مقالات

أزمة تشكيل الحكومة الفرنسية!

اليسار الفرنسي يقلب الطاولة ويرفع علم فلسطين في مهرجاناته

“المدارنت”..
أدّى عدم فوز اليمين الفرنسي المتطرف بقيادة «التجمع الوطني» بالأغلبية المطلقة، في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، وحلوله في المركز الثالث، إلى إزاحة حمل ثقيل عن كتفَي الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن فوز اليسار بأن حل في المركز الأول، وحصوله على نحو 182 مقعداً في الجمعية الوطنية من دون تحقيق الأغلبية أيضاً (289 مقعداً)، وضع الرئيس الفرنسي في موقف صعب، إذ بالنسبة إليه فإن اليسار واليمين في كفة واحدة، وخياره بتكليف رئيس الحكومة الجديد هو بين السيّئ، والأسوأ. وكان قد حذّر من أن فوز اليمين، أو اليسار، قد يشعل «حرباً أهلية».
لذلك، لم يقبل استقالة رئيس الحكومة الحالي، غابرييل أتال، وطلب منه البقاء في منصبه بانتظار البحث في البدائل التي تمكّنه من استبعاد اليسار عن السلطة، إذا استطاع، من خلال إقامة تحالف سياسي بين حزبه «النهضة»، والأحزاب الأخرى اليمينية التقليدية، مثل «حزب الجمهوريين»، أو العمل على تفكيك «الجبهة الشعبية الجديدة» اليسارية التي احتلت المركز الأول من خلال اجتذاب الاشتراكيين، وحزب الخضر، بعيداً عن حزب «فرنسا الأبية»، والشيوعيين. لكن يبدو أن هذه المحاولة لم تجِد تجاوباً حتى هذه اللحظة بالإصرار على تحالف «الجبهة».
عملية اختيار رئيس الحكومة تبدو معقدة إلى حد كبير في ظل برلمان منقسم، رغم أن النظام الانتخابي على دورتين هدفه أساساً الحصول على أغلبية برلمانية، على حساب الأحزاب الصغيرة، لتجنّب برلمان منقسم يعجز عن القيام بدوره التشريعي، وهو ما حصل في الانتخابات الأخيرة.
يذكر أنه منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958 بانتخاب الرئيس شارل ديغول، لم يتم انتخاب أغلبية برلمانية نسبيّة سوى مرّتين، الأولى مع ميشال روكار عام 1988، والثانية مع رئيس الوزراء الحالي، غابرييل أتال.
وبما أنه لا يوجد نصّ دستوري يجبر رئيس الجمهورية على اختيار هذه الشخصية، أو تلك، لتولي منصب رئيس الحكومة، في ظل عدم وجود أغلبية برلمانية مطلقة، وبما أن الدستور لا يحدّد أيّ فترة زمنية لتعيين رئيس الحكومة الجديد، من دون أن تمتد لفترة طويلة، فإن أمام الرئيس هامش مناورة سياسية لتجنب تكليف شخصية يسارية، إذا استطاع، خصوصاً وأن تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» التي تحظى بأغلبية نسبية، تصرّ على أن يكون رئيس الحكومة من حصتها، وهي تقوم بحراك واسع في صفوفها للاتفاق على مرشحها لهذا المنصب، وربما يكون الرئيس السابق فرانسوا هولاند، أو أوليفييه فور زعيم الحزب الاشتراكي، أو مارين توندلييه زعيمة «حزب الخضر»، أو فابيان روسيل زعيم الحزب الشيوعي، من بين الأسماء المطروحة.
وقالت زعيمة «حزب الخضر» توندلييه: إن «عملاً جماعياً» يسود داخل الجبهة، وإن «القرارات ستتخذ بطريقة هادئة، وسلمية، وحازمة، وإن ذلك يتم بتوافق الآراء»، وبعد الاتفاق يتم رفع الاسم المرشح إلى رئيس الجمهورية، لكن لا شيء دستورياً يجبر ماكرون على تكليف هذا الشخص بتشكيل الحكومة.
ومع ذلك، فإن اليسار بأغلبيته البسيطة، يحتاج إلى إقامة تحالف مع أحزاب صغيرة، وشخصيات مستقلة، لتشكيل أغلبية برلمانية كي يستطيع أن يحكم، كما هو حال «تحالف معاً» بقيادة «حزب النهضة» الماكروني، الذي حل ثانياً.
هناك مأزق سياسي فعلي يواجه فرنسا، والرئيس ماكرون، أمام انقسام غير مسبوق، وأجندات حزبية متباينة، وربما كل ذلك بسبب قرار الرئيس الفرنسي إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، اعتبرت بأنها «مغامرة».

المصدر: إفتتاحية “الخليج” الإماراتية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى