أسرة فلسطينية تعيش تحت أنقاض منزلها المدمّر هرباً من جحيم النزوح!
“المدارنت”..
فوق ركام منزل مدمر بالكامل في مخيم المغازي للاجئين الفلسطينيين، وسط قطاع غزة، دُفنت معه ذكريات العائلة وضحكات صغارها وغرفهم المليئة باللحظات الأولى من كل شيء لهم، منذ الولادة وحتى 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قررت سيدة فلسطينية الرجوع من أجل العيش مع اكتظاظ ملاجئ النازحين في القطاع، وعدم توفر خيمة للإيواء، هروباً من جحيم النزوح.
تقول اللاجئة الفلسطينية خضرة الشافعي: إن كلّ شيء كان يسير على ما يرام، حتى أتت صواريخ “إسرائيلية” دمرت منزل العائلة، وأحالته إلى أنقاض بالكاد تتمكن من المشي تحتها.
في لحظة واحدة تحوّل المنزل إلى ما يشبه الكهف، والحياة فيه تعيدك إلى الوراء قروناً، كل ما فيه بدائي من إشعال النيران لأغراض الطعام، وحتى قضاء الحاجة، إلا أنه الخيار الوحيد المتوفر لهذه لتجنب ذلَ حياة الخيام والأمراض فيها.
تقطن الأم الفلسطينية الشافعي، وزوجها، وصغارها الستة على أنقاض هذا المنزل، رغم خطر انهياره فوق رؤسهم، بعدما قررت العودة من “مدينة رفح” جنوبي القطاع التي نزحت إليها من مخيم المغازي بعد دمار منزلها، حيث لم تجد لا المأوى المناسب، ولا الأمان مع انعدامه في كافة أنحاء القطاع.
لم تتمكن العائلة من العيش في خيام النزوح أكثر، لا سيما أن القصف الإرهابي الصهيوني صار يكثّف استهداف النازحين في الخيام، وقررت العودة إلى منزلها المدمر للعيش فيه، رغم خطر انهياره وانصباب أكوام الحجارة التي تحيط بهم من كل زاوية على رؤوسهم.
تضيف الشافعي: “صار عنا قصف في الأول من نيسان/ إبريل ونزحنا من مخيم الى رفح ومن رفح، ورجعنا إلى بيتنا ولما عدنا وجدنا كل شيء مدمر، وعدت للسكن في بيتي تحت الركام لأني أخاف على الأولاد من الشظايا والقصف الذي يستهدف الخيام”.
منزل مكون من ثلاثة طبقات، أحاله الاحتلال أثراً بعد عين، لا مأمن فيه ولا هو بمعزل عن القصف المكثف الذي يستهدف مناطق ومخيمات وسط قطاع غزة، ولكن لا خيار أمامهم.
زاوية صغيرة من ركام المنزل، تمكنت الأم من تحويلها إلى مكان لإعداد الطعام، وإلى الأمام قليلاً منه افترش الصغار بقعة صغيرة للجلوس، وربما للنوم أيضاً، عبر وضع بساط صغير لا يكاد يتسع لهم جميعاً، ومن فوقهم تسقط أشعة الشمس وحرارتها من ثقوب أحدثها القصف في السقف الذي يكاد من تبقى منه أن يلتصق بالأرض.
وعن مخاوفها تقول الشافعي: “أخاف؟! نعم.. في بعض الأحيان يشتد القصف بالطبع وأظل واقفة على باب الركام للهروب في أيّ وقت يشتد فيه القصف، إن كتب لنا الله النجاة، وأحياناً يكون القصف عنيفاً وبلطف الله ننجو، وقبل عدة أيام تناثر علينا شظايا القصف ولم ندر ما نفعل”.
وتشكي الأم الفلسطينية حال أطفالها الخائفين على الدوام من أصوات القصف، ولا سيما أصغرهم الذي يتساءل عمّا إذا كان هذا صوت الصاروخ بالفعل، بينما لا تستطيع والدته أن تخفي حقيقة ذلك.
تؤكد الأم أنها عادت لإلباسه حفاضات من جديد، بعد أن استغنى عنها، إلا أنه صار لا يتمالك نفسه من الخوف، ويتبوّل بشكل لا إرادي.
هذا الركام لا يحمي العائلة من حرارة الصيف، كما خيام النزوح تماماً، ولن يحميها لاحقاً من برودة الشتاء والأمطار، إلا أنهم يحاولون الاعتياد عليه، فهو برأيها “لا يقاس بجحيم الخيام التي اضطرت للنزوح إليها من قبل”.
ويحاول ربّ العائلة أيضاً البحث عن عمل يومياً، لتوفير قوت عائلته وطعام صغارها، وبدورها زوجته تشعل النيران مما يتوفر لديها من الأوراق وبقايا الملابس لطهو ما توفر من الطعام.
هذه العائلة ليست الوحيدة في قطاع غزة التي تعيش على ركام المنازل المدمرة، لا سيما في خان يونس، التي عاد النازحون فيها للعيش في بيوتهم المدمرة، بعدما شهدت مخيمات النازحين مجازر مروعة على يد جيش الاحتلال الإرهابي الصهيوني، وكذلك في شمالي قطاع غزة المحاصر فيه أكثر من 700 ألف فلسطيني يشهدون مجاعة وأوضاعاً قاسية وقرر عدد كبير منهم البقاء في منازلهم التي دمرها القصف الإرهابي الصهيوني.
وفي منشور لها اليوم عبر منصة (X)، جددت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” التأكيد أن “لا مكاناً آمناً في قطاع غزة، وأن الأسر تضطر إلى النزوح قسراً من دون مكان تذهب إليه”، مشيرة إلى أن “أوامر الإخلاء في القطاع تحدث بشكل يومي تقريبًا، والملاجئ مكتظة، ويضطر الناس إلى العودة إلى المناطق المدمرة ذات المخاطر العالية الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة”.