أسرى فلسطينيون يروون تفاصيل التعذيب والاعتداءات الجسدية والجنسية!
“المدارنت”
استعرضت مؤسسات الأسرى الفلسطينية، شهادات صادمة وتفاصيل مروعة لحالات التعذيب التي تنفذها سلطات الاحتلال ضد أسرى قطاع غزة، المعتقلين في سجون “تحت الأرض”، ومن أبرزها التعذيب باستخدام الموسيقى الصاخبة والاعتداءات الجنسية والضرب المبرح.
وفي التقرير الذي يشرح أوضاع هؤلاء الأسرى، ذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني شهادات جديدة تضاف إلى سجل الشهادات الصادمة والمروعة عن تفاصيل عاشها معتقلو غزة، خلال عمليات اعتقالهم والتحقيق معهم ونقلهم من سجن إلى سجن، ومن معسكر إلى معسكر على مدار شهور عدة من الاعتقال، واجهوا فيها جرائم ممنهجة في مجملها هي جرائم تعذيب عاشوها لحظة بلحظة منذ اعتقالهم.
وأوضحت الهيئة والنادي أن هذه الشهادات تم الحصول عليها من خلال زيارات هي الأولى، التي تمكنت من إجرائها الطواقم القانونية مؤخراً، وخلالها تمت زيارة مجموعة من المعتقلين في ظروف مشددة، وتحت مستوى عال من الرقابة في قسم (ركيفت) القابع تحت “سجن نيتسان – الرملة”.
زيارة تحت الأرض
وفي تفاصيل الزيارة التي تمت لمجموعة من المعتقلين، يوضح التقرير أنها بدأت بإدخال الطواقم القانونية إلى مدخل بناية تشبه المخزن وهي قديمة، ثم تم فتح باب وهو مدخل لدرج تحت الأرض، بحسب ما وصف المحامون، مليئة بالصراصير والحفر في الأرض والجدران، حيث تمت الزيارات بمرافقة السّجانين وتحت رقابة مشددة.
وقد تمت الإشارة إلى المحامين، بأنه يمنع إخبار المعتقلين بأي شيء يتعلق بعائلاتهم أو شيء يحدث في الخارج، وينقل المحامون عما شاهدوه على الأسرى من علامات الرعب والخوف التي كانت ظاهرة على هيئاتهم، ويوضح المحامون أنه في البداية كانت هناك صعوبات كبيرة بفتح حديث مع أي معتقل، لمستوى الرقابة الذي فرض على الزيارة، ولكن بعد محاولات جرت من قبل المحامين، تمكّنوا من طمأنة المعتقلين والتأكيد لهم أنهم محامون جاءوا لزيارتهم.
واستعرضت الهيئة والنادي بعض إفادات المعتقلين وما تضمنته من تفاصيل صادمة هي امتداد لعشرات الشهادات والإفادات التي تم الحصول عليها من معتقلي غزة منذ بدء “حرب الإبادة”، توضح أن قسم (ركيفت) هو الأشد صعوبة وقسوة من حيث ظروف الاحتجاز مقارنة مع سجون ومعسكرات أخرى للاحتلال.
وذكر المعتقل (س.ج) في إفادته “اعتقلت في شهر ديسمبر 2023، ونُقلت فوراً إلى التّحقيق الذي استمر لمدة 6 أيام، حيث كانت الأشد والأصعب، تعرضتُ خلالها لتحقيق الديسكو والبامبرز، وطوال الستة أيام كنتُ اسمع فقط موسيقى صاخبة جدا، وطوال هذه الأيام، أجبرت على استخدام الحفاضات لقضاء حاجتي، والتي تم تغييرها مرتين فقط”، ويضيف “حرمتُ من الطعام، وكان الماء قليلا جدا، نصف كأس باليوم، وطوال فترة التّحقيق كنت مقيد اليدين، ومعصوب الأعين”.
ولاحقا جرى نقل هذا الأسير من معسكر “سديه تيمان” إلى “سجن عسقلان”، حيث بقي فيه لمدة 45 يوماً، ثم جرى نقله إلى “معتقل المسكوبية” لمدة 85 يوماً، ثم إلى “سجن عوفر”، وأخيراً إلى قسم (ركيفت) في “سجن نيتسان الرملة”.
وقد وصف هذا المعتقل ظروف الاعتقال في قسم (ركيفت) بـ “الأشد صعوبة” مقارنة مع جميع السجون التي نقل إليها على مدار فترة اعتقاله، حيث يتواجد في كل زنزانة ثلاثة أسرى، واحد من بينهم ينام على الأرض، ويقول “الخروج إلى الفورة (ساحة السجن) تتم يوماً بعد يوم، خلالها نبقى مقيدين، علماً أن هذه المساحة لا تدخلها الشمس”، ويشير إلى أنه طوال وجودهم في (الفورة) يتعرضون للإهانة والإذلال، كما يمنع عليهم رفع رؤوسهم طوال تلك الفترة.
