصية وجريمة.