أوروبا.. إذا عاد ترامب!
“المدارنت”..
بدأت أوروبا تضرب أخماساً بأسداس، خشية عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
القارة العجوز تشعر بقلق من هذه العودة خشية تكرار سيناريو العلاقات معها بعد فوزه بانتخابات 2016، على الصعيدين الاقتصادي والدفاعي، عندما فرض رسوماً جمركية على واردات الحديد والصلب والألمنيوم الأوروبية بقيمة 14 مليار يورو في العام 2018 «لأسباب تتعلق بالأمن القومي»، ورد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية بقيمة 2.8 مليار يورو على واردات أمريكية لإعادة التوازن، كما فرض ترامب على الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الأطلسي زيادة إسهاماتها بنسبة 2 في المئة من دخلها الوطني في ميزانية الحلف.
ثم تهديده مؤخراً بأن الولايات المتحدة لن تدافع عن أي دولة إذا تعرضت لهجوم من جانب روسيا «إذا لم تدفع لقاء حمايتها». لكل ذلك بدأت أوروبا تتحسس رأسها، بدافع المخاوف من أن يكرر ترامب مواقفه تجاه القارة في حال عودته إلى البيت اّلأبيض، وتمسكه بشعار «أمريكا أولاً» بما يعنيه ذلك من تخلٍ عن التحالف الاستراتيجي عبر الأطلسي، خصوصاً بعد اختيار ترامب لجيمس ديفيد فانس نائباً له وهو المعروف بموقفه المعارض لأوروبا وحلف الأطلسي.
المسؤول الرفيع في وزارة الدفاع البريطانية روب جونسون حذر من «مرحلة مظلمة للغاية»، معرباً عن قلقه من تلاشي قوة حلف الأطلسي مع تراجع اهتمام الولايات المتحدة به.
كذلك فإن أوروبا تبدي قلقاً بالغاً تجاه تداعيات فوز ترامب ونائبه بالنسبة للحرب الأوكرانية، إذ قال الناطق باسم الشؤون الخارجية الألمانية نيلز شميدت إن اختيار فانس نائباً لترامب مثير للقلق «لأنه شخصية أكثر راديكالية من ترامب لجهة رغبته في تعليق جميع المساعدات العسكرية الأمريكية إلى أوكرانيا». وكان فانس قد دعا في وقت سابق أوكرانيا إلى التنازل عن بعض أراضيها لإنهاء الحرب وبدء مفاوضات مع روسيا.
كل هذه المخاوف تتجمع أمام القادة الأوروبيين. ووفقاً لصحيفة فايننشال تايمز فإن بروكسل تعمل على وضع استراتيجية للتعامل مع إدارة ترامب في حال فوزه تقوم على شقين، الشق الأول تقديم صفقة اقتصادية مقنعة لترامب يتم بلورتها، والثاني العمل على صياغة رد انتقامي من خلال إعداد قوائم بالواردات الأمريكية التي يمكن أن تفرض عليها رسوم جمركية بنسبة 50 في المئة أو أكثر.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي قوله «يتعين علينا أن نظهر أننا شركاء للولايات المتحدة ولسنا مشكلة بالنسبة لها.. سنبحث عن صفقات، لكننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا إذا ما استدعى الأمر ذلك، ولن نستسلم للخوف».
إذاً، التحالف الاستراتيجي عبر الأطلسي بين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يمر باختبار حقيقي، بل هو في مأزق حقيقي في حال فوز ترامب نظراً لاحتمال اندلاع حرب اقتصادية بين الطرفين، خصوصاً أن لدى الأوروبيين تجربة مريرة معه على المستويات الاقتصادية والسياسية والدفاعية، وهناك خشية من أن تتكرر.