متى تشرق الشمس
ومتى تغيب
أما المعتقل (و.ن) فيقول “اعتقلت في شهر ديسمبر 2024، تم استجوابي من قبل جيش الاحتلال قبل نقلي إلى معسكر في غلاف غزة، تعرضتُ للتحقيق من قبل المخابرات، وتم تهديدي وضربي، ولاحقاً تم نقلي إلى (سجن الرملة)، أُعاني اليوم من مشاكل صحيّة، وآلام شديدة في جسدي، والأمر الذي يزيد من معاناتي هو إجبارنا على الجلوس على الركبتين لفترة طويلة، كما أنني تعرضت لاعتداء جنسي من خلال ضربي عبر جهاز التفتيش على أجزاء حساسة من جسدي، اليوم نحن في عزلة تامة عن العالم الخارجي، لا نعلم متى تشرق الشمس، ومتى تغيب، يتم تزويدنا بملابس مهترئة وتالفة لكننا مضطرون على ارتدائها”.
ويضيف “محرمون من توفير ملابس داخلية، إلى جانب كل هذا يجبروننا على شتم أمهاتنا، ونتعرض للضرب والقمع، حيث تسبب ضربي خلال عملية نقلي إلى السجن بكسر أحد أصابعي، مع العلم أن السجانين يستخدمون أسلوب كسر الأصابع وقد حدث ذلك مع أكثر من معتقل”.
إدارة السجن تعاقب الأسرى
من خلال كسر إصبع الإبهام
في نفس السياق أشار المعتقل (خ. د) إلى أنّه تعرض لـ “تحقيق الديسكو”، ولاحقا للتحقيق من قبل مخابرات الاحتلال، وتكرر ذلك من 3-4 مرات، وقال إنهم تعمدوا شبحه على الكرسي لفترات طويلة، ورميه على الأرض وهو مقيد، حيث استمر التحقيق معه لمدة 30 يوما في زنازين “سجن عسقلان”، وطوال هذه المدة تعرض للضرب المبرح، حيث يعاني اليوم من مرض (الجرب -السكايبوس)، والذي أصيب به خلال احتجازه في “سجن عوفر”، وقد استمر معه المرض بعد نقله إلى “سجن الرملة”، واليوم يعاني إلى جانب هذا المرض من أوجاع شديدة في الصدر تزداد حدتها جراء عمليات التقييد التي تتم إلى الخلف، وأشار المعتقل إلى أنّ إدارة السجن تعاقب الأسرى من خلال كسر إصبع الإبهام.
كاميرات داخل الزنازين
توثق تحركات المعتقلين
على مدار الساعة
أما المعتقل (ع.غ) فقد قال “احتجزت لمدة 35 يوما في معسكر سديه تيمان، تعرضتُ لتحقيق الديسكو لمدة خمسة أيام، عند اعتقالي كنت أُعاني من إصابة ولم أتلق أي علاج، وأُصبت بحمى شديدة في بداية الاعتقال، وكنت طوال الوقت أصرخ من شدة الألم في جسدي، هذا بالإضافة إلى كوني أعاني من مشاكل في القلب وقد تعرضت لفقدان للوعي عدة مرات، وكانوا يكتفون فقط بالتأكد أنني على قيد الحياة، في المرحلة الأولى من الاعتقال لم يكن لدي ملابس، أو غطاء كنت أشعر بالبرد الشديد كوني كنت محتجزا في (بركس) مفتوح من عدة جهات مما فاقم من معاناتي”.
ويضيف “على مدار 15 يوماً كنت مقيد اليدين ومعصوب الأعين طوال الوقت، ثم جرى نقلي لاحقاً إلى قسم (ركيفت) في سجن الرملة، في جميع الغرف هنا كاميرات توثق تحركاتنا بشكل دائم، ويمنع علينا الصلاة، ويهددوننا طوال الوقت بالقتل”، ويشير إلى أن عملية إخراجهم لـ “الفورة” تشكل فرصة للسجانين للاعتداء عليهم بالضرب المبرح وإهانتهم وهم مقيدو الأيدي، وقال “لا نرى الشمس نهائياً، نجبر على شتم أمهاتنا، السجان هو من يقرر وقت الاستحمام والمدة، كل ثلاثة أيام يتم تزويد كل زنزانة بلفة ورق للحمّام، كما أنّ كميات الطعام قليلة جداً، نعلم أن هذا وقت الفجر من خلال قيام السّجانين بسحب الفرشات والأغطية”.
وتوضح هيئة الأسرى ونادي الأسير أن هذا القسم يعد واحدا من بين سجون ومعسكرات استحدثها الاحتلال منذ “حرب الإبادة” أو أعيد فتحها مجدداً لاحتجاز معتقلي غزة، ومن أبرزهم “سديه تيمان”، و”عناتوت”، و”معسكر عوفر”، ومعسكر آخر افتتح لمعتقلي الضفة وهو “معسكر منشة”، حيث شكلت هذه المعسكرات العناوين البارزة لجرائم التعذيب، حيث حوّلها الاحتلال إلى حيزات لتعذيب المعتقلين جسدياً ونفسياً بشكل لحظي.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد معتقلي غزة الذين اعترفت بهم إدارة سجون الاحتلال حتى بداية شهر نيسان/ أبريل 2025، بلغ 1747 ممن صنفتهم بـ “المقاتلين غير الشرعيين”، وهذا المعطى لا يشمل جميع معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، فقط يشمل من هم تحت إدارة السّجون.