أيام سوريا الحاسمة وفرص التسوية!
خاص “المدارنت”..
انفجر الوضع في سوريا قبل أيام قليلة، حينما بادرت قوات المعارضة بالهجوم على مواقع النظام حول ادلب، وهي التي كانت تتحضر لتوجيه ضربة ذات شأن لمناطق سيطرة المعارضة في هذه المحافظة.
المبادرة بالهجوم من خلال إطلاق عملية “ردع العدوان / فجر الحرية” أسفر عن اكتساح كل مواقع النظام وصول الى مدينة حلب، وكل ما يتصل بها، وكل مناطق محافظة ادلب، وباتت المعارضة تطرق أبواب حماة، وأفق تحركاتها لم تتوقف، ولاقت قبولا وترحابا من السكان والأهالي.
ولما انهارت قوى النظام. لجأ كعادته إلى الطيران مستعينا بالحليف الروسي، وبوعود الحماية الايرانية. واستهدف الطيران أول ما استهدف المستشفيات في حلب وادلب، والأسواق، والساحات العامة، وكل ما يمكن أن يؤدي إلى ايقاع قتلى ومصابين بين المدنيين.
وقد سارعت القوى الاقليمية ذات التأثير في مجرى هذه المعارك الى التشاور والبحث عن سبيل لمواجهة هذه التطورات، وللأسف لايكاد يوجد بينها بلد عربي واحد ذو تأثير.
وفي خضم المعارك يطرح السؤال عن الفرص الممكنة لوقف القتال والخروج من هذا الوضع، وفتح الباب أمام سوريا لرؤية مستقبل آمن يحفظ لها وحدتها الجغرافية والمجتمعية.
وقد يكون من الواجب هنا التحرر من دائرة الاعلام المضاد وأضاليله، والذي يصور الوضع وكأنه نتاج هجوم المعارضة الذي بدأ في 27/ نوفمبر، ويغفل عن حقيقة أن الأزمة السورية كلها من صناعة النظام، وأن النهج الأمني الدموي هو نهج النظام الذي بدأ في مارس 2011 ولم يتوقف.
ثم إن هذا النظام هو من عطل وعلى مدى تسع سنوات أي منذ العام 2015 حين صدر القرار الدولي 2254 الخاص بالملف السوري تطبيق هذا القرار.
ويماثل هذا التضليل الاعلامي لمجريات الوضع، إعلام العدو الصهيوني ومشايعيه الذي ذهب إلى القول بأن انفجار الوضع في غزة والعدوان الصهيوني المستمر عليها إنما جاء نتيجة عملية “طوفان الأقصى”، ويتناسى هؤلاء الحصار والقتل والاعتداءات المستمرة، وتعطيل كل مبادرة سلمية وكل قرار دولي استهدف معالجة الملف الفلسطيني.
نظام بشار الأسد لا يبدي أي اهتمام فعلي في معالجة الوضع أو في البحث عن مخرج يوفر من دماء السوريين، مع العلم أن هذا الحل واضح ومتاح، لكن نهج النظام الدموي هو الذي يمنع الأخذ به.
فما هو الحل الآني لوقف هذه الحرب، ولوضع سوريا على بداية طريق السلامة؟.
يقوم هذا الحل على عنصرين اثنين:
الأول: إعلان النظام قرارا بتبييض السجون وذلك باطلاق سراح السجناء، والكشف عن مصير المغيبين. وليكون بهذا الإعلان قدم ما يشي بصدق وجدية موقفه.
الثاني:إعلانه الالتزام التام بالقرار الأممي 2254، ومندرجاته.
وأن يوضع هذا وذاك في إطار زمني مضمون دوليا وعربيا وإقليميا.
لينتج عن ذلك وقفا شاملا لاطلاق النار. ومعالجة لكل الأوضاع العسكرية والأمنية استنادا إلى تلك العملية السياسية الأممية.
إن بقاء نظام الأسد في موقغه يعني أنه مستمر في قراره بتدمير سوريا وتفكيكها، وأنه مستمر في سعيه للوصول إلى ما أسماه قبل ذلك “بسوريا المفيدة”، وهذه قد تعني كل شيء، وأي شيء، إلا أن تكون سوريا الموحدة التي نعرفها والتي عشنا فيها، وإليها انتمينا.
وإذ تشير الأطراف الاقليمية والدولية المؤثرة في مسار الأحداث إلى استحالة حسم الأمر عسكريا،
فهل نتوقع أن يقدم نظام بشار الأسد على هذه الخطوة العاقلة؟
الجواب لا إن بقي الروسي والايراني داعمين له، ونعم إن غير هؤلاء موقفهم.
وسيكون البديل لكل هذا استمرار المعارك، ووقوع المزيد من الدمار والقتل، والمزيد من تدمير الوحدة الوطنية للمجتمع السوري.
والأيام القادمة ستحسم في الفرص المتاحة لحل هذا الصراع.