أحد الأيام في إربد!
“المدارنت”/ استيقظت على صوت زخات المطر المنهمرة من دون توقف في اربد، المدينة التي اقطنها بعد استيعابي انها تغريبة قسرية قد تطول.
راقبت المطر وحيدة عبر شباكي، ومن دون تردد توجهت الى خزانة ثيابي والتقاط الأنسب لمشوار قررته تحت المطر.
مشوارا اعادني الى بداية علاقتي العاطفية بتيسير، ومجيئه من حلب حيث كان يدرس الادب الإنكليزي الى دمشق، حيث كنت ادرس الهندسة الكهربائية، وكان يوما شتويا بامتياز، قررنا المشي تحت المطر من المزة الى السكن الجامعي على طريق أوتوستراد المزة.
كان حديثا حول الحب، وصولا الى كيفية بناء التنظيم القومي، الذي كنا مؤمنين بأهمية تواجده كأداة في بناء دولة واحده نستحق الحياة فيها..
ضحكنا طويلا طويلا، ونحن نتبادل الحديث، فأحلامنا كانت غنية قوية واسعة تشبه المطر الذي بلل حتى ثيابنا الداخلية، واذكر انني حين وصلت طابق سكني، انني تناولت المنشفة وتوجهت الى الحمام، لأنني اصلا غرقانه من مياه المطر…
لم يكن هناك غيري من يمشي تحت المطر في اربد، حتى تيسير نفسه قد غادر دنياي وبقيت وحيدة، ولكن لست اعاني الوحدة، بإمكاني التوجه الى اللحام السوري ابو عمر وشراء حاجتي غير المستعجلة من اللحم، والحديث عن آخر المستجدات في درعا، وابتسم ابو عمر حين رآني ادخل الملحمة… انه الحنين لمصياف من جعلك تمشين تحت المطر.
اجل انه الحنين. انها امنياتي ان تستطيع تلك الغيمات، وهي تنتقل بين المناطق ان تنقل عواطفي الى هناك، وتنقل روحي التي غادرتني، وتركتني جسدا يرفض التأقلم رغم اقتناع العقل به… مشيت طويلًا.. غابت الضحكات وكانت الدموع تمتزج بالأمطار
وتتساءل ندى؟! أين أصبحت الاحلام؟!
انت أصلا في بلاد الشام، لكنك لاجئه بإقامتك الرسمية.. رفضت وترفضين الإقامة في بلد أوروبي، لأنك تجدين ان الناس في الأردن، هم ناسك وأهلك الذين تتقاسمين معهم الهموم والاحلام، لكن؟؟ انت لاجئه هنا، وكان بإمكانك ان تكوني مواطنه هناك.
واحتدمت وتحتدم فكرة المواطنة واللجوء، واحلام التنظيم القومي وإقامة اللجوء.
عدت الى البيت، لتسخين ابريق المتّه ومتابعة يومي بهدوء ظاهري، وحزن عميق أصبح معجونًا معي.
المصدر: ندى الخش/ صفحة الكاتبة على منصّة “ميتا/ فيسبوك”