مقالات

“ألناصريّون” ومواجهة المستجدّاتّ..!

أحمد ذبيان/ لبنان

خاص “المدارنت”..
يعرف الناصريّون القدامى، أنّ كثيرًأ من “الإخوان المسلمون”، رأوا في جمال عبد الناصر ضمانة لمصر وللإسلام، فأيّدوه وانخرطوا معه في مؤسّسات الدولة، بينما اختارت فئة منهم معاداتِه، بناء لارتباطات خارجيّة ورغبة جارفة في الاستحواذ على السلطة.
هم لم يتخلّوا عن فكرهم، لكنّهم تخلّوا عن معارضتِهِم لزعيمٍ رأوا فيه أملًا أو، على الاقلّ، رأوه يملك من القوّة الشعبيّة ما يجعلهم يعدّون إلى المئة قبل أن يتحدّوه.
لم يخب ظنّ هؤلاء؛ فقد قام عبد الناصر، بالاصلاح الزراعيّ وبناء المصانع والمستشفيات والمدارس، وإنشاء البنى التحتيّة للخدمات في كل أنحاء البلاد، وجعل لمصر والعرب مكانة دوليّة يُحسب لها حساب، وتبنّى القضيّة الفلسطينيّة، وحارب من أجلها وساعد كل حركات التحرر في الوطن العربيّ وفي العالم للتخلّص من الاستعمار… إلخ.
كان رهان هؤلاء صائبًا إلى حدّ أنّ تنظيم الإخوان في فترة حكم عبد الناصر، اقتصر على الأعضاء العاملين المناهضين له، بينما كانت الجماهير العربيّة في طول البلاد وعرضها تعبِّر عن حبّها وتأييدها له، بشكل لم يتوفّر لأيّ زعيم سياسيّ في تاريخ البشريّة.
بعدما ما غاب عبد الناصر، استلمهم (الرئيس الراحل أنور) السادات وحرّضهم، بأمر من الأميركان، على كلّ ما كان يمثِّل الرجل الذي أدنى حياته من أجل أمّته. ثمّ كان ما كان ممّأ نعرفه حتّى الآن.
جمال عبد الناصر لم يكن لديه اعتراض على فكر (مؤسس “جماعة الأخوان المسلمين”) حسن البنّا، بل بالعكس كان يحترمه، وقد ألغى جميع الأحزاب في بداية الثورة، ما عدا “الإخوان المسلمون”. لكن قيادتهم في ذلك الوقت، حاولت فرض هيمنتها على الثورة وقراراتها ومسارها، فأثارت حفيظة مجلس قيادة الثورة.
لم يتّخذ عبد الناصر، موقفًأ سلبيًّأ منهم، بل حاول التفاهم معهم واعطاْهم وزارة الاوقاف ووزارة التربية كمؤسسات من ضمن عملهم، لكنّهم أصرّوا على وزارة الداخليّة ووزارة الدفاع، وغير ذلك من المطالب التي جعلت عبد الناصر يرتاب منهم.

كانت نتيجة الأمر، أن انشقّ تنظيم الإخوان، فانضمّ كثير منهم إلى الثورة، واختار بعض القيادات والأعضاء العاملين أن يناهضوها ويحاربوا عبد الناصر، بأيّ طريقة ممكنة، وبالفعل قاموا بأعمال عنف عديدة، ومحاولة اغتيال وانقلاب بقيادة سيِّد قطب وغيره. كان كلّ ذلك يحصل بدعم حضنهم المادِّيّ والعملانيّ الذي وفّرته لهم المملكة العربيّة السعوديّة طيلة فترة حكمه.
بعد غياب
عاى أيّ حال، لم يكن الناصريّون على مستوى إرث جمال عبد الناصر، فخسروا مواقعهم الرسميّة والشعبيّة تباعًا إلى أن أصبحوا يعيشون على هامش الحياة السياسيّة في كل البلاد العربيّة، بعدما كان عبد الناصر مالئ الدنيا وشاغل الناس. ترك لهم جماهيرًا تتماوج بين المحيط والخليج، وعلاقات اقليميّة ودوليّة لا يحلم بها أيّ حزب او  حتّى دولة. بدّدوا إرث ذلك المارد التاريخيّ العظيم، بالتقاتل والتنابذ وتجميع المال، وها هم اليوم، لا يلوون على شيء إلّا على صورة الزعيم وطيب ذاكراه..
لذلك، لماذا لا نعطي، نحن الناصريّون، فرصة للرئيس (السوري) أحمد الشرع، لنرى كيف سيقارب القضايا الجوهريّة التي تُهِمُّنا، ثمّ نبني على الشيء مقتضاه؟!
سوف يقول البعض، وقد قالوا، أنّه إرهابيّ و.. إلخ من المصطلحات. لهؤلاء نقول: كلّ من يقاتل في سبيل قضيّة، أيّ قضيّة، يطلقون عليه كل التعابير التي تعرفونها. بالنسبة لي، لم أكن اتابع ما يحصل في سوريا، منذ سنوات، لأنني اعتبرت أنّ الجميع يسهم في تدمير البلاد وتشريد العباد، بمن فيهم أركان النظام السابق، وكرهتهُم جميعًا، من دون أن التفت إلى الأسماء.
لكن، منذ أن سقط النظام، بدأت البحث في مسألة أحمد الشرع، فوجدت التالي: شاب متحمِّس، إبن حسين الشرع، الناصريّ القوميّ العربيّ، ترك الجامعة في السنة الثانية، وذهب إلى العراق، ليقاتل المحتلّ الأميركيّ الذي غزا العراق ودمّره. أُسِر وسُجِن لعدّة سنوات، ثمّ خرج ودخل في عدّة تنظيمات “إسلاميّة”، وانتهى رئيسًأ للجمهوريّة العربيّة السوريّة.
ألآن، هو على رأس السلطة في بلد تملأه الفوضى والبلبلة، وهو بحاجة إلى الوقت لترتيب الأمور. هو رجل ذكيّ وعمليّ، يستطيع أن ينتقل من رجل ميليشيات إلى رجل دولة، إذا توفّر له الدعم الشعبيّ الكافي من كلّ فئات الشعب السوريّ. لذلك، أنا متفائل وأرى انّه سيضع حلولًا لمسألة الأجانب والمتطرِّفين التي جعلت منهم المآسي بشرًا مختلفين.
ألرئيس أحمد الشرع، سيحافظ على الجمهورية العربيّة السوريّة، ولن يكون تابعًا لأيّ جهة خارجيّة إذا حاز على ثقة ودعم كلّ فئات الشعب السوريّ .
أمّا قضيّة الجولان، والصراع العربيّ/ الصهيونيّ فهذا صراع سيمتدّ إلى أجيال وأجيال، وسيأخذ أشكالًا مختلفة، لن يكون الجدال فيه ذات فائدة، لأنّنا لا نعلم ما يُخَبِّئه المستقبل، لكن كلنا ثقة بأنّ الاحتلال سيزول، وتعود الأرض والحقوق إلى أصحابها.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى