أزمة البنزين تتفاقم في لبنان وسعر “تنكة” البنزين أكثر من 60 ألف ليرة لبنانية
خاص “المدارنت”.. تحقيق محمد حمّود
ما يزال اللبنانيون يعانون من تفاقم وتعاظم أزمة المحروقات، وبخاصة مادة البنزين، ولم يغب مشهد طوابير أصحاب السيارات اليومي، أمام محطات الوقود، التي يتفنن أصحابها في أسلوب وطريقة احتكار هذه المادة الحيوية للناس.
ومنذ اكثر من ثلاثة شهور، ما تزال معاناة البقاعيين متواصلة، مع هذه المادة التي باتت أكثر من ضرورية للحياة اليومية للمواطنين والقاطنين على السواء، وما يزال التهريب على مرأى من أصحاب الشأن، يحصل بكل وقاحة، ويسلاسة غير معهودة الى الأراضي السورية، حيث تباع “التنكة” بأكثر من 150 ألف ليرة لبنانية، وفق ما يتردد بين أوساط بعض أبناء المنطقة. وذلك عبر “غالونات” تنقلها سيارات نقل صغيرة، أو سيارات سياحية ذات الدفع الرباعي، والتي تتسع خزانات الوقود فيها لأكثر من 4 “تنكات” بنزين.
وكما هو معلوم، يلجأ أصحاب المحطات الى رفع خراطيم تعبئة الوقود، وفق مزاجهم، ليلا أو نهارا، كما يعملون على تعبئة الوقود في أوقات مختلفة غير منتظمة، ويتحكمون بالسعر والكمية، وفق مشيئتهم، ويقدمون للناس كمية من البنزين مقابل 20 الف ليرة، لكل سيارة، أي اقل من 10 ليرات، باستثناء بعض المحظوظين من زبائنهم، الذي يملأون خزانات سياراتهم من دون أي عناء.
ولا يخفي البقاعيون تذمرهم و(قرفهم) من الحالة التي وصلوا اليها، فقد أكد أحد سائقي السيارات العمومية لـ”المدارنت”، أنه “ينتقل من محطة الى أخرى، من أجل تعبئة خزان سيارته، ليتسنى له العمل طيلة النهار، علما أنه يواظب باستمرار على تعبئة وقود سيارته من إحدى محطات المنطقة، لكن أصحاب المحطة لا يملأون خزان سيارته، بل يقدمون له 10 ليترات، أي نصف “تنكة”، وهي كمية لا تكفيه للذهاب من منطقة الى أخرى، والعودة الى حيث كان”.
وقال سائق عمومي في منطقة الجبل: “أنا أقف في “الطابور” أمام هذه المحطة منذ أكثر من ساعتين، وأخشى ما اخشاه، أن أصل الى المحطة، ويقول لي العامل، نأسف، لقد نفذت كمية البنزين، كما حصل معي أكثر من مرة، في محطات مخصصة لبيع الوقود”.
وأشار سائق آخر في شتورة، الى “إنهم (يتَمَقْطعون) بنا، يعبئون الكمية التي يريدون للزبون، وبالسعر الذي يريدونه، من دون رقابة أو محاسبة”.
وتابع: “أذكر على سبيل المثال، عملت على إيصال أحد الركاب الى مدينة جب جنين، في البقاع الغربي، منذ أيام قليلة، ولاحظت أن كمية الوقود في سيارتي ليست كافية لأعود الى شتورة، وارشدني احدهم الى أن إحدى محطات الوقود تستقبل الزبائن في حينه، ذهبت اليها، وانتظمت في “الطابور”، كما الكثيرين مثلي، وعند وصولي الى المحطة بادرني العامل، (أدّيش بدّك تعبّي)، فقلت له (فوّل إذا في مجال)، رحّب بي (هاشًا باشًا)، وقال: أهلا وسهلا. وعندما فرغ من عمله، قلت له كم هو حسابك، قال “التنكة” بـ60 ألف ليرة، أهلا بكم. وبصراحة، دفعت المال مجبرًا، بعد جدال طويل، كاد ينتهي بمشكلة”.
وقال سائق سيارة خصوصية في تعلبايا: “اعتدت على تعبئة خزان وقود سيارتي من محطة “فلان”، في منطقة تعلبايا، ولكنه خذلني أكثر من مرة، ولم يقدم لي حاجتي من البنزين، لذا أدعو أصحاب السيارات الى مقاطعة المحطات التي لا تخدم الناس، ولا تلبيهم عند الحاجة، اعتبارًا من اليوم، وغدا، وبخاصة، عندما تستقر الأوضاع، هذا إذا استقرت؟!”.
ورأت إحدى السيدات، وهي تنتظر أمام محطة وقود في بيروت، أن “المسؤول عن هذه الحالة، هو غياب الدولة، ربما اصحاب المحطات (محشورين)، وليس لديهم كميات كافية من البنزين، الله اعلم، ولكن السؤال، ما هذه الصدفة الغريبة، والتي يتوفر فيها البنزين في أوقات متفاوتة بين هذه المحطة وتلك، وفجاة ومن دون اي إشارة”.
وعن الوقت الذي أمضته في انتظار دورها لتعبئة البنزين، قالت: أنا أنتظر منذ ساعة تقريبا، وقلت في قرارة نفسي، ربما يكرّموني كسيدة، ويتيحون لي المجال لملء خزان سيارتي بسرعة لأعود الى منزلي، لكنهم لا يحترمون المرأة، ولا يقولون انها سيدة بيتها بحاجة اليها، انه الذل، لكل الناس”.
وعن الأسعار، قالت، “أكد لي ابني أن غالبية محطات الوقود تبيع البنزين في العاصمة بالسعر الرسمي، أيّ 40 الف ليرة، ولكن اين هي هذه المحطات؟! ومتى تفتح أبوابها أمام الناس؟! ولمن؟! نحن شعب لا يستحي، شعب بلا ضمير، وأؤكد ان المسؤولين أسوأ منّا، وأكثر وساخة”، ولكن مهما حصل لا يجوز أن تباع “تنكة” البنزين بـ50 و60 ألف، في هذه الظروف المعيشية الصعبة، كما في البقاع وبعض مناطق الشمال، كما يقول لنا بعض الأصدقاء، والناس جائعة، ليس لديها المال الكافي لإطعام أولادها، الله يساعدنا”.