أهوال “أوشفتز” غزة تطارد دولة الاحتلال “الإسرائيلي”!
“المدارنت”..
احتفالات الذكرى الثمانين لتحرير المعتقلين اليهود في معسكر “أوشفيتز” النازي لم تسلم من عواقب قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي أصدر مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حرب الاحتلال السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
نتنياهو نفسه أحجم عن السفر إلى بولندا للمشاركة في الاحتفالات، التي كانت وتظل واحدة من أكثر المناسبات استغلالاً من جانب المسؤولين الإسرائيليين لتضخيم دور الضحية اليهودية والتملص بالتالي من سياسات في التوحش ضد الشعب الفلسطيني فاقت الممارسات النازية. وزير التعليم العالي الذي مثّل دولة الاحتلال في الاحتفالات استقبلته منظمات حقوقية بولندية بطلب إلى السلطات في العاصمة وارسو لاعتقاله بتهمة ارتكاب جرائم حرب، إذ كان طياراً مقاتلاً وسبق له أن شارك في قصف المدنيين الفلسطينيين العزل.
وزير الشتات الإسرائيلي ألغى زيارة إلى العاصمة البلجيكية حيث كان من المقرر أن يلقي كلمة أمام البرلمان الأوروبي، وجاء الإلغاء بقرار من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي استناداً إلى تقديرات جهاز الأمن العام (الشاباك) خشية اعتقاله هناك بناء على شكاوى قضائية تتهمه بارتكاب جرائم حرب. وبذلك فإن هيئة البث العبرية، التي كشفت النقاب عن أسباب إلغاء السفر هذه، تكون قد فضحت زعم مكتب نتنياهو بأن «تحذيرات أمنية» هي سبب امتناع الوزير عن زيارة بروكسل.
الاحتفالات في عواصم أخرى لم تخلُ من منغصات أفقدت مجموعات الضغط الصهيونية صوابهم، خاصة في دبلن حين ذهب رئيس إيرلندا مايكل هغنز إلى إقامة الصلة بين مآسي اليهود في معسكرات الاعتقال النازية، ومآسي الفلسطينيين عموماً وأبناء قطاع غزة خصوصاً. ورغم أن هغنز عقد مقارنة بسيطة بين عوائل الرهائن الإسرائيليين والآلاف من أهالي غزة الباحثين عن أقاربهم في الأنقاض، فقد سارع وزير خارجية الاحتلال إلى وصفه بـ«الشخص الحقير» الذي «يردد أصداء دعايات حماس المعادية للسامية».
هذا النهج الدولي في الحرص على مقاضاة مجرمي الحرب ممثلي الحكومة الإسرائيلية لا يقتصر على المنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني في أربع رياح الأرض، إذ يسري مفعوله داخل دولة الاحتلال ذاتها، وأبرز الأمثلة عليه واقعة الاحتجاج على وزير الشتات نفسه. ذلك لأن الجهة التي دعت الوزير إلى بروكسل تلقت شكوى رفعها 41 فرداً من أقارب الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، و32 من زعماء الجاليات اليهودية في الشتات، تعترض على دعوة وزير «غير مناسب لتمثيل اليهود» لأنه صوّت ضدّ اتفاقية وقف إطلاق النار والتبادل، وهو معروف بتأييده لتيارات اليمين المتطرف في أوروبا.
ولأن دولة الاحتلال أعادت في قطاع غزة إنتاج جرائم حرب مريعة، وارتكبت من المجازر ما يفوق في الوحشية أهوال أوشفتز وفظائع معسكرات الهولوكوست كافة، فإن من المنطقي أن تصبح دولة الاحتلال وساستها طريدة القانون الدولي والمساءلة الحقوقية. فالدولة كيان عنصري استيطاني وأبارتيدي التكوين والبنية، وقادتها مجرمو حرب بالتوصيف الأخلاقي والإدانة القضائية